«داعش»… التهديد الذي يصعب تدميره
تداعت الدول الأوروبية، في أعقاب هجمات باريس وإسقاط طائرة الركاب الروسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية، إلى بذل جهود مكثفة لمواجهة تنظيم «داعش» الذي تبنّى هذه الهجمات، والذي صار يشكل تهديداً خطيراً على العالم.
هذه هي الأبعاد التي تناولت من خلالها صحف بريطانية وأميركية القوة المتنامية لتنظيم «داعش» واستراتيجيته الجديدة المتمثلة في شنّه هجمات خارجية ضدّ أهداف في أوروبا، وتهديده بشنّ هجمات ضدّ الولايات المتحدة وروسيا وشتّى أنحاء العالم.
صحيفة «إندبندنت» البريطانية نشرت مقالاً تحليلياً مطوّلاً للكاتب باتريك كوكبيرن قال فيه إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عزم على مواجهة تنظيم «داعش» في سورية، إنما من دون الخطط الواقعية اللازمة لهذه المواجهة الخطيرة.
وأوضح أنه على رغم كلّ الخطابات الغاضبة التي أعقبت هجمات باريس، فلا يبدو أن تنظيم «داعش» يواجه ضغوطاً دولية بدرجة لا يمكنه فيها الصمود أمامها، وأضاف أن كاميرون لم يشرح لنا عن إمكانية انتصار بريطانيا في هذه الحرب ضدّ تنظيم «داعش».
وقال الكاتب إن قادة العالم يحاولون منذ 18 شهراً إضعاف قوة تنظيم «داعش» ونفوذه السياسي، ولكن من دون جدوى، وذلك بعد سيطرته على مدينة الموصل العراقية. وأضاف أن كاميرون يقول إن بريطانيا تسعى مع الولايات المتحدة ودول أخرى إلى محاولة إضعاف قدرات تنظيم «داعش»، وذلك للدرجة التي يمكن فيها للجيش العراقي حماية البلاد ويمكن للمعارضة السورية حماية الأراضي الواقعة تحت سيطرتها.
وأضاف أنّ الجيش العراقي منهار من الناحية المعنوية ويواجه صعوبات في العثور على مجندين جدد، وذلك لأن القوات العراقية سبق أن تقهقرت وانهزمت أمام مقاتلي تنظيم «داعش» مرّات عدّة متكرّرة.
وأشار كوكبيرن إلى أن تنظيم «داعش» لن ينهزم أمام التحالف الدولي، وأن اعتماد هذا التحالف على حلفاء محليين في كل من سورية والعراق يشبه اعتماد التحالف الدولي الذي تشكل إبان الحرب على أفغانستان وغزو العراق. وأوضح أنه لم يكن في الدولتين من يساعد قوات التحالف الدولي بشكل كبير.
وقال كذلك إن تنظيم «داعش» يستخدم استراتيجية جديدة تتمثل في شنه هجمات خارجية، وقد يستهدف المواطنين البريطانيين إذا ما شاركت لندن في هذا التحالف ضدّ تنظيم «داعش» في سورية. وأضاف أن شعوب الشرق الأوسط لا تزال تنظر إلى بريطانيا على أنها قوة عظمى، وأنها بالمشاركة في هذه الحرب لن تضيف شيئاً.
وأضاف الكاتب أن الحرب المستعرة في سورية منذ نحو خمس سنوات كارثية خطيرة، وأن الأوضاع فيها معقدة، وأعرب عن الخشية أن يقود كاميرون بريطانيا للحرب في هذه المنطقة المضطربة، ويتركها تنزلق عميقاً في المستنقع السوري.
من جانب آخر، نشرت صحيفة «أوزرفر» البريطانية مقالاً لنومي باركاكوف الذي أشار فيه إلى الجهود الدولية الرامية لمواجهة تنظيم «داعش». وحذّر الكاتب أنه يخشى من قيام تنظيم «داعش» باستخدام الأسلحة الكيماوية في شن هجمات ضد أوروبا.
وأضاف أنه ينبغي للمعنيين إخبار الشعوب بهذه المخاطر وكيفية مواجهتها، وقال إن بريطانيا يجب أن تأخذ بالحسبان هذه المخاطر الكامنة وراء إمكانية قيام تنظيم «داعش» بشن هجمات كيماوية أو بأسلحة غير تقليدية أخرى.
كما أشارت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية إلى أن تنظيم «داعش» يُخضِع مجنديه الجدد لتدريبات قاسية معقدة لتعويدهم على التحمّل وكي يصبحوا مقاتلين أشداء. وقالت إن تنظيم «داعش» نشر شريط فيديو مدّته 14 دقيقة يعرض فيه لهذه التدريبات المعقدة، والتي يهدف من ورائها إلى معرفة مدى قدرة المجندين الجدد على تحمل الصعاب.
وفي السياق ذاته، نشرت مجلة «نيوزويك» الأميركية مقالاً للكاتب روبرت ريتش قال فيه إنه ينبغي على الولايات المتحدة أخذ بعض الأمور الحساسة في الحسبان، وذلك إذا أرادت المشاركة الفعلية في مواجهة تنظيم «داعش»، ومن بينها ضرورة تشارُك جميع الأميركيين بعبء الحرب وتغطية نفقات الحرب عن طريق فرض ضرائب على الأغنياء.
وعلى صعيد متصل، أشارت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية إلى أن تنظيم «داعش» صار يشكل تهديداً خطيراً على المستوى الدولي، وأوضحت بافتتاحيتها أن تهديدات تنظيم «داعش» لم تعد محصورة ضمن المناطق التي يسيطر عليها في كل من سورية والعراق.
ودعت الصحيفة إلى ضرورة مواجهة خطر تنظيم «داعش»، وذلك عن طريق إيجاد حل للأزمة السورية ومن خلال معالجة الأزمات التي تواجها الحكومة العراقية المضطربة.