المطارنة الموارنة: فرصة جدية لملء الشغور بالتشاور والتعاون بين جميع الفرقاء
رأى المطارنة الموارنة أنه «بعد مرور ثمانية عشر شهراً على شغور منصب رئاسة الجمهورية، تبرز فرصة جدية لملء هذا الشغور، ما يقتضي التشاور والتعاون بين جميع الفرقاء اللبنانيين لإخراج البلاد من أزمة الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية. فالرئيس، بما أنه رأس الدولة، كما ينصّ الدستور، هو حجر الزاوية في العمارة الوطنية بأبعادها التاريخية والمؤسساتية. ولذلك ينبغي أن يأتي انتخابه عن تبصر عميق في أهمية هذا الموقع ودوره الأساسي».
وشاطر الآباء، في بيان بعد اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، «فرحة العسكريين الذين كانوا محتجزين لدى جبهة النصرة وعادوا سالمين إلى أهلهم وعائلاتهم، ويحمدون الله على سلامتهم، ويهنئون بهذه السلامة عائلاتهم وذويهم، والمؤسسات العسكرية والأمنية التي ينتمون إليها، والدولة اللبنانية، وجميع المواطنين». وتقدموا «بالتعزية من ذوي الشهداء الذين سقطوا في المعارك أو الذين استشهدوا بعد اختطافهم». وشكروا «جميع الذين قاموا بالوساطة وبذلوا الجهود المضنية، وتحملوا الأخطار في سبيل الوصول إلى هذه النهاية السعيدة»، آملين «متابعة السعي من أجل الإفراج عن العسكريين التسعة الباقين في قبضة تنظيم داعش، وعودتهم سالمين إلى الحرية في أقرب وقت ممكن. وهم يصلون من أجل تحرير جميع المخطوفين والأسرى، وفي طليعتهم المطرانان يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، وإحلال السلام في سورية والعراق وفلسطين واليمن وكل المنطقة».
واستنكر الآباء «عودة مسلسل التفجيرات، وخصوصاً ما تعرّضت له ضاحية بيروت الجنوبية من استهداف للمدنيين»، معربين عن أسفهم «لسقوط ضحايا أبرياء». كما أعربوا عن شجبهم «مسلسل العنف الذي تشهده دول العالم، وخصوصاً ما ارتكبه الإرهاب من اعتداءات سافرة في فرنسا أوقعت مئات الضحايا البريئة بين قتيل وجريح».
وفي إطار المشاورات واللقاءات السياسية لبحث مبادرة ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، استقبل البطريرك الماروني في الصرح البطريركي في بكركي، رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، يرافقه نائب رئيس الحزب الوزير السابق سليم الصايغ، وانضمّ لاحقاً إلى الاجتماع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
وأكد الجميّل بعد الاجتماع أنّ حزب الكتائب يواكب الاتصالات التي تحصل حول الاستحقاق الرئاسي منذ بدايتها. وقال: «منذ البداية موقفنا واضح جداً، وسأكرِّره لمن لم يستوعب بعد عمّا نتكلم، فموقفنا هو التالي: نحن لا نتعاطى في العمل الوطني انطلاقاً من حساسيات أو علاقات أو عواطف شخصية، بالنسبة إلينا، ليست لدينا عُقَداً في موضوع الأشخاص، ولكن نحن حزب له ثوابته وله مبادئ وطنية ولا يمكن أن يتخلى عنها أو يتنازل عنها، لهذا السبب بقدر ما كان أي مرشح يلتقي معنا ومستعد أن يقترب من هذه الثوابت الوطنية، ليس لدينا أي فيتو عليه. ولكن لا أحد يستطيع أن يطلب منا أن ندعم مرشحاً، انطلاقاً من ثوابت ومبادئ لا تلتقي مع مبادئنا وثوابتنا».
وأضاف: «نحن بانتظار أن يعلن أي مرشح يطلب دعمنا، برنامجه السياسي والثوابت والمبادئ التي يلتزم بها والتي ستكون ملزمة لجميع اللبنانيين»، مؤكداً «أنّ المرشح الذي يريد أن يحصل على تأييد الكتائب عليه أن يلاقينا في منتصف الطريق، وأن يكون برنامجه متوافقاً مع مبادئنا، ويمكن للكتائب بصوابيتها ومبادئها أن تحمل وتستوعب وتدعم هذا الخطاب».
وتابع: «نحن نتواصل مع فريق الوزير فرنجية تقريباً مرة كلّ يومين، لنرى إذا ما كان الوزير فرنجية مستعداً أن يلاقينا إلى نصف الطريق أو لا. كنا واضحين معه ومع أنفسنا ومع الرأي العام، لن ننتخب أي مرشح خطابه هو خطاب فريق من اللبنانيين. إذا كان الوزير فرنجية مستعداً أن يضع جانباً صداقاته والخط السياسي الموجود فيه اليوم، ويلاقينا إلى نصف الطريق، ليس لدينا فيتو على شخصه».
