هل كان فخاً لفرنسا؟

بعد تفجيري بيروت وباريس الإرهابيين، ها هي القارة الأفريقية اليوم تقع أسيرة عملية إرهابية جديدة ليجتمع العالم عند الأزمة نفسها. ها هو الإرهاب يتمدّد إلى مالي بإعلان حرب على فرنسا، ومصالحها في كلّ أنحاء العالم باتت هدفاً للإرهابيين لأنّ فرنسا هي البلد المُهيأ ليستقطب «داعش» الطابع الشعبي للتطرف الذي احتضنه من التكفيريين.

الهجوم «الداعشي» على فرنسا لم يعد يُبرّر، كردّ فعل على دخولها في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، فالولايات المتحدة الأميركية هي أم التحالف الدولي في العالم، ورغم ذلك لم تستهدف كأولوية عند «داعش» للاقتصاص منها.

هناك شيء حصل منذ أحداث باريس الإرهابية وفيه ضرورة ومصلحة «إسرائيلية» وأميركية، وهو أنّ الهالة التي فرضتها روسيا واكتساح المشهد في الذهنية العربية والدولية على أنها المخلَص أو المنقذ وهي الطرف الجدّي الوحيد في مكافحة الإرهاب لن تبقى كذلك، بل تمّ توجيه الأنظار نحو فرنسا التي يبدو أنها تعتزم الدخول إلى المعركة جدياً هذه المرة كانعطافة باتت ضرورية أمام السلطات الفرنسية والرأي العام والمسؤولية الوطنية بعد تبني «داعش» مسؤولية حصد أرواح فرنسية بريئة، وبالتالي فإنّ القرار الفرنسي بدخول المعركة محسوم لكنه متوقع وهو حساب مسبق عند الذين خططوا للعمليات وهم استخباريون محترفون وقد استدرجوها إلى ذلك، ما يطرح علامات استفهام حول الدول التي استخدمت باريس منصّة لمحطة مفصلية.

على هذا الأساس ربما نجحت التفجيرات في بث الغبار على الهجوم الروسي الساحق ومنعت التفرد الروسي أيضاً في المعركة الدولية الكبرى والأكثر أولوية وهي مكافحة الإرهاب وتسعى إلى منع روسيا من التقدم، منفردة، نحو الانتصار لكنّ موسكو تصرفت بذكاء وأطلقت اسم الحليف على الفرنسيين في هذه المعركة فوراً… هذا الإحراج الذي شكلته الخطوة الروسية بالمشاركة العسكرية في روسيا للغرب والأميركيين، تؤكد عدم التنسيق الروسي بتاتاً مع أميركا قبل التوجه إلى سورية، عكس ما أُشيع.

إذاً، يبدو «داعش» في مأزق الاكتساح الروسي والتيقن بأنّ مصيره في سورية والعراق بات على المحكّ، وأنّ فرنسا ستكون مدخلاً أساسياً يدخل عبره إلى أوروبا نظراً للبيئة الحاضنة الأخطر، بحسب التقارير، والتي تتألف من مهاجرين مسلمين من أصول جزائرية ومغربية.

يبدو أنّ استدراج فرنسا إلى حرب مكافحة الإرهاب يحمل جانبين الأول يصبّ في المصلحة الأميركية بإغلاق باب التفرد على روسيا الذي سيسمح لها بانتصار سياسي وديبلوماسي أيضاً، ويؤسِّس لمرحلة روسية كبرى في الشرق الأوسط. أما الجانب الثاني من الفخ الذي وقعت فيه فرنسا والذي تستفيد منه «إسرائيل»، بطبيعة الحال، فيتمثل بإعادة اليهود إلى «إسرائيل»، وقد دعاهم رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو إلى ذلك بعد حوادث باريس قائلاً إنّ قطاراً جوياً بانتظارهم ليعيدهم إلى تل أبيب ولم تكن المرة الأولى فقد سبق ودعاهم فور قوع حادثة «شارلي إيبدو».

الشعب الفرنسي وقع أيضاً عند مواقفه الداعمة لفلسطين، فكلّ الحركات الوازنة مصدرها فرنسا وهي الدولة الوحيدة الحليفة لـ»إسرائيل» والتي اضطرت إلى نشر مشروع فرنسي مراقبين دوليين في المسجد الأقصى والقاعدة الشعبية في فرنسا تُعاقب اليوم.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى