كيري يلتقي بوتين ولافروف تمهيداً للقاء نيويوك
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بداية لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في موسكو عزمه بحث المقترحات الأميركية لتسوية الأزمة السورية معه.
وقال بوتين مخاطباً كيري إن «الوزير لافروف أطلعني الآن بالتفصيل عن مقترحاتكم وبعض المسائل التي تتطلب بحثاً إضافياً. وأنا سعيد جداً لإمكانية اللقاء معكم والتحدث حول هذه المسائل كافة».
وأضاف: «أنتم تعلمون أننا نبحث معكم حلولاً لأكثر الأزمات حدة. وأعلم أنه بعد لقائنا في باريس أعد الجانب الأميركي رؤيته لحل مشاكل عدة، بما فيها الأزمة السورية»، مؤكداً أن موسكو ترى حجم الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي لتسوية عدة مشاكل حادة جداً.
وأكد الوزير كيري «أن روسيا والولايات المتحدة تستطيعان سوية فعل الكثير للتقدم في حل المشكلة السورية، فـ«فيينا- 1» و«فيينا- 2»، وهي بداية جيدة، وتفتح إمكانيات كثيرة. ومن الواضح جداً، أنني والسيد لافروف متفقان بأن البلدين من الممكن أن يعملا الكثير سوية للتقدم».
وأعرب كيري عن شكره لبوتين على حسن الضيافة والجهود التي يبذلها نظيره سيرغي لافروف وفريقه للتعاون مع الولايات المتحدة، مذكراً بالإمكانية التي توفرت منذ فترة للحديث بين الرئيسين بوتين وأوباما في نيويورك وباريس.
وأكد الوزير الأميركي مخاطباً الرئيس بوتين بهذا الصدد أنه «كما أعربتم أنتم، أعرب الرئيس أوباما كذلك عن دعمه للسيد لافروف ولي ولفرقنا من أجل تشكيل موقف موحد إزاء حل المسائل المتعلقة بأوكرانيا وسورية».
وكان الوزيران لافروف وكيري قد عقدا أمس جولتين من المحادثات المكثفة، تركزت في الملفين السوري والأوكراني، وأمل وزير الخارجية الأميركي انعقاد لقاء نيويورك في موعده كما مشاركة روسيا فيه معولاً على «تقدم فعلي بشأن سورية خلال محادثات موسكو».
وأكد كيري: «أن روسيا والولايات المتحدة متفقتان على أن «داعش» خطر مشترك فلا يمكن التفاوض معه لأن عناصره إرهابيون يهاجمون الثقافات والتاريخ ولا يتركون أي خيار سوى القضاء عليهم ومكافحتهم».
ورأى الوزير الأميركي أن زيارته إلى موسكو ستعطي الفرصة الجيدة لبلوغ تقدم بشأن الموضوعات الموجودة على أجندة الأعمال، ولفت إلى وجود خلافات بين موسكو وواشنطن، وقال: «لكن أظهرنا أنه يمكن العمل معاً بشكل فاعل حيث ساهمت روسيا بشكل كبير في التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي وأظهرت أنها شريك ذو أهمية كبيرة خلال مفاوضات فيينا وكانت تشرف على تلك الاجتماعات وسنواصل هذه الجهود في نيويورك».
من جهة أخرى، أشار لافروف الى أن «بعض المسائل المتعلقة بسورية تحتاج إلى دراسة وفق صيغة فيينا»، و«مسألة الإرهاب أوسع من القضية السورية حيث يتوسع تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا وينشط في العراق وهناك ظواهر للنشاط الإرهابي في كل من اليمن وأفغانستان» موضحاً أنه ستتم مناقشة كل هذه المسائل مع كيري.
وكان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أعلن أنه «يمكن طرح سؤال حول نيويورك بعد استقبال الرئيس بوتين لوزيري الخارجية الروسي والأميركي وهذه المسألة قد تحسم أو لا تحسم»، موضحاً أن «وضع قائمة متفق عليها للتنظيمات الإرهابية سيتصدر محادثات الوزيرين لافروف وكيري في موسكو».
