ما بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية؟
حميدي العبدالله
حدث إسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية من قبل طائرات تركية، «حدث خطير» كما أشار تعليق الكرملين الأول على هذه العملية.
الحدث لم يكن صاعقة في سماء صافية، ولم يكن نتيجة اختراق الطائرة الروسية للأجواء التركية. تصريحات المسؤولين الأتراك التي سبقت إسقاط الطائرة وتحديداً بعد هجوم الجيش السوري بمساندة الطائرات الروسية على المنطقة المحاذية للحدود التركية، والتهديدات التركية التي أعقبت ذلك، هي التي تفسّر هذا الاعتداء الجديد على السيادة السورية، وهي تؤكد أيضاً أنّ ما يسمّى بالمقاتلين التركمان هم مجرد واجهة لوجود قوات تركية تقاتل على الأرض إلى جانب الإرهابيين وتؤكد من جديد أنّ سورية لا تواجه إرهابيين جاؤوا من أكثر من مئة دولة، وبلغ عديدهم عشرات الألوف، حسب اعتراف «المرصد السوري» الذي أكد سقوط 40 ألف مقاتل أجنبي على أيدي الجيش السوري وحسب، بل تواجه تدخلاًَ عسكرياً تشارك فيه تركيا وقطر والسعودية.
بعد هذا الاعتداء وإسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية، وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الروسية التي أكدت أيضاً أنّ لديها ما يثبت هذه الحقيقة، فإنّ تركيا بدأت مواجهة ليس فقط مع الدولة السورية، بل مع روسيا، وأول شهيد روسي يسقط في سورية، لم يسقط على أيدي الإرهابيين، ولا بسلاح غربي تمّ إرساله إلى الإرهابيين، كما كان يحدث في أفغانستان، عندما كان الجيش السوفياتي يقاتل هناك ضدّ الإرهابيين، بل سقط بنيران طائرات تركية، وهذا أمر ستكون له تداعيات أكيدة، قد يكون من الصعب في هذه اللحظة معرفة طبيعة هذه التداعيات. ولكن يمكن القول بوضوح وبشكل قاطع، مخطئ من يعتقد أنّ هذا الحادث سوف يدفع روسيا إلى التراجع أو المساومة مع تركيا ومع الناتو والغرب، ولعل ردّ الفعل الأول المتمثل بإلغاء زيارة كانت مقرّرة لوزير خارجية روسيا إلى تركيا مؤشر واضح على ردّ الفعل الروسي، لكن هذا مجرد ردّ سياسي يعبّر عن مستوى الغضب، والأرجح أنه بعد استكمال التحقيقات والتحرك الدبلوماسي لمعرفة أبعاد وأسباب هذا الاعتداء الأخير، فإنّ الردّ الروسي لن يكون سياسياً ودبلوماسياً، وثمة احتمالان، الاحتمال الأول، أن تعتذر تركيا، وتلتزم بعدم تكرار اعتراض عمل الطائرات الروسية في سورية، والاحتمال الثاني، مواجهة ردّ من طبيعة عسكرية وتحمّل أنقرة عواقب ذلك.