تقارب فرنسي ـ روسي وسط حذر أوروبيّ وتردّد أميركي
لا تزال هجمات باريس الإرهابية الأخيرة دافعاً للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، لتشكيل تحالف جديد من أجل محاربة الإرهاب، لا سيما تنظيم «داعش»، حتّى لو كانت روسيا من أركان هذا التحالف، وسط حديث عن زيارة يجريها هولاند إلى موسكو قريباً جداً.
لكن المبادرة الفرنسية لم يتلقفها الأوروبيون بحماسة، فيما تتردّد واشنطن في هذا الشأن، متمسّكة بشروط تعرف مسبقاً أن روسيا لن توافق عليها.
في هذا السياق، نشرت صحيفة صحيفة «ترود» الروسية تقريراً تطرقت فيه إلى زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو، مشيرة إلى ما نشرته وسائل الاعلام حول تأزم العلاقات الروسية ـ التركية بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية. وقالت الصحيفة إنّ هولاند التقى قبل زيارته إلى موسكو بزعماء عدد من الدول محاولاً الحصول على دعم الحلفاء الرئيسيين في مكافحة «داعش»، وهم رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل. جميع الذين التقاهم هولاند أعلنوا دعمهم واستعدادهم لتقديم المساعدة اللازمة في مجال مكافحة الإرهابيين. ولكنهم لم يُبدوا استعدادهم للمشاركة العسكرية الفعلية ضدّ «داعش» لغاية تحقيق النصر الكامل. أما في واشنطن فحاول هولاند كسب خطب أوباما إلى هذا التحالف، ولكنه لم يحصل على سوى وعود بتكثيف الغارات الجوية الأميركية وتبادل المعلومات الاستخبارية. وبحسب صحيفة «Le Point» الفرنسية، عبّر أوباما عن عميق شكّه في إمكان التعاون مع روسيا في سورية «ما لم يغيّر بوتين استراتيجيته».
أما في ما يخصّ تأزّم العلاقات التركية ـ الروسية مؤخراً، فاعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن عملية إسقاط المقاتلة الروسية التي نفذّتها تركيا، الثلاثاء الماضي، ستزيد من تعقيدات الأزمة السورية، خصوصاً أنها تأتي في وقت تسعى دول غربية، وعلى رأسها فرنسا، إلى تشكيل تحالف دولي موسع يضم روسيا لمجابهة تنظيم «داعش».
«حرييت»: تركيا تعلق موقّتاً ضرباتها الجوّية في سورية بعد حادثة الطائرة الروسية
علّقت تركيا موقّتاً ضرباتها الجوّية ضدّ مواقع تنظيم «داعش» في سورية في ظل التوتر المتصاعد بين موسكو وأنقرة على إثر إسقاط القوات التركية طائرة حربية روسية فوق الحدود السورية، بحسب ما أفادت صحيفة «حرييت» التركية أمس الجمعة.
وذكرت الصحيفة أن تركيا المشاركة في الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضدّ تنظيم «داعش»، علقت غاراتها الجوّية ضدّ التنظيم في سورية لتجنب المزيد من الازمات.
وتقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله ان الجانبين تركيا وروسيا اتفقا على التصرف بحذر حتى بناء قنوات حوار لتخفيف حدة التوتر.
ولم يتسنّ لوكالة «فرانس برس» الحصول على تعليق من مسؤولين حكوميين على الفور.
وكانت تركيا قد اسقطت الثلاثاء طائرة «سوخوي 24» روسية ما حمل روسيا على التوعد باتخاذ تدابير اقتصادية ضد أنقرة. وتؤكد تركيا انها أسقطت طائرة «سوخوي 24» لانتهاكها مجالها الجوي وبعدما حذّرتها عشر مرات. لكن روسيا تقول إن طائرتها لم تدخل المجال الجوي التركي ولم تتلقّ أيّ تحذير قبل إسقاطها.
«ترود»: عند هولاند الرغبة وعند أوباما الرهبة!
تطرّقت صحيفة «ترود» الروسية إلى زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو مشيرة إلى ما نشرته وسائل الاعلام حول تأزم العلاقات الروسية ـ التركية بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية.
