آل سعود.. صدمة الهزيمة
نظام مارديني
إذا ما نظرنا إلى الإرهاب بوصفه نتاجاً لإحداثيات متغيّرة ينتقل في فضاء خارطة سوسيو ـ استراتيجية متعددة، نكون قد أحطنا بحدود متحركة له وداعمة. فبعد تسعة أشهر على بدء المغامرة السعودية في اليمن ها هو محمد بن سلمان ينعى التحالف ويعلن عن تحالف آخر طائفي مذهبي جديد ضد «الإرهاب» في مؤتمر هزيل لم يتعدَّ الست دقائق، بدا فيه مُربَكًا ومهزوماً وفاقدًا للثقة بعد ضربة باب المندب، ومن دون أن يقدم لنا تعريفاً لمفهوم الإرهاب، كما تراه مملكة السواد.
في ضوء هذه الصورة المختصرة ذهبت الرياض وحلفاؤها إلى سويسرا بعد أشهر تسعة من عدوانها الهمجي على اليمن، تنامى في حضنها نفوذ الجماعات الإرهابيّة المسلحة، خصوصاً تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في مدن الجنوب، وهذا يُعَدّ ورقة ضغط في أيدي أنصار الله، إذ كان بند «مكافحة الإرهاب» على رأس جدول أعمال المحادثات.
وتبين من العدوان على اليمن، أن جهل آل سعود لا يقتصر على الدين، وإنما يتضح أنهم لم يفهموا شيئاً مِنَ التاريخ، أو يعتبروا مِنه فالملاحظ أنهم لَم يستفيدوا مِن تجربة فيتنام وأفغانستان ودخلوا في حربٍ مع اليمن السعيد بتضاريسه، ما أثبتَ غرورهم المفرط، وسياستهم الهوجاء وهزيمتهم النكراء.
وإذا كان التاريخ يُعطي العِبر لمن يَعتبر فالأحداث ذاتها سجلها في حربين كبيرتين سابقتين، انتهت بتلاشي غرور الدول الكبرى، وانتصار الحركات الشعبية في فيتنام مثالاً ، وعلى آل سعود بالذات فهم هاتين الحربين، وأغلب الظن أنهم لم ولَن يفهموها لأنهم بالأصل لم يدركوا حظوظهم العسكرية السابقة في اليمن، فالسعودية كانت قد حاولت ثلاث مرات التأثير عسكرياً في اليمن وفشلت في الأعوام 1933 و1970 و1990 ! لو تذكّرت السعودية كيف خرَج الجيش الأميركي العام 1975 مُثقلاً بالجراح، من فيتنام، بما يقارب بخمسة وستين ألف قتيل وأربعة أضعافهم جرحى، لما كان لغرورها وأموال نفطها ومراهقة ولي ولي عهدها أن تقامر في حرب ظالمة ضد اليمنيين كهذه.
كانت الغاية واحدة للحروب الثلاث ولكن الطبيعة كانت أقوى مِنَ الثلاث!
لا يمكن بأي شكل من الأشكال تشبيه مملكة السواد في السعودية، بدولٍة كبرى مثل أميركا، وكنتيجة لحجم الخسائر المالية والعسكرية إضافة لتهديد الثوار اليمنيين للمناطق الحدودية السعودية، والضغط الداخلي وخطأها بإنشاء الجماعات التكفيرية ستجد السعودية نفسها بِلا دولة، ومعرَّضة لتهديد الزوال، وهو ما تؤكده قرارات المراهق سلمان المتخبطة، ومحاولاتها للخروج من المأزق لكن بهذه الإشارات نجد أن السعودية حفرت قبرها بيديها، وسوف تعود لحجمها الطبيعي مع الصغار، إن تسنى لها ذلك.
مع مملكة السواد تآكلت الحرية والسيادة، إن وجدتا، رغم أنها حققت هيمنة هشّة بواسطة المال الوهابي … الهيمنة بالمعنى الذي عناه غرامشي، أي السيطرة التي يتقبّلها المسيطَر عليه لقاء وعود وامتيازات صغيرة تافهة.