صحافة عبرية
ترجمة: غسان محمد
نتنياهو يردّ على كيري
قال رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، إن «إسرائيل» لن تصبح دولة ثنائية القومية، وذلك في معرض تعقيبه على تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية.
وساق نتنياهو خلال جلسة مجلس الوزراء «الإسرائيلي» اليوم، الأكاذيب والتحريض ضد السلطة الفلسطينية، زاعماً أن السلطة الفلسطينية تواصل التحريض ضد «إسرائيل».
وقد صرّح كيري، أمس أنه ليس من مصلحة «إسرائيل» أن تصبح السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس في موقف ضعيف. مضيفاً أنه في هذه الحالة ستسيطر «إسرائيل» على الأراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية في وقت ستزيد المطالب بحل الدولة الواحدة حيث يصبح «الإسرائيليون» يمثلون الأقلية، وهو ما يعتبر خطراً على «إسرائيل»، على حد تعبيره.
هرتسوغ يدعو إلى تشكيل حلفٍ بين «إسرائيل» و«الدول العربية المُعتدلة»
التناغم في المواقف السياسية بين رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، وبين رئيس المعارضة وزعيم حزب «المعسكر الصهيوني»، النائب يتسحاق هرتسوغ، ليس بحاجةٍ إلى مجهرٍ لاكتشافه، بل هو ظاهر للعيان وناصع كالثلج، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، صرّح هرتسوغ مؤخراً أنّه أكثر حزماً وصرامةً في معالجة الإرهاب الفلسطيني من نتنياهو.
ولكنّ الأخير، كان السبّاق في المواقف السياسية، حيث قال في مؤتمر صحافي عقده خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة في صيف عام 2014، إنّ «إسرائيل» تبحث عن أفقٍ سياسي جديدٍ، وبعد ذلك، باشر التحدّث عن حلف إقليمي مع «الدول العربية السنّية المعتدلة» على حساب حلّ القضية الفلسطينية، بحسب تعبيره. وتبعه بعد ذلك، المأفون الفاشي، آفيغادور ليبرمان، زعيم الحزب العنصري «يسرائيل بيتينو» ووزير الخارجية السابق، الذي أدلى بعدد من اللقاءات الصحافية أخيراً وطالب حكومته بالإسراع في عقد الحلف مع «الدول العربية المعتدلة»، لإضعاف ما نعته بمحور الشر، المؤلّف من سورية، إيران، حزب الله وحماس، ولم ينسَ أن يطالب نتنياهو بإعادة احتلال قطاع غزّة والقضاء نهائياً على حكم حماس هناك.
في هذا السياق، سياق الإجماع الصهيوني للإجهاز على حلّ قضية الشعب العربي الفلسطيني، انبرى رئيس «المعسكر الصهيوني» ودعا إلى تشكيل حلفٍ مشابهٍ لحلف شمال الأطلسي الناتو ، بين «إسرائيل» و«الدول العربية المعتدلة» في موقفها من الاحتلال والسياسات «الإسرائيلية». وأضاف هرتسوغ، الذي كان يُلقي كلمة في «الجمعية العامة للاتحادات اليهودية» في العاصمة واشنطن، أنّ مجموعة التهديدات في الشرق الأوسط توفّر لـ«إسرائيل» فرصة تاريخية، حسبما ذكر.
