استدارات على مسرح الإرهاب
محمد محفوض
تستدير دفة السياسات الغربية تبعاً لما تفرضه المعارك الدائرة على الساحة السورية بما يخص نتائجها التكتيكية والاستراتيجية.
لا يخجل الأوروبيون من تصريحاتهم بوجوب وقف الحرب الدائرة في سوريا وإغلاق الحدود ومكافحة الإرهاب الذي أنكروا وجوده طوال السنين الماضية في سورية حين أسموه ثورة، وعملت ماكيناتهم الإعلامية آنذاك على تسخيف ادعاءات القيادة في سورية عندما حذرتهم من ارتداد هذا الوباء عليهم.
فرنسا القابعة تحت كابوس الإرهاب قدم وزير خارجيتها لوران فابيوس مؤشرات على «تحول تدريجي» باتجاه التعاون مع الرئيس بشار الأسد٬ عندما صرح بإمكانية الاستعانة بالجيش السوري أو كما أسماه فابيوس بالموالي للأسد في قتال تنظيم داعش.
ورغم بعض «التراجع» في كلام لاحق لفابيوس قال فيه إن «التعاون مع القوات الحكومية السورية في قتال «داعش» يمكن أن يحدث فقط في إطار انتقال سياسي جاد في سورية»٬ أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» أن كلام الوزير الفرنسي يأتي في سياق «تدرج» فرنسي قد ينتهي بإعلان التعاون مع القيادة السورية في عملية مكافحة التنظيم المتطرف.
ألمانيا بدورها كانت أكثر جرأة، عندما قال المتحدث باسم حكومتها بأن «هناك توافقاً بين جميع الشركاء على ضرورة الحفاظ على هيكل الدولة السورية». مضيفاً: «إذا توافق النظام مع المعارضة بشأن مستقبل الدولة٬ فسيمكنهما العمل بصورة أقوى بكثير ضد ما يسمى تنظيم الدولة».
في بريطانيا ينزل مستوى الحديث عند رئيس حكومتها ديفيد كاميرون عن مصير الرئيس الأسد، في مقابل صعود نبرة التهديد من موجة داعش ووجوب الزجّ بقوات خاصة بريطانية ضمن خطة لمكافحة الإرهاب… سياسة إنكليزية تسارع دوماً للالتحاق بركب التغيرات تذكرنا بمسارعة بريطانيا على الفور لفتح سفارتها في طهران بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.
إيران تتلقف هذا التحول الغربي الخجول بانفتاح قل أن نراه تجاه الغرب في نبرة مرشد ثورتها الإمام السيد علي الخامنئي والذي بين أمس أن الأحداث الإرهابية في فرنسا توفر فرصة للمخاطبة وأرضية للحوار.
واعتبر السيد الخامنئي أن «الجميع يتأثر بالأحداث الأليمة سواء حصلت في فرنسا أو فلسطين أو العراق أو لبنان أو سورية»، مضيفاً: «لا شك في أن ملياراً ونصف المليار من المسلمین هم براء ومبغضون لمرتكبي هذه الفجائع ومسببيها».
استدارات غربية بطيئة وتلقف إيراني واضح مع تقدم روسي سوري عسكري على الأرض لتبقى تركيا وحيدة في معالجة مشاكلها مع روسيا من جهة، ومع الاتحاد الأوروبي الذي يبدو أنه لن يصبر طويلاً على سياسة الاستغلال التي تتبعها أنقرة.
ولم لا تكون أنقرة مدفوعة من الغرب بجنون عظمة أردوغانها للوقوع في شباك بوتين وقطع الطريق على أي تحالف اقتصادي قد تسعى إليه تركيا، في حال تمّت محاصرتها أوروبياً عندما تحاك خيوط التسويات الأخيرة؟