تحالف لمكافحة الإرهاب أم لدعم الإرهاب؟
حميدي العبدالله
أعلنت السعودية، وبشكل مفاجئ، وقبل أقلّ من عشر ساعات على وقف إطلاق النار في اليمن، عن تشكيل تحالف عربي إسلامي لمكافحة الجماعات الإرهابية «أياً كان مذهبها وتسميتها». وقالت إنّ 35 دولة عربية وإسلامية شاركت في هذا التحالف الذي سيكون مقرّه الرياض.
جدّية تشكيل هذا «التحالف العسكري» عبّر عنها الإعلان الذي قال إنّ لبنان في عداد الدول الـ35 دولة المشاركة في هذا التحالف. ومن المعروف أنّ لبنان لم يناقش هذه المسألة وليس هناك اجتماعات لمجلس الوزراء ولا لوجود أيّ سلطة مخوّلة يمكنها أن تقحم لبنان في هكذا قرار. وهذا يعني أنّ هذا التحالف هو على الورق ولم تستشر حكومات الدول العربية والإسلامية التي أدرجت على لائحة الدول المشاركة فيه.
ومع ذلك يظلّ السؤال المطروح هل السعودية مؤهّلة لتشكيل تحالف يحارب الإرهاب؟
إذا كان تعريف الإرهاب وفق المفاهيم السعودية، فهذا يعني أنّ حزب الله في لبنان، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله في العراق، التي قاتلت قوات الاحتلال الأميركي، والدولة السورية، وحركة أنصار الله في اليمن، هي الجماعات الإرهابية، ولعلّ ما جاء في البيان السعودي المفاجئ عن مكافحة الجماعات الإرهابية «أياً كان مذهبها واسمها» يقصد هذا الأمر بالذات.
أما إذا كان هدف التحالف السعودي فعلاً مكافحة الإرهاب، فإنّ الكثيرين يتساءلون: هل مَن دعَم الإرهاب متمثلاً بـ«داعش» و«النصرة» وتشكيلات أخرى مهيّأ فعلاً لمكافحته؟
واضح أنّ السعودية وقطر وتركيا، وهذه الدول الثلاث، هي أبرز الدول المشاركة في التحالف العربي الإسلامي المزعوم لمكافحة الإرهاب لا تزال تقدّم الدعم لكلّ الجماعات الإرهابية، وفي مقدّمة هذه الجماعات تنظيم «داعش». من لا يصدّق عليه مراجعة التصريحات المتكرّرة للمسؤولين الأميركيين التي تطالب تركيا بإغلاق حدودها أمام «داعش»، وهذا يعني صراحة اتهام أنقرة بأنها تقدّم أشكالاً مختلفة من الدعم لـ«داعش»، وليس فقط للتنظيمات الإرهابية الأخرى، ومن يتابع التغطية الإعلامية لنشاط «داعش» الإجرامي، سواء في سورية أو العراق، يعرف حقيقة مواقف هذه الدول من الإرهاب. كما أنّ ثمة خلافاً بين العديد من الدول وعلى رأسها روسيا وإيران مع السعودية حول تعريف مَن هي التنظيمات الإرهابية. على سبيل المثال السعودية وجهت الدعوة إلى «حركة أحرار الشام» و«جيش الإسلام» للمشاركة في مؤتمر المعارضة السورية، وموسكو تصنّف هذين التشكيلين العسكريين بأنهما تشكيلان إرهابيان، فمن هي المرجعية المؤهّلة للبت في هذه المسألة، وهل يحق لدولة مثل السعودية، غالبية الإرهابيين في العالم، في الماضي والحاضر، جاؤوا منها ويؤمنون بالقيم والمبادئ الرسمية المعتمدة فيها، أن تحدّد من هي القوى الإرهابية ومن لا ينطبق عليها هذا الوصف.
لا شك أنّ هذا الإعلان مجرّد حملة علاقات عامة هدفها الالتفاف على أيّ حلف جدّي لمكافحة الإرهاب.