قالت له
قالت له: بعض الشباب يولدون وهم يشعرون أنهم منذورون للسفر، ويقعون بالحبّ وهم في طريقهم إلى الحلم. وحلمهم بالسفر أن يكونوا قبطاناً على ظهر سفينة، ويتجاذبهم الحبّ مع الحلم. ويحاولون التوفيق باختراع الحلول الوسط. وأنا لا أريد دوراً يخرّب عليك الحلم، ليس من باب التصحية، إنما من باب أنانيتي في الحبّ مرّتين. فمرّة أنا لا أتقاسمك مع أحد آخر، فكيف مع حلم آخر؟ وأنانيتي الثانية أنني أريد تجنيب نفسي دور مخرّب على أحلامك، أو يقاسمها وقتك ونفسك وورحك. وأعذّب نفسي بردود فعلك عند كلّ منعطف، ترميني بنظرات اللوم، مفترضاً أن وجودي سبب عثراتك. وفي قمة التحلّي بالإيثار والتضجية من باب الأنانية، قرّرت أن أهبك حرّيتك وحقك بالرحيل، وخوض الحلم. ومتى خضت أحلامك، صرتَ صالحاَ للحبّ، وصرتَ لا تقيس جدواه بقدر اقترابك من الحلم. فالحب لا يحيا إلا إذا صار الحلم الوحيد. والعشاق الذين يتعبون ويتعذّبون ويتسببون بعذاب أحبائهم، هم أصحاب الأحلام التي لم تتحقق، وقطعها الحبّ في منتصف الطريق. فلا أريد معك تعويضاً عن ملاقاتي في منتصف الطريق، ولا أن تعود معي إلى أوّلها. والأكيد أنني لن أشاركك الطريق التي تخصك إلى نهايتها، وهي ليست طريقي، وهي ككل طريق مليئة بالمفاجآت. إنما ستكون مفاجآتها سبباً لفراقنا. فخذ حلمك وأمضِ، وقلبي سيدعو لك بالتوفيق. وإن بقي من العمر ما يكفي بعد نجاحك أو فشلك، وبقي لي مكان في طريق جديدة نرسمها معاً، ستجدني أنتظر.
فسمع وهزّ رأسه وقال: أحترم قرارك.
وقبل أن يمضي قالت: يحترم الرجال آراء النساء عندما تناسب مقاسات قراراتهم وتجنّبهم حرج الاعتراف بالهروب… ومضت!