الأردن في عين العاصفة
حميدي العبدالله
يقف الأردن الآن في عين العاصفة، فالرياح العاتية تهب عليه من الاتجاهات كافة، فهل يستطيع الصمود في وجه هذه العاصفة العاتية؟
«داعش» تهدد بالتمدد نحو الأردن، وبعد إعلانها الانتقال من الدولة إلى الخلافة بات هذا التهديد جدياً وليس نظرياً، وبرهنت التجارب عن أن هذه الجماعة الإرهابية تعمل على جبهات عدة في آن واحد، وتحديداً في ضوء أعمالها الإرهابية التي كانت تنوي تنفيذها في الفترة الأخيرة في لبنان.
داخل الأردن هناك بيئة حاضنة أكثر قوةً واتساعاً من الحاضنة اللبنانية، ففي لبنان تقتصر البيئة الحاضنة على أقليات في مناطق في الشمال وصيدا وبعض المخيمات الفلسطينية، في حين أن الحاضنة الأردنية موجودة في كبرى المدن الأردنية مثل معان والسلط والزرقاء، حيث سيّر أنصار «داعش» مواكب ومسيرات أعلنت مبايعة هذا التنظيم الإرهابي الأشد تطرفاً والذي شب عن الطوق وخرج على طاعة مشغليه، سواء كان هؤلاء قادة تنظيم «القاعدة»، أو دول المنطقة. وبديهي أن حدود الأردن الطويلة مع سورية والعراق تتيح الفرصة لهذا التنظيم المتطرف لإرسال المال والسلاح، وحتى الإرهابيين إذا اقتضى الأمر، إلى داخل الأردن لتنفيذ عمليات إرهابية. ومدن مثل معان لا وجود فيها للسلطة والجيش الأردني يمكن أن توفر الحماية والقاعدة الآمنة لهؤلاء المقاتلين.
زادت الطين بلة وصبّت الزيت على النار التصريحات التي أدلى بها قادة العدو الصهيوني، خاصة رئيس حكومة العدو الذي أعلن استعداده لدعم الأردن، وسعي «تل أبيب» إلى ترتيب الوضع في غرب نهر الأردن، ما يعني أن الكيان الصهيوني يستعد لفرض وصاية مكشوفة على الأردن، بل التدخل العسكري الواسع بذريعة حماية الأردن من الإرهاب.
وبديهي القول إن الدعم المزعوم من قبل الكيان الصهيوني ضرره على الأردن أكثر بكثير من فوائده، وعلى افتراض أن الكيان الصهيوني قرر التدخل العسكري، فهذا احتلال ويفقد النظام شرعيته، ومن فشل في الحفاظ على الاحتلال في قطاع غزة وفي جنوب البنان لا يستطيع توفير حماية الاحتلال لمساحات واسعة مثل المساحات التي تمتد عليها أراضي الأردن، ولذلك فإن إعلانات قادة العدو هي إحراج للنظام وتسهيل لاتهامه بالخيانة من دون أن يترتب على هذا الإعلان أي دعم حقيقي وجاد للنظام.
هذه الوقائع تؤكد أن الأردن يواجه تحديات تختلف عن كل ما واجهه في السابق، سواء كان عام 1958 أو عام 1966 لدى اندلاع انتفاضة الشموع، أو ما واجهه بعد احتلال الكيان الصهيوني للضفة الغربية التي كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية.
ما الذي يستطيع أن يقوم به الأردن لدرء الأخطار كلها والصمود في وجه العاصفة؟
إذا كان رهان النظام على الدعم «الإسرائيلي» والغربي، فعليه أن يتذكر أن الكيان الصهيوني عاجز عن حماية احتلاله للأرض الفلسطينية، كما أن الأميركيين والدول الغربية فشلوا في حماية احتلالهم للعراق وأفغانستان، وبالتالي لا تملك هذه الأطراف القدرة على توفير الحماية لـه.