وعلى رغم أنّ هرتسوغ لم يتحدّث عن معالم هذه الفرصة، لكن بالاستناد إلى عدد من المواقف السابقة، فهي تتمثل في الاستفادة من التحالف مع الدول العربية التي ترى «إسرائيل» أنّها يمكنها أن تخوض معركتها في مواجهة تهديدات محدقة بالأمن القومي «الإسرائيلي»، وفي مقدّمها محور المقاومة في المنطقة، إلى جانب التهديدات الكامنة في انتشار الجماعات الإرهابية التي تشكّل بدورها في نهاية المطاف تهديداً للأنظمة العربية عينها. علاوة على ذلك، ترغب الدولة العبرية في أن تقدّم نفسها في هذا السياق على أنها الدولة الإقليمية العظمى التي يمكن للآخرين أن يستفيدوا من قدراتها والتحالف معها في مواجهة تهديدات محدقة بأنظمتهم. رئيس المعارضة «الإسرائيلية» أكّد على أنّ التطورات الإقليمية والتهديدات التي تمثلها إيران مع محور المقاومة، إلى جانب تنظيم «داعش» الإرهابي، تُشكّل، برأيه، فرصة تاريخية لـ«إسرائيل». ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا وفصلنا أيضاً أنّه حول هذه القضية، ثمة مساحة إجماع واسعة بين مختلف ألوان الطيف «الإسرائيلي» كفيلة بالحؤول دون التوصّل إلى اتفاقٍ نهائي وشاملٍ مع السلطة الفلسطينية، لكونه لا يلتقي مع الحد الأدنى لطموحات أنصار التسوية. إضافة إلى ذلك، يدخل عنصر الصراع على السلطة بين الأحزاب والزعامات «الإسرائيلية»، حول مَن يقود «إسرائيل» ضمن إطار قواعد لعبة متفق عليها ويجسدها النظام السياسي هناك. وعلى هذه الخلفية، تتداخل العناصر الذاتية والمصلحية لكل منهم مع التباينات الفعلية بين القوى المتنافسة.
هرتسوغ أشار في سياق كلمته إلى أنّ عداء هذه الجهات والمصالح المشتركة، يمكّن الدولة العبرية من العمل مع مصر والأردن ودول الخليج وغيرها للحدّ من توسّع النفوذ الإيراني، والتغلّب على «داعش» وتسهيل تبادل المعلومات الاستخبارية، ودفع «الإسرائيليين» والفلسطينيين من جديد إلى طاولة المفاوضات. وفي ما يخصّ الانتفاضة الفلسطينية، التي تكلّف «إسرائيل» يومياً عدداً من الإصابات، وتلقي بثقلها على الواقع الأمني والاقتصادي، كان هرتسوغ قد أوضح لعدد من الصحافيين أنّه على رغم أنّ «إسرائيل» في خضمّ موجة إرهابية مليئة بالطعن وإلقاء الحجارة والإصابات، فيتحتّم على صنّاع القرار في «تل أبيب» أن ينظروا أبعد من ذلك وأن يتخذّوا الخطوات التي يمكنها أن تغير مجرى التاريخ في المنطقة، على حدّ قوله.
ولم يجد في إقناع المستمعين باستراتيجيته في الفوز على نتنياهو، خلال الانتخابات المقبلة الذي يترأس الحكومة منذ العام 2009 ، سوى الرهان على أنّ «الإسرائيليين» سيعون في نهاية المطاف أن نهج نتنياهو الذي أرسى مؤخراً المقولة: العيش بحكم السيف وحده غير قابل للاستمرار، ولكنّه أضاف أنّ التسوية مع الفلسطينيين قد تتحقق على رغم أنّ الواقع يبدو كئيباً الآن، وحزيناً ومروّعاً، على حدّ تعبيره. أمّا في ما يتعلّق بموارد التمايز عن نتنياهو في عملية التسوية، فاقتصر على تعهده بتجميد البناء في المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية، التي يتفق مع «الليكود» على ضمّها إلى «إسرائيل» في أي تسوية نهائية، وأنّه سيتحدث أمام البرلمان الفلسطيني في رام الله لكي يثبت أنّ الجانبين يفهمان آلام بعضهما. علاوة على ذلك، رأى هرتسوغ أنّه ينبغي أن يكون هناك اعتراف متبادل بالدولة القومية لكلّ من الدولتين، والقيام بترتيبات أمنية صارمة على الجانبين، بما فيها احتفاظ «إسرائيل» بغور الأردن ممرّاً أمنياً.
ومع ذلك، لم يستبعد هرتسوغ دعم نتنياهو في حال تقديمه اقتراحاً لإحداث ما وصفه بالتغيير التاريخي في الشرق الأوسط. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنّ عدداً من التقارير الصحافية العبرية، أكّدت نهاية الأسبوع الحالي، على أنّ نتنياهو قد يتنازل عن حزب «البيت اليهودي» في التوليفة الحكومية الحالية، لكي يتمكّن من ضمّ «المعسكر الصهيوني» إلى الحكومة، خصوصاً أنّ استطلاع الرأي العام، الذي نُشر يوم الجمعة الماضي، أكّد على ثبات قوّة نتنياهو، مقابل انخفاض التأييد لـ«المعسكر الصهيوني» ولحزب «البيت اليهودي».