قالت له
قالت له
قالت له: ما الفارق بين الحبّ والصداقة حتى نبقى في حيرة من أمرنا في وصف ما بيننا؟
فقال لها: خيط رفيع اسمه الغيرة. فالصداقة تجوز لحبيبين، إذا تحرّر الحبّ من الغيرة.
فقالت: وهل هذا بشارة خير وتقدّم؟
فقال لها: هو علامة تسليم بعدم التفرّغ بعد حبّ كبير يرفض الهزيمة ويائس من التقدّم ومستسلم للأقدار.
فقالت: لماذا لا تستمر المحاولات إذن ويمنح الحبيبان بعضهما مزيداً من الفرص؟ فقال لها: لأن الحياة التي تشبه لعبة الشطرنج، ليس فيها مع كل شوط جديد بين اثنين إعادة رصف للأحجار حيث كانت. فالشوط الثاني يبدأ من حيث انتهى ما قبله، لا من حيث بدأ بلا انطباعات وآلام وتوقّعات. وكلّما تكرّرت الأشواط وأعيد رصف الحجارة لشوط جديد، كان الإنهاك وقلة الصبر واليأس من المحاولة حتى بلوغ اللحظة التي يصير فيها الاستسلام للفشل إنقاذاً لما تبقّى، وبديلاً عن ابتعاد آلامه أقوى.
فقالت: وهل يمكن لحبّ جديد أن يولد وتبقى صداقة الحبيبين؟
فقال لها: أحياناً، تصير صداقة الحبيبين لأن حباً جديداً قد ولد على إحدى الضفتين من دون شجاعة الاعتراف.
ورمقها بنظرة اتهام، ففهمت أنه أساء فهمها وقالت: إذن، تبقى الغيرة التي قلت إنها تموت… وتبسّمت ومضت.