أوباما يعتبر موسكو شريكاً بنّاءً… أهذا مجرّد كلام؟
لطالما عوّدتنا واشنطن بأنّها تفعل ما لا تقوله، لا بل تصرّح عكس ما تفعله أحياناً كثيرة. فتراها تنادي بالحريات والديمقراطيات والسلام وما إلى ذلك، لكنها تحتل بلدناً وتقصف آمنين، وتقتل الأبرياء. تسمعها تصرّح بأنها تحارب الإرهاب، إلا أنّ ضرباتها العسكرية على مدى أكثر من سنة، لم تؤدّ إلى أي تراجع لهذا الإرهاب. أما اليوم، فها هو رئيس الإدارة الأميركية باراك أوباما يصف روسيا بالشريك البنّاء في القضاء على الإرهاب، ولكن؟
هل كلام أوباما مجرّد كلام؟ أو أنّه ينتقل إلى مراحل عملية؟ هذا ما تطرّقت إليه صحيفة «كوميرسانت» الروسية، إذ قالت إنّ أوباما عرض في قمة «آبيك» منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ المنعقد في مانيلا عاصمة الفليبين، وجهة نظره في مسألة: كيف يمكن لموسكو وواشنطن تقريب موقفيهما من الأزمة السورية، محاولاً بذلك تحسين التعاون مع روسيا على تسوية النزاع السوري ومحاربة «داعش»، ومعتبراً موسكو شريكاً بنّاءً. وهذه هي المرة الأولى التي يعتبر فيها أوباما موسكو شريكاً بنّاءً في تسوية الأزمة السورية. وبحسب رأي أوباما، إن الشرط الأساس لتحقيق هذا الأمر، أن تركز روسيا غاراتها الجوّية على مواقع «داعش»، وألا يكون هدفها الدفاع عن بشار الأسد. ومن جانبها كانت موسكو حذرة في ردّها على كلمات أوباما، فوصفها دميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس بوتين بأنها «دعم شفوي لفظي»، وليست استعداداً لـ«التطبيق العملي».
إلى ذلك، نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية مقالاً للكاتب دايفيد غريبر أشار فيه إلى أن قادة الغرب بإمكانهم تدمير تنظيم «داعش» من خلال مطالبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإنهاء هجماته على القوى الكردية في سورية وتركيا والسماح لهم بقتال التنظيم على الأرض. وتساءل عن سبب عدم قيام تركيا بقطع خطوط إمدادات التنظيم.
«كوميرسانت»: أوباما يرى في موسكو شريكاً بنّاءً
تطرّقت صحيفة «كوميرسانت» الروسية إلى ما جاء في خطاب الرئيس الأميركي في قمة «آبيك» المنعقدة في الفليبين، الذي أشار فيه إلى أنّ موسكو شريك بنّاء في مكافحة الإرهاب.
وجاء في المقال: عرض الرئيس الأميركي أوباما في قمة «آبيك» منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ المنعقد في مانيلا عاصمة الفليبين، وجهة نظره في مسألة: كيف يمكن لموسكو وواشنطن تقريب موقفيهما من الأزمة السورية، محاولاً بذلك تحسين التعاون مع روسيا على تسوية النزاع السوري ومحاربة «داعش»، ومعتبراً موسكو شريكاً بنّاءً. وهذه هي المرة الأولى التي يعتبر فيها أوباما موسكو شريكاً بنّاءً في تسوية الأزمة السورية.
وبحسب رأي أوباما، إن الشرط الأساس لتحقيق هذا الأمر، أن تركز روسيا غاراتها الجوّية على مواقع «داعش»، وألا يكون هدفها الدفاع عن بشار الأسد.
كلمات أوباما تعرض سعيه إلى الابتعاد عن الموقف المتشدّد والبحث عن حلول مقبولة من الجانبين لمواجهة تهديدات «داعش».
وقد جاءت كلمات أوباما في شأن اعتبار موسكو شريكاً بنّاءً بعد لقائه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش «قمة العشرين» التي عُقدت مؤخراً في مدينة أنطاليا التركية.
تطرّق أوباما في قمة مانيلا من جديد إلى لقائه الأخير بالرئيس بوتين، وقال إن الولايات المتحدة تأمل أن تعيد روسيا النظر في سلوكها في سورية بعد مأساة تفجير «داعش» إحدى طائراتها. وأضاف: نحن نتمنى أن يحوّل انتباهه المقصود بوتين وانتباه قادة الجيش إلى أنّ «داعش» هو الخطر الفعلي. أي أنّ أوباما كرّر مرة أخرى الاعتراضات الأميركية على العمليات العسكرية للطائرات الروسية في سورية، والتي تفيد بأن موسكو توجّه ضرباتها أساساً لـ«المعارضة السورية».
لم تكن هذه الكلمات تكراراً بسيطاً لموقف الولايات المتحدة، إنما هي تشير إلى الرغبة في الابتعاد عن الخطاب المتشدّد. فهو قال: إن المشكلة تكمن في أنّ موسكو تريد بقاء الأسد في السلطة كالسابق. ولكن هذا الخلاف في وجهات النظر لا يمنعنا من البحث عن سبل لوقف إطلاق النار، ووعد باستمرار الحوار مع روسيا.
من جانبها كانت موسكو حذرة في ردّها على كلمات أوباما، فوصفها دميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس بوتين بأنها «دعم شفوي لفظي»، وليست استعداداً لـ«التطبيق العملي».