وجاء في المقال: على رغم تأزم العلاقات الروسية التركية وبالتالي علاقات روسيا مع الناتو، وصل الرئيس الفرنسي إلى موسكو لمناقشة مسألة إنشاء «ائتلاف دولي واسع» لمكافحة «داعش».
التقى هولاند قبل زيارته موسكو بزعماء عدد من الدول محاولاً الحصول على دعم الحلفاء الرئيسيين في مكافحة «داعش»، وهم رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل. جميع الذين التقاهم هولاند أعلنوا دعمهم واستعدادهم لتقديم المساعدة اللازمة في مجال مكافحة الإرهابيين. ولكنهم لم يُبدوا استعدادهم للمشاركة العسكرية الفعلية ضدّ «داعش» لغاية تحقيق النصر الكامل.
وتشير وكالة «رويتر» إلى ان هولاند قال خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع المستشارة الألمانية عشية زيارته إلى موسكو، إن على الدول العظمى العمل سوياً من أجل منع تأزم العلاقات الروسية التركية أكثر. ولكن هل هذا يكفي ليدور الحديث حول تحالف عسكري مع روسيا؟
أما في واشنطن فحاول هولاند كسب خطب أوباما إلى هذا التحالف، ولكنه لم يحصل على سوى وعود بتكثيف الغارات الجوية الأميركية وتبادل المعلومات الاستخبارية. وبحسب صحيفة «Le Point» الفرنسية، عبّر أوباما عن عميق شكّه في إمكان التعاون مع روسيا في سورية «ما لم يغيّر بوتين استراتيجيته». وهذا يجعل انشاء قيادة موحّدة تضمّ موسكو أمراً افتراضياً فقط. كما أن واشنطن وباريس تواصلان اتهام موسكو بأن الطائرات الروسية تهاجم المجموعات المعارِضة للنظام السوري.
بعد إسقاط الطائرات التركية طائرة «سوخوي 24» الروسية في الأجواء السورية، يدرك الغرب جيداً أن روسيا لن تسمح بتكرار ذلك، لذلك قرّرت نشر منظومة صواريخ «أس 400» في سورية بحيث تغطي مجمل ساحة العمليات العسكرية، وفي حال تفاقم الأوضاع تهدّد طائرات الناتو في الأجواء السورية.
وتشير صحيفة «Le Figaro» الفرنسية في افتتاحيتها قبيل زيارة هولاند إلى موسكو إلى أنها ستكون معقدة، بعدما أعلن الناتو وقوفه عملياً إلى جانب تركيا في هذه الحادثة، وتقول: «إن حادثة قاذفة القنابل الروسية التي اسقطتها الطائرات التركية، وجّهت ضربة جدية إلى الائتلاف المناهض لداعش، وهي تنطوي على خطر مواجهة حقيقي بين طرفي النزاع اللذين لهما مصالح واستراتيجيات متعارضة. ومهما كانت الأوضاع صعبة، كما يعتبرها الجانب التركي، فإن هذه الحادثة لدليل على مدى امتعاض تركيا من التدخل الروسي في سورية».
وتحذّر الصحيفة من أن دعوة الغرب إلى تخفيف حدة التوتر غير كافية، وان واشنطن مرتبطة بالتزامات في إطار الناتو الذي تثير مشاركته في النزاع السوري حفيظة روسيا. لذلك فإن كلام الرئيس بوتين عن طعنة في الظهر جاء هو أيضاً بلغة دبلوماسية… وفي حال فشل الدبلوماسية لن يكون بالإمكان السيطرة على سير الأوضاع في اتجاه منطق الحرب.
أما صحيفة «Independent» البريطانية فكتبت في مقال بعنوان «تركيا مدى سنوات كانت تسمح للجهاديين بأن تزدهر أحوالهم» عن دوافع أردوغان من وراء قراراته الخطرة: «ليس من مصلحة تركيا تسوية النزاع السوري بالطرق السلمية التي تجري الدول الكبرى المفاوضات في شأنها. تركيا تحاول تركيز الاهتمام ثانية على نظام الأسد وتعويض خسائرها في سورية وفي المجال الجيوسياسي. وأن وراء إسقاط الطائرة الروسية عوامل سياسية أخرى، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار ان الطائرة الروسية لم تكن لتشكل أي خطورة على أمن تركيا».