وفي السياق، نقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن رئيس الأركان الروسي ونظيره الأميركي ناقشا التعاون في المجال الجوي فوق سورية في مكالمة هاتفية أمس.
وقالت الوزارة: «تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن الوضع في سورية والنواحي العملية للتعاون بين القوات الجوية الروسية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش».
اللقاء الروسي الأميركي تزامن مع إعلان الرياض تشكيل تحالف إسلامي عسكري مؤلف من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، ومقره الرياض.
وجاء في البيان أنه «تأكيداً على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب، فقد تقرر تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، وأن يتم في مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود».
وذكر البيان أن الدول المشاركة في التحالف إلى جانب السعودية هي: الأردن، الإمارات، باكستان، البحرين، بنغلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توغو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الغابون، غينيا ، فلسطين، جزر القمر، قطر، ساحل العاج، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن.
وتابع: «أن هناك أكثر من عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، ومنها جمهورية اندونيسيا».
من جهة اخرى، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن التحالف الجديد ليس تحالف سنياً أو شيعياً، بل هو ضد الإرهاب والتطرف، مؤكداً أن التحالف مؤشر على التزام الدول الإسلامية بمحاربة الإرهاب، وأن الإسلام لا يجيز قتل الأبرياء.
وأشار الجبير إلى أنه «حان الوقت كي يقف العالم الإسلامي معاً في محاربة الإرهاب»، مضيفاً أن «دول التحالف الإسلامي هي التي ستحدد شكل مساهمتها»، مشدداً على ضرورة إيقاف تمويل الإرهابيين ومحاربة اديولوجيتهم، داعياً العالم الإسلامي للوقوف صفاً واحداً في محاربة الإرهاب.
وأوضح الوزير السعودي أن التحالف سيعمل على التنسيق مع الدول الكبرى ضد الإرهاب، مضيفاً أن السعودية شاركت بالفعل في غارات التحالف الدولي على تنظيم «داعش».
في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان أن هدف التحالف هو مكافحة جميع المنظمات الإرهابية وليس «داعش» فقط، مضيفاً أن التحالف سيطور محاربة الإرهاب فكرياً، وسيحارب كل المنظمات الإرهابية، حيث أن الإرهاب منتشر في دول عدة وتتطلب مكافحته جهوداً كبيرة.
وأضاف بن سلمان أن «كل دولة إسلامية تحارب الإرهاب بشكل منفرد في حين أن المنظمة الإرهابية تعمل تحت قيادة واحدة»، مؤكداً أهمية تنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب في أنحاء العالم الإسلامي.
وتوالت ردود الفعل الدولية على تشكيل التحالف الأسلامي العسكري الجديد بقيادة السعودية، حيث رحبت واشنطن بالتحالف مؤكدة أنه يتماشى مع دعواتها لاضطلاع الدول السنية بدور أكبر في محاربة تنظيم «داعش».
وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر «نتطلع إلى معرفة المزيد عما يدور في ذهن السعودية بخصوص هذا التحالف».
أما في موسكو، فقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية: «لم تتوفر بعد لدينا المعلومات التفصيلية التي نحتاجها، أي ممن يتشكل التحالف؟ وما هي أهدافه؟ وبأي شكل سيحارب الإرهاب؟»، عاكساً تريّث روسيا لتقييم التحالف رغم تأكيد إيجابية توحيد الجهود في محاربة الإرهاب.
بدوره اعتبر مجلس الاتحاد الروسي أن «عدم مشاركة إيران والعراق في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب يثير تساؤلات حول طبيعته وأهدافه» فيما ذهب خبراء روس إلى حد التحذير من أن يكون هدف التحالف الإسلامي إعادة احتلال العراق لتكريس تقسيمه على أرضية طائفية بذريعة محاربة الإرهاب».
من جهته قال رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو أن التحالف الإسلامي هو الجواب الرادع لمساعي ربط الإرهاب بالإسلام. وأكد أن بلاده مستعدة للمساهمة بقدر المستطاع، في حال ترتيب اجتماع لمكافحة الإرهاب، بغض النظر عن الجهة المنظمة، و«نعتبر هذه الجهود بين البلدان الإسلامية خطوات صحيحة».