من جانبه، أوضح وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ما هو العمل الذي يجب أن تقوم به الولايات المتحدة وحلفاؤها لتجاوز الأخطاء، ولتشكيل ائتلاف دولي يضمّ روسيا لمواجهة «داعش». فالعمليات الإرهابية التي شهدتها باريس أثبتت، بحسب قوله، أن على الغرب التخلّي عن ربط مكافحة «داعش» بمصير بشار الأسد. «لقد تحدّثنا حول هذا الأمر بالتفصيل مع الزملاء الأميركيين، الذين كانوا يصرّون على ذلك. الآن برأيي ليس هناك أدنى شك في أن طرح أيّ شروط مسبقة لتوحيد الجهود ضدّ الإرهاب، خصوصاً ما يسمّى داعش، أمر مرفوض».
أما مدير عام المجلس الروسي للشؤون الدولية أندريه كورتونوف، فقال إن تصريحات أوباما الأخيرة، يجب ألا تعتبر دعوة إلى إقامة حلف عسكري مع موسكو لمحاربة «داعش». لأن المبادرة الرامية إلى توحيد جهود الدول العظمى كان قد طرحها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. ولكن من الخطأ في الوقت نفسه عدم ملاحظة التغيّرات في لهجة الجانب الأميركي في شأن استعداده للتعاون مع موسكو على مختلف المستويات.
وأضاف أن الاجتماعين اللذين جمعا بوتين وأوباما في أروقة الأمم المتحدة وعلى هامش «قمة العشرين» مختلفان جوهرياً، «فقد استمرت الخطابات المتشددّة بعد اجتماع نيويورك، في حين لم تعد واشنطن بعد أنطاليا ترى في موسكو جزءاً من الأزمة السورية، إنما جانباً يساهم في تسويتها».
ومع كلّ هذا، هناك ما يعرقل تقارب مواقف موسكو وواشنطن بسرعة: أولاً، لأجل تحويل المواجهة إلى تعاون، لا بدّ من تجاوز الجمود في تفكير سياسيي الجانبين وعسكرييهما. ثانياً، حلفاء الولايات المتحدة ليسوا جميعاً على استعداد للموافقة على خروج روسيا من شبه العزلة التي تعيشها. ثالثاً، أن مساهمة موسكو في تسوية الأزمة السورية لا تتطابق مع توقّعات عدد من دول المنطقة التي هدفها الوحيد الإطاحة بنظام بشار الأسد. وكي لا يتم هذا التقارب، ستعمل القوى المؤثرة في المملكة السعودية وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة على إفشاله قبل بدايته.
«غارديان»: بإمكان تركيا قطع خطوط إمدادات تنظيم «داعش»
أشار الكاتب دايفيد غريبر إلى أن قادة الغرب بإمكانهم تدمير تنظيم «داعش» من خلال مطالبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإنهاء هجماته على القوى الكردية في سورية وتركيا والسماح لهم بقتال التنظيم على الأرض. وتساءل عن سبب عدم قيام تركيا بقطع خطوط إمدادات التنظيم.
وانتقد الكاتب في مقاله الذي نشره في صحيفة «غارديان» البريطانية تقاعس زعماء الدول الغربية عن التحرّك في مثل هذه الظروف، في أعقاب هجمات باريس، على رغم الوسائل التي كانت لديهم لاستئصال هذا التنظيم وتدميره لأكثر من سنة الآن، لكنهم رفضوا استغلالها.
ولمّح غريبر إلى وجود باعث للاعتقاد بأن حكومة أردوغان تدعم أيضاً فرع تنظيم «القاعدة» في سورية المتمثل في «جبهة النصرة» وعدد من الجماعات المعارِضة الأخرى التي تشاركها أيديولوجيتها الإسلامية المحافظة.
وأشار إلى وجود قائمة طويلة من الأدلة جمعها معهد دراسة حقوق الإنسان في جامعة كولومبيا على الدعم التركي لتنظيم «داعش» في سورية، وهو ما يجيب ـ بحسب رأي الكاتب ـ على سبب عدم قيام تركيا بقطع خطوط إمدادت التنظيم.
«إندبندنت»: لا بديل عن تدمير تنظيم «داعش»
خصّصت صحيفة «إندبندنت» البريطانية مقالها الافتتاحي لطلب تعتزم الحكومة البريطانية تقديمه إلى البرلمان من أجل الترخيص لها بالتدخل في شنّ غارات جوية ضدّ تنظيم «داعش» في سورية.
وتصف الصحيفة الغارات الجوية ضدّ التنظيم في سورية بأنها ضرورة لا بديل عنها. وتقول إن البرلمان البريطاني خذل رئيس الحكومة ديفيد كاميرون، عندما طلب منه ترخيصاً لشنّ غارات جوّية في سورية عام 2013، ولكن بريطانيا تشارك في الحرب ضدّ تنظيم «داعش» في العراق. وهذا ما يجعلها، بحسب الصحيفة، عرضة لهجمات من التنظيم المسلح، مثلما حدث لفرنسا في هجمات باريس، فتنظيم «داعش» عدوّ لبريطانيا مثلما هو عدوّ لفرنسا. وترى الصحيفة أن الظروف التي رفض فيها البرلمان طلب الحكومة عام 2013 تختلف عن الظروف الحالية، لأن الغارات وقتذاك كانت ستوجّه ضدّ جيش النظام السوري، الذي كان يقاتل تنظيم «داعش» وجماعات معارضة أخرى. فالغارت في 2013 كانت ستضعف عدوّ العدوّ، وكانت هناك بدائل، ولكن ما يجري حالياً فلا مكان فيه للمفاوضات، بحسب «إندبندنت»، إنما المطلوب تدمير التنظيم، وسيكون رأي البرلمان إذا كانت بريطانيا ستشارك في تدميره أم ستترك العمل للآخرين.