وتشير مجلة «فوربس» إلى أن توقف المفاوضات في شأن الأزمة السورية ليس العاقبة الوحيدة للحادثة. فـ«تركيا دولة عضوة في الناتو، وهذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من نصف قرن، عندما أسقطت طائرات الناتو طائرة روسية. هذه المشكلة ليست ببسيطة. انها بداية لنزاع على المدى البعيد غير معروفة نتائجه، ولا يمكن التكهن بها».
«نيويورك تايمز»: إسقاط المقاتلة الروسية يعقّد الأزمة السورية
اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن عملية إسقاط المقاتلة الروسية التي نفذّتها تركيا، الثلاثاء الماضي، عقب اختراق أجوائها، ستزيد من تعقيدات الأزمة السورية، خصوصاً أنها تأتي في وقت تسعى دول غربية، وعلى رأسها فرنسا، إلى تشكيل تحالف دولي موسع يضم روسيا لمجابهة تنظيم «داعش».
كما أكدت الصحيفة أن عملية إسقاط المقاتلة الروسية ستجبر حلف شمال الأطلسي الناتو على الدخول في عمق الأزمة السورية.
وتناولت الصحيفة في تقريرها حادثة إسقاط المقاتلة الروسية قائلة: «إنها المرة الأولى التي يقوم بها عضو في حلف شمال الأطلسي بإسقاط مقاتلة روسية منذ نصف قرن، الأمر الذي قد ينذر بتصعيد عسكري في وقت لا يرغب حلف الأطلسي بالدخول في أيّ حرب، أو التورط بمنطقة الشرق الأوسط، وتحديداً سورية».
إلا أن عضوية تركيا في الحلف، وفقاً للصحيفة، قد تجبره على اتخاذ خطوات، أو على الأقل التدخل لتخفيف حدة التوتر بين أنقرة وموسكو، وهو ما دعا إليه الثلاثاء أمين عام حلف الأطلسي، ينس شتولتنبرغ، الذي أشار في الوقت نفسه إلى تضامن الحلفاء في الناتو مع تركيا.
الحادث، كما تقول الصحيفة الأميركية، سلّط الضوء مجدداً على تعقيدات الأزمة السورية، لا سيما في أعقاب التدخل الروسي، الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة، خصوصاً أن طائرات تابعة لأعضاء في الأطلسي وأخرى روسية تجوب الأجواء نفسها.
وتواصل الصحيفة: «كما أن الحادث يأتي في وقت عقد الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، لقاءً مع نظيره الأميركي باراك أوباما في واشنطن، بحث خلاله ضرورة تشكيل تحالف دولي كبير، يضم روسيا لمهاجمة تنظيم داعش، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقويض الجهود الفرنسية، وأيضاً الأميركية التي كانت تسعى إلى إقناع الروس بالتخلي عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد».
وتقول الصحيفة: «تسعى تركيا إلى رحيل الأسد، وهي المتهمة من قبل الغرب بأنها تسمح للمتمرّدين بعبور حدودها مع سورية، في وقت تواصل روسيا دعمها للنظام السوري، وتشنّ غارات متواصلة على مواقع المعارضة، مؤكدة أن تلك الغارات تستهدف تنظيم داعش، إلا أن تصريح الرئيس الأميركي أوباما الثلاثاء، يخالف الادعاء الروسي إذ أعلن أن الغارات الروسية تستهدف المعارضين المعتدلين، وينبغي أن تكون موجهة لداعش».
وشهد الثلاثاء الماضي، جدلاً متصاعداً بين أنقرة وموسكو، فبينما كانت تركيا تؤكد أن المقاتلة الروسية اخترقت أجواءها، وتم تحذيرها، أصرت موسكو على أن طائراتها لم تخترق المجال الجوّي التركي، ولم تُحذَّر.