الغرب يُنصِّب أبو بلال الأردوغاني أميراً جديداً لـ«داعش»…
سعدالله الخليل
«في الطبيعة لا يفنى شيء ولا شيء يخلق من العدم، إنما الكلّ يتحول من شكل إلى آخر». هكذا صاغ عالم الكيمياء الشهير أنطوان دي لافوازيه قانون مصونية الطاقة الشهير والذي يعدّ أهم قوانين الكيمياء وعلى أساسه بُنيت نظرياتٌ في علوم الحياة وفُسرت ظواهر وتحولات طبيعية عدة.
وفي عصر الثورات الغربية لم تشفع عبقرية لافوازيه له بالنجاة من مصقلة الثورة الفرنسية وكشاهد على همجية ثورات الغرب خلّد التاريخ العبارة الشهيرة «إنّ الثورة لا تحتاج إلى عباقرة» والتي بموجبها أمر القاضي بقطع رأس العالم الجليل بحضور صديقه العالم لابلاس الذي قال: «لقد استغرق حزّ عنقه دقيقة من الزمن، لكنّ فرنسا تحتاج إلى مئة عام حتى تلد عالماً آخر مثله».
أجرمت أوروبا في حقّ لافوازيه مرتين الأولى حين أعدمته دون أن تفهم نظرياته كسائر العلماء الذين اغتالتهم ثورات لا تحتاج إلا إلى الرعاع وهي حقيقة عادت إلى الظهور بعد عدة قرون في الفكر والسلوك الغربي في أكثر من مكان حول العالم وآخرها العالم العربي، والثانية حين اعتقدت أنّ الحضارة كفيلة بقطع جذور «الداعشية» المتغلغلة في بنيتها والتي عادت إلى الظهور في العقود الأخيرة، بأشكال متعدّدة، بعد ما شهدته حوادث باريس الأخيرة، كنموذج لعودة الفكر المتطرف في المشهد الأوروبي الذي، وإن تغير في الشكل والعناوين بعد أن حمل صبغة إسلامية، فإنّ عمقه الفكري وقابلية المجتمع الأوروبي للتأقلم معه تمتد إلى قرون سابقة، بالرغم من محاولة السلطات الأوروبية إظهارها، كنتيجة لموجات اللجوء التي تجتاح القارة العجوز، وتُحمّل الوافدين الجدد مسؤولية الوقوف وراء رفع حالة التأهب والإجراءات الأمنية المشددة وحالة الذعر التي تشهدها بلدان عدة من ألمانيا إلى بلجيكا التي عرض ملكها بوداون في ستينات القرن الماضي على الملك السعودي إنشاء مركز إسلامي وتوظيف دعاة سعوديين في بلجيكا لتأمين صفقات النفط وهو ما يكشف بعض جوانب التغلغل الوهّابي في المجتمع الأوروبي الذي تقطف ثماره على أراضيها حيث نمت الجذور وحان موسم الحصاد.
وبين «داعشية» الغرب و«داعشية» الشرق تشكل تركيا جسر العبور الأمثل بالاتجاهين حيث كشفت تطورات الأزمة السورية عمق التورط التركي في إنشاء ورعاية ودعم تنظيم «داعش» الإرهابي وهو ما دفع زعيم الجناح التركي لتنظيم الإخوان المسلمين الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إعلان الحرب على موسكو دفاعاً عن إرهابيي «داعش» عقب الغارات الروسية التي استهدفت البنية التحتية للتنظيم بالتنسيق مع الحكومة السورية. وتأتي حادثة إسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية كآخر محاولات أبو بلال المستميتة لتغيير قواعد اللعبة في المشهد السوري للحفاظ على مكتسبات التنظيمات المحسوبة على أنقرة والمنهارة أمام الضربات الروسية السورية.
حاول الرئيس التركي اختبار جدية تهديد روسيا للدول الراعية لتنظيم «داعش» والتي تقف تركيا على رأس قائمتها، وتجرأ على قطع آخر خيوط علاقة بلاده مع روسيا التي سارعت، على لسان رئيسها فلاديمير بوتين، إلى الإعلان عن عدم التهاون مع تركيا في مغامرتها بالدفاع عن تنظيم «داعش» في ظلّ عدم تهديد طائرات موسكو للأمن القومي التركي وحمّلتها مسؤولية توتير العلاقات بين البلدين وقطع العلاقات الاقتصادية والعسكرية. وفي أول الردود الروسية يأتي القرار بنشر صواريخ S400 في سورية لمنع تكرار هكذا حوادث.
بعد إسقاط الطيران التركي الطائرة الروسية يعلن الغرب تنصيب أبو بلال الأردوغاني أميراً لتنظيم «داعش» الجديد والمدافع الأول عنه والناطق باسمه.
«توب نيوز»