لماذا ظهر ليفي في سنجار مع البرزاني؟
بغداد ـ مصطفى حكمت العراقي
يتزايد يوماً بعد يوم التمدّد الكردي على الأراضي المجاورة لإقليم كردستان، فبعد أن تم تحرير محافظة ديالى قبل أكثر من عام نشاهد ان قوات البيشمركة منعت الآلاف من العوائل العربية والتركمانية من العودة الى مناطقها المحررة بحجة أنها أراضٍ كردستانية. وهذا ما تم رفضه من قيادات الحشد الشعبي التي وصفت هذه الأعمال بالاحتلال الكردي.
استمرت هذه الممارسات في باقي الأراضي ذات الوجود الكردي وأدت إلى حصول اشتباكات مسلحة بين الحشد الشعبي وقوات البيشمركة، كما حصل في قضاء الطوز، وهو احد اقضية محافظة صلاح الدين ذات الأغلبية التركمانية، حيث شهد القضاء في الايام الماضية أعمال تخريب واسعة ومحاولات اغتيال لبعض قادة الحشد الشعبي مما أدى الى تدخل المرجعية الدينية ومطالبتها أهل الحكمة والعقل لحل الامور بطريقة سلمية قانونية، ولكن الحدث الأخير الذي أثار حفيظة الشعب العراقي هو تحرير قضاء سنجار بطريقة توحي بأن القضاء تم تسليمه لقوات البيشمركة من دون قتال حتى أصبح البعض يشك في أن داعش لم يكن موجوداً في المنطقة أصلاً، لأن التجربة أثبتت أن التنظيم الإرهابي لا يترك المناطق التي استحوذ عليها إلا بقتال مرير وضحايا كثيرة يقدمها التنظيم قبل أن يخرج وإن خرج يترك المنطقة مليئة بالألغام والعبوات. وهذا ما لم يحدث في تحرير سنجار وما حصل عملياً في جميع المعارك السابقة مع التنظيم الإرهابي.
هذه التكهنات ازدادت بشكل كبير بعد أن أظهرت صور ملتقطة من سنجار لمجموعة من قوات البيشمركة مع المرشح الرئاسي «الإسرائيلي» السابق برنارد ليفي، ما وصفه ائتلاف دولة القانون بأنه أمر ليس بالغريب، حيث لم يعد خافياً ارتباط رئيس الإقليم مسعود البرزاني بالأجندة «الإسرائيلية» في المنطقة. وهو ما لم يتم نفيه من قبل حكومة الإقليم مما يؤكد وجود ليفي في سنجار.
اسباب هذه الزيارة، حسب بعض المراقبين، هي لزيادة الدعم المقدم للبيشمركة والمساهمة في إبقاء مسعود برزاني في السلطة اكبر وقت ممكن.
من الامور البديهية في عالم السياسة هو أن تعامل الدول والمكوّنات مع بعضها البعض يتم على أساس المصالح المشتركة فهل من المنطقي أن تقوم الولايات المتحدة واغلب دول الاتحاد الأوروبي بتزويد قوات البيشمركة بالسلاح والذخائر ومستلزمات المعركة كافة بالمجان من دون أن يكون هنالك مصالح تقتضي هذا الدعم؟ مع العلم أن الحكومة العراقية لديها صفقات سلاح مع أغلب هذه الدول والأموال مدفوعة مسبقاً ولم يتم تزويد العراق بالسلاح، بالرغم من أننا نعيش حالة حرب مفتوحة مع التنظيم الإرهابي.
الجانب الأميركي كان ولا يزال المدافع الأكبر عن حقوق إقليم كردستان في العراق حتى أن نائب الرئيس الأميركي بايدن دعا في اكثر من مرة الى اقامة الأقاليم الثلاثة ودمج الإقليم السني مع إقليم كردستان، خصوصاً أن اغلب المناطق المجاورة لإقليم كردستان هي ذات أغلبية سنية اما وزير الدفاع الأميركي فأكد بشكل واضح في جلسة الكونغرس الأخيرة أن قوات البيشمركة هي الحليف الأفضل والأقوى للولايات المتحدة في العراق ويجب ان نستمر بدعمها والمناطق التي لا توجد فيها قوات عراقية يجب أن تخضع لسيطرة البيشمركة. لهذه الأسباب استغنى الإقليم عن فكرة الاستقلال وإقامة الدولة الكردية، خصوصا ان الوضع الإقليمي والدولي لا يسمح بقيامها في المستقبل القريب حيث تم إسناد تنفيذ الدور الأميركي في العراق للقيادة الكردية، خصوصاً بعد ان سقط الحليف الشيعي بقيام تجربة الحشد الشعبي المدعوم إيرانياً والمؤيد بشكل واضح لمحور الممانعة في المنطقة، وكذلك ضعف القيادة السنية وانقسامها بين المحاور المختلفة. وهو ما جعل نائب الرئيس العراقي السابق اسامة النجيفي يقول إن الموصل ستتحرر من دون قتال، كما حصل في سنجار، مما يؤكد وجود اتفاقات سرية لجعل البيشمركة هي المسيطر الأكبر على شمال العراق وكذلك جعلها القوة الأكثر والأقوى تسليحاً على الأرض.
إن الحل الأمثل لوقف هذه المخططات، بحسب مراقبين وقيادات سياسية عسكرية من الجيش العراقي والحشد الشعبي هو التعجيل بحسم معركة الأنبار والإمساك بالأرض من العشائر المؤيدة للحكومة العراقية وعودة الأهالي الى مناطقهم ليتسنى للقوات الأمنية والحشد الشعبي التوجّه لمعركة تحرير الموصل قبل أن ينجح التخطيط الأميركي بالتعاون مع إقليم كردستان بتسليم الموصل للكرد من دون عناء.
المخطط الأميركي لن يمر بسهولة، حتى وإن تطلب سقوط دماء كما حصل في قضاء الطوز. وهذا ما اكده امين عام عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي وامين عام منظمة بدر هادي العامري، حيث أكدا أن الحشد الشعبي سيتواجد في أي مكان لا يخضع لسيطرة الدولة ولن يمنعه في ذلك أي قوة سواء كانت البيشمركة أو داعش أو غيرهما.