هل يرفع «داعش» أسهم جان قهوجي الرئاسية؟
روزانا رمّال
لبنان بلا رئيس جمهورية حتى الساعة، واللبنانيون لم يتوافقوا في ما بينهم على اسم يمكّن مجلس النواب من إنجاز الاستحقاق الدستوري، وجعل الدخان الابيض يتصاعد في أجواء البلاد، بل على العكس من ذلك، فإنّ بعض المرشحين لرئاسة الجمهورية كان الهدف من ترشحهم قطع الطريق نهائياً أمام من كان ممكناً وبجدية التوافق على اسمه، حيث يشكل حوله قاعدة شعبية أساسية من المسيحيين خصوصاً، ويحظى بتوافق ملحوظ من جزء لا يُستهان به من اللبنانيين عموماً.
كلّ هذا طبيعي، ولطالما وُضع في إطار اعتياد اللبنانيين على انتظار إشارات الخارج للشروع في انتخاب رئيس يختاره «الخارج» أيضاً نتيجة حسابات إقليمية ودولية وصفقات وغيرها…
لم يتغيّر شيء، ولا يزال لبنان في حاجة إلى ضوء اخضر دولي إقليمي للتقدم نحو إنجاز استحقاق أساسي في البلاد، تبقى الحاجة إليه دستورية قبل ايّ شيء، إلا انّ المتغيّر هو انّ منسوب التوتر والقلق الحقيقي على لبنان أمنياً قد ازداد بعد التفجيرات المتتالية التي ضربت البلاد والبيانات التي يطلقها تنظيم «داعش» عن غزوات وانغماسيين يعدون لبنان بالمزيد، ما يعزز الحاجة إلى حلحلة الملف الرئاسي لصعوبة تولي الحكومة ورئيسها صلاحيات حقيقية، وعليه فإنّ مصادر ديبلوماسية تؤكد أنه بات هناك ضرورات دولية لتسريع ملء الفراغ الرئاسي في لبنان، والعمل على حلحلة هذا الملف بعد انسداد رئاسي وسياسي واضح، فرئيس الحكومة تمام سلام لا يستطيع تولي صلاحيات حقيقية في ظلّ حساسية مسيحية تجاه هذا الأمر، والحاجة إلى رئيس أصبحت أساسية. وتؤكد المعلومات انّ امن لبنان أولوية للغرب وللجميع، وعلى هذا الأساس ترى المصادر عينها ان ما يجري في المنطقة وخصوصاً العراق من مدّ لتنظيم «داعش»، وما يُحكى عن انفجارات مقبلة في لبنان، أمر يعزز فرص طرح قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي اسماً يلتف حوله اللبنانيون كحاجة وطنية أمنية بالدرجة الأولى، بخاصة وسط عدم القدرة على الانتظار إلى نهايات التفاوض في المنطقة لإنتاج تفاهم يطاول لبنان.
يضيف المصدر الديبلوماسي انه حتى العماد عون والكنيسة وحزب الله وسورية يقرّون اليوم بالحاجة إلى تحصين لبنان بعد متغيّرات العراق، لكن مع هذا تبقى عقدة وصول العماد جان قهوجي الى سدة الرئاسة «عونية» فقط، مؤكداً أنّ مشروع تسويق قائد الجيش غربياً بدأ يتصاعد في الكواليس ضمن إطار معادلة «قهوجي للرئاسة والعميد شامل روكز لقيادة الجيش».
هذه المعادلة لم تكن مقبولة «عونياً»، فهل صارت الآن مقبولة بعد «داعش» وبعد التأكد من ان لا شيء قريباً ومتوقّعاً من التفاوض مع الرئيس سعد الحريري؟
يضيف المصدر انّ شروع قيادة تيار المستقبل في البحث عن بديل للعماد عون، تعود أسبابه إلى رفض إعطاء فريق 8 آذار، وتحديداً حزب الله ومعه عون، نصراً أو ربحاً كاملاً، ولذلك فإنّ البلاد لا تحتمل والملفات أصبحت اكثر سخونة وحساسية…
هذه الأجواء وهذا الجمود الذي خرقته التفجيرات والحكومة غير القادرة على ممارسة صلاحيات حقيقية، كلها أمور تعزّز الحاجة الى رئيس يجمع الفرقاء، والعماد قهوجي هو الاسم المناسب، خصوصاً أنّ كلاً من السعودية وسورية توافقان عليه كمرشح جدي، وإذا كانت النيات الغربية والاقليمية صافية، وتقول بوجوب الإسراع في حلّ العقدة الرئاسية اللبنانية في ظلّ ارتفاع منسوب الخطر الأمني، فإنّ السؤال الاساس هو: هل يقبل العماد ميشال عون هذا الطرح، بعدما تأكد له أنّ الحريري ليس ماضياً في بحث يؤدي إلى نتائج إيجابية، لأنه ينتظر السعوديين، وبالتالي فإنّ العماد عون يعرف أنّ أوضاع المنطقة قد تستمرّ أشهراً طويلة على حالها، ليتبيّن إلى أين ستؤول الأمور، ولينبثق عندها موقف سعودي واضح، ولبنان قد لا يستطيع الانتظار كلّ هذا الوقت من دون رئيس؟
تتحدث التقارير أنّ العماد عون يتجه إلى القبول بالمعادلة المطروحة، وهي «قهوجي – روكز»، فرئيس التيار الوطني الحر لن يأخذ على عاتقه أو يتحمّل مسؤولية أيّ اتهام بالتعطيل، أو أيّ خراب قد يصيب لبنان.