وعن رأيه بتصريح فرنجية الذي اعتبر فيه أنّ النظام السوري ضمانة له، قال الجميّل: «علينا مسؤولية أن نجرّب، لأننا نؤمن بأنّ هذا الإنسان صادق في موقفه وكلمته، وإذا أعطانا كلمة، وأعلن ذلك أمام الرأي العام، نعتبر أننا يمكن أن ننتقل وإياه إلى مرحلة أخرى. ولكن كما هو مطلوب منا أن نقوم بخطوة إلى الأمام، مطلوب منه أن يقوم أيضاً بخطوة الى الأمام نحونا أيضاً».
وعن إمكانية حصول اجتماع بين الأقطاب الموارنة في بكركي يخرجون بعده بموقف موحّد، أكد الجميّل «أنّ أيّ توافق، إن كان على الصعيد الوطني أو المسيحي نحن معه، ونحن مع أن تلعب بكركي دورها بالكامل في هذا الموضوع، ونحن إيجابيون لأيّ طرح يطرح، لأننا نشعر بأنه أصبح هناك خطر على الرئاسة بحدّ ذاتها، واليوم ليس وقت الأنانيات، ولا يجوز أن نبني سياساتنا على علاقات متوترة وعلى طموحات خاصة وشخصية».
وقال باسيل، من جهته: «نحن في تبصّر عميق لأننا في مرحلة يمكن أن يكون فيها الإنسان بين الوهم والشكّ، الوهم من أي واقع يوضع أمامه، مثل النور القوي الذي يبهر الإنسان، وبالتالي لا يمكن أن نعيش في كثير من الشك، لا الشك ببعضنا البعض لأننا بحاجة إلى بعضنا أكثر وأكثر اليوم، ولا الشك في ذاتنا لأننا قد نشك في قوتنا التي بها استطعنا تحقيق شيء وسنسعى إلى تمتينه وتطويره وتعزيزه».
وأضاف: «نتمنى الحياة السياسية النظيفة وليس العكس، والعمل الواضح والشفاف، وقوتنا الداخلية، حيث نأتي اليوم إلى بكركي لتعزيز هذه القوة ونقيم الاتفاق الذي يؤمّن لنا الديمومة، ديمومة ملء المقعد الأول في لبنان، لما يمثل من مسيحيين ولبنانيين، ولنزاوج في هذا الموقع ما تجمعه المارونية وهو المسيحية والحرية».
وتابع: «نحن متمسِّكون بحريتنا في الشرق، لنختار بحرية رئيسنا ونختار بحرية قانون انتخاب الذي على أساسه سنختار ممثلينا ونتمثل من خلاله. وأعتقد أنّ هذا مشوار طويل قمنا به، لنثبت الوجود في لبنان وفي الشرق لنحافظ على تنوعنا، وهذه فرصة لنا لتعزيز هذا المسار وليس لإضعاف الثقة بالذات ولا للتشكيك ببعضنا ولا بذاتنا، وأعتقد أننا بهذه الروحية وفي هذا الصرح يمكن أن نقول هذا الكلام ونتطلع بالأمل إلى الأمام».
الطاشناق: لرئيس يُطمئن كلّ اللبنانيين
من جهة أخرى، زار وفد من حزب الكتائب برئاسة نائب رئيس الحزب الوزير السابق سليم الصايغ، مقر حزب الطاشناق في برج حمود، حيث التقى الأمين العام لـ«الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان، في حضور نائبه أواديس كيدانيان وعضو اللجنة المركزية رافي أشكاريان. وتركز البحث على الأمور المطروحة على الساحة اللبنانية، بدءاً من رئاسة الجمهورية إلى قانون الانتخاب.
وقال بقرادونيان: «كان هناك تطابق للآراء بنسبة كبيرة جداً. اليوم الوضع صعب جداً لبنانياً وخارجياً، ومهمَّتنا اليوم أن ننظر إلى القضايا المطروحة بشكل جدي ومسؤول لإخراج البلد من الأزمة».
وأضاف: «بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية والطرح الأخير ومبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية، فقد أخذ هذا الموضوع حيزاً كبيراً من المناقشة، والمهم أن يصل رئيس للجمهورية يمثل كلّ المسيحيين واللبنانيين، وأن يطمئن كلّ اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين».
وقال الصايغ: «تناولنا موضوع المبادرة التي قام بها الرئيس الحريري وما زال، ونتعامل مع هذا الموضوع بكل واقعية وموضوعية. وقد عبّرنا عن حصيلة المشاورات التي حصلت معنا، ونأمل أن تكون هناك بلورة لموقف يخرج لبنان من الشلل الذي أصابه».
وأضاف: «إننا كحزب لا نزال نكمل هذه المشاورات، وليس لدينا الاقتناع الكافي بأنّ هذه المبادرة الآن ستصل إلى خواتيمها، وسنعمل ونسعى لتثمر كلّ هذه الاتصالات، لأنّ على رئيس الجمهورية أن يكون مُحصَّناً ومدعَّماً بأكبر توافق ممكن، وأن تكون لديه رؤية للمستقبل حتى يتمكّن من انتزاع تنازل من كلّ الأفرقاء اللبنانيين لمصلحة لبنان».
وختم: «موقفنا من هذا الموضوع لم يتغيّر، بل تعزّز بعد لقائنا بحزب الطاشناق».