المملكة السعودية تخضع وتذعن في الملف السوري
ناديا شحادة
خمس سنوات من الاستثمارات السعودية القطرية التركية الأميركية في سورية على وشك أن تتبخر بسبب صمود سورية شعباً وقيادة وجيشاً ودخول الطيران الحربي العسكري الروسي لمساندة الجيش السوري في محاربة حلفاء الحلف المعادي لسورية من جماعات إرهابية باتت تتكبّد العديد من الخسائر ميدانياً. هذه الخسائر التي أربكت أعداء سورية وبالأخص السعودية التي تعاني ضغطاً كبيراً بسبب حربها على اليمن وفشلها في تحقيق الأهداف التي اتخذتها ذريعة، وفشلها في الملف السوري.
وسط هذا الضغط الذي تعانيه السعودية، لملمت الرياض بقايا المعارضة السورية بغية توزيع نشرة الأوامر الجديدة على أمل إيجاد مكون سياسي حقيقي وموحَّد يتجاوب مع المجتمع الدولي ويعكس بحرفية النزول الغربي عموماً والسعودي خصوصاً عن الشجرة السورية، فعقدت مؤتمر الرياض لتوحيد المعارضة السورية في 9 الشهر الحالي، وضم ممثلي فصائل المعارضة والذي بلغ عددهم 103، وفيما هذه الفصائل التي يسود بينها التنافر الايديولوجي والشخصي تجتمع على أمل توحيد صفوفها، أعلن وزير خارجية السعودية في مؤتمر صحافي في 10 الحالي أن أمام الرئيس بشار الأسد خيارين إما ترك السلطة عبر المفاوضات وهو الأسرع أو من خلال القتال.
هذا التصريح من وزير خارجية المملكة، قبل اختتام مؤتمر الرياض، جاء بعد اتفاق دول كبرى معنية بالملف السوري الشهر الماضي في فيينا على خطوات إنهاء الحرب في سورية تشمل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج، ونص الاتفاق على مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول الأول من كانون الثاني.
وتوصّل المجتمعون في مؤتمر المعارضة، الذي لم يشهد مشاركة تيار قمح الذي يرأسه هيثم المناع واستبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وانسحاب حركة أحرار الشام التي تعتبر أضخم الفصائل المسلحة مبررة قرار انسحابها بعدم إعطاء الفصائل الثورية المسلحة الثقل الحقيقي. وبعد وقت من إعلان الانسحاب تراجعت حركة أحرار الشام وأعلنت تراجعها عن الانسحاب وتوقيعها على البيان الختامي الذي تضمّن تشكيل وفد مفاوض يضمّ نحو 25 شخصاً، يمثل 6 أشخاص من الائتلاف المعارض و6 عن الفصائل العسكرية و5 عن هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي، بالإضافة إلى 6 شخصيات مستقلة، وستفوض الهيئة 15 شخصاً تحت اسم الهيئة العليا للتفاوض مع الدولة السورية أي مع الوفد الرسمي. وقد أشارت وكالات أنباء عالمية إلى أن وفداً من المعارضة السورية سيلتقي بوفد من النظام أوائل الشهر المقبل بإشراف الأمم المتحدة.
يؤكد المتابعون أن الرياض الداعم الأكبر للجماعات الإرهابية في سورية، سارت في مسار اللقاءات والاجتماعات والدعوة لوحدة وطنية ودعم المعارضة، وحاولت لعب دور كبير في إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية. وترى أن هذا الحل يجب أن يُبعد الرئيس الأسد عن السلطة. وتدّعي أنها تريد الإبقاء على الجيش السوري وعلى مؤسسات الدولة في سورية. والذين يعرفون بواطن الأمور في الرياض يدركون أن السعودية فشلت في محاولتها تغيير الرئيس الأسد وحكومته، وباتت الآن تمرّ في مرحلة الخضوع والإذعان شيئاً فشيئاً في الملف السوري وتقبّلت الهزيمة، وأصبحت قابلة لتجرّع كأس الرئيس الأسد وسط الضغط الذي تعيشه في اليمن من جهة، وفي سورية من جهة أخرى، فالبيان الذي صدر عن قمة مجلس دول التعاون الخليجي في 10 الحالي تجاهل رحيل الرئيس السوري وتضمن تأييد الحل السياسي في سورية بما يضمن وحدة أراضيها واستقلالها ودعم الحل السياسي في اليمن ومخرجات الحوار الوطني الشامل.