أخيراً أُطلق العسكريون المخطوفون وأطلقت معهم الرسائل
من لبنان ينطلق الحدث السياسي الأبرز لنهار الطويل يمثل أكثر من إشارة ودلالة بعد نجاح صفقة إطلاق العسكريين المخطوفين والانتظار لأكثر من سنة وأربعة أشهر في خطوة ترسم علامات استفهام عدة توقيتاً ونجاحاً وأسلوباً وربما شروطاً.
نجح المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم بتقديم نفسه مفاوضاً بارعاً قادراً على ان يتوصّل الى حلول تحفظ السيادة من جهة، وتقدّم المهمة الإنسانية على كلّ الحسابات الأخرى من جهة ثانية، ولو أنّ الأمل كان بعدم الانطلاق من مبدأ استعادة المخطوفين من منطلق التبادل مع هكذا جماعات إرهابية.
فرنسا التي تشكل أحد الأمثلة القريبة جداً في تعاطيها مع الرهائن أثناء أحداث باريس الأخيرة، قدّمت نموذجاً لعدم مفاوضة هؤلاء الارهابيّين للعالم، والعقدة في لبنان التي لم تقدّمه أمام هكذا خطوة مماثلة، تكمن في تعقيدات لها ألف سبب وسبب، لكن أبرزها هو عدم التنسيق بين لبنان وسورية في ظلّ القطيعة المفتعلة بين الحكومتين بدء منذ الأزمة السورية، مع بدعة «النأي بالنفس» التي أبصرت لنور في عهد ميشال سليمان.
أما سياسياً فإنّ الرسالة التركية وحدها التي تطغى على المشهد، ولا بدّ من اعتبار الطرف التركي هو العملية برمّتها ظروفاً وشروطاً وأهدافاً، فـ«جبهة النصرة» هي أكثر الجهات الإرهابية قرباً من جهاز الاستخبارات التركي، وعناصرها يستطيعون الدخول والخروج من والى الحدود والمطارات التركية بسهولة تامة، حتى أنّ زوجات الارهابيّين قالوا لدى إطلاقهم إننا سنتوجه الى تركيا.
على ايّ حال يبقى توقيت نجاح العملية وحده هو المفصل الأساس، فقد جاء متوازياً مع تسليم جثة الطيار الروسي الشهيد إلى بلاده، وصفقة شاملة من موقوفين في لبنان ومن سورية، وهكذا يمكن النظر الى بعض الإيجابية في مكان ما تأتي من تركيا تفيد بأنها بطريقة او بأخرى تودّ اللحاق بالركب عبر إيصال رسالة الى المعنيّين في المنطقة بأنها متعاونة في ملفات مكافحة الإرهاب، وان تسليم جئة الطيار الروسي يأتي لعدم تأزيم العلاقات التركية الروسية أكثر مما هي عليه، ويأتي أيضاً تعبيراً عن أنها تمون على تلك المجموعات وقادرة على تقديم الكثير ثانياً، اما ثالثاً فهي نوايا انتظار كيف سيتلقف الروس هذه المبادرة كمقدّمة او مدخل للقبول بتصحيح العلاقات والانطلاق نحو مرحلة جديدة…
وفي النهاية لا يسع اللبنانيون الا الفرح لخروج العسكريين الذين لا ذنب لهم بما يجري ولعائلاتهم الصابرة حتى لو كان الأمل في استرجاعهم من بوابة الحسم اكبر…
هكذا عاد العسكريون من أيدي «النصرة» وبقي هؤلاء الذين يقبعون في عهدة «داعش»، فماذا عساها تكون شروطها هذه المرة؟
«توب نيوز»