غداً في نيويورك تصنيف الإرهاب… وفي جنيف وقف الغارات… شروط النجاح قصف للتوغل التركي قرب الموصل… واشنطن تندّد وتدعو أنقرة للانسحاب
كتب المحرّر السياسي
يتطلّع الرعاة إلى نجاح مبادراتهم، فيجدون في النزاعات أمامهم فريقاً يعتمد العربدة والتذاكي، وفريقاً يعتمد الجدية والمسؤولية، لكنه يلجأ إلى الحزم عند الضرورة، وهذا هو حال مساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ملفي سورية واليمن، اللذين استهلكا زيارته إلى موسكو، ليعود حاملاً الشروط التي بدونها يصعب التقدّم، وبالتالي الخروج بالحدّ الأدنى من ماء الوجه، ففي اليمن كلام واضح للحوثيين بأنّ وقف النار الهشّ والمفاوضات التي تدخل يومها الثالث معرّضان للانهيار ما لم تتوقف الغارات السعودية، بينما على المسار السوري لا بدّ من التسليم بالعودة إلى تصنيف التنظيمات الإرهابية كأولوية للدخول على خط سواها من البنود، وهنا العقبة في مصير التنظيمين الرئيسيّين في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، «جيش الإسلام» و»أحرار الشام»، اللذين تقدّمت روسيا وإيران بطلب ضمّهما إلى لائحة التنظيمات الإرهابية وفقاً لملفات موثقة، فقرصنت السعودية على دور لقاء فيينا المدعو للانعقاد في نيويورك غداً، وضمّتهما إلى مؤتمر الرياض للمعارضة، ما يجعل مستقبل اللقاء متوقفاً على حسم هذا الملف، وإلا ستتحوّل جلسة مجلس الأمن الخاصة بسورية التي يريدها كيري مجرد جلسة شكلية لتبادل الآراء بدلاً من إقرار لائحة التنظيمات الإرهابية.
بالتوازي مع القصف السياسي للعربدة السعودية، قصف عسكري وسياسي للقوات التركية المتوغلة في العراق، قرب الموصل، بعدما تساقطت قذائف صاروخية تبنّتها كتائب حزب الله في العراق، واستهدفت معسكر القوات التركية قرب الموصل موقعة عدداً من الجرحى، لتتلقى أنقرة مع الصفعة العسكرية، صفعة سياسية أميركية على لسان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي ندّد بالهجوم داعياً تركيا إلى التوقف عن المماطلة والإسراع بسحب قواتها من العراق.
في لبنان، حُسم أمر التريّث بشأن المبادرة الرئاسية التي تبنّاها ولم يعلنها الرئيس سعد الحريري، ورحّل الاستحقاق الرئاسي إلى العام المقبل، بينما طفت على السطح التداعيات الأخطر على فريق الرابع عشر من آذار بتصدّع جناحَيْه تيار المستقبل والقوات اللبنانية وتعثر محاولات الترميم على خط الحريري ورئيس القوات سمير جعجع، بعدما بدا أنّ فريق الثامن من آذار قد نجح في استعادة العافية ولملمة صفوفه إثر الصدمة التي أحدثتها المبادرة الحريرية، ليكون الحدث الأبرز تداعيات قرار رئيس الحكومة تمام سلام ضمّ لبنان إلى الحلف السعودي ضدّ الإرهاب وتمسكه بهذا الموقف رغم لا دستوريته، وتعريضه الروح الميثاقية للخطر، خصوصاً مع تبنّي السعودية تصنيفاً لحزب الله على لائحتها للإرهاب، لتكتمل الفضيحة بتنصّل باكستان واستغرابها زجّ اسمها من دون موافقتها بين أعضاء الحلف، وإعلان مصر حصر مشاركتها بتبادل المعلومات بعدما أعلنت أندونيسيا وعُمان رفضهما عضوية الحلف.
التسوية الرئاسية في العناية الفائقة
دخلت التسوية الرئاسية العناية الفائقة، فلم يسجّل أي تطور على صعيد الاتصالات والمشاورات الجارية بين المعنيين في الشأن الرئاسي، والجلسة الثالثة والثلاثون التي كان يُعوّل عليها لإنهاء الفراغ الرئاسي انتهت بإرجاء جديد إلى 7 كانون الثاني من العام المقبل، لينتهي العام 2015 باستمرار الفراغ الرئاسي.
حركة وقائية داخل 14 آذار
وإزاء ذلك، نشطت الاتصالات داخل فريق 14 آذار أمس، في حركة وقائية لما قد ينتج عن رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في إطلالته التلفزيونية اليوم والتي سيسرد فيها وقائع ترشيحه لرئاسة الجمهورية من قبل الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وما حكي عن دور فرنسي وأميركي وترحيب سعودي.
وينقل سياسي بارز لـ«البناء» عن مسؤولين أميركيين، أن «السفير الأميركي ديفيد هِلْ ليس صاحب فكرة ترشيح فرنجية على الإطلاق»، مشيراً إلى «أن الولايات المتحدة لا تضع فيتو على أي مرشح، لكنها لم تخطط أو تطرح اسم فرنجية وإن كانت لا تمانع في ترشيحه، فما يهمها هو إنهاء الفراغ لا أكثر ولا أقل».
«ترقيع» العلاقة مع جعجع
ولرأب الصدع بين بيت الوسط ومعراب، زار مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري يرافقه المستشار الإعلامي للرئيس الحريري هاني حمود رئيس حزب القوات سمير جعجع في معراب. وتأتي هذه الزيارة المستقبلية التي غاب عنها الوزير السابق غطاس خوري لـ«ترقيع» العلاقة مع جعجع، بحسب ما أكد مصدر بارز في تيار المستقبل لـ«البناء»، مشيراً إلى «أن طرح الحريري جُمّد وربما تعثّر، ولذلك يحاول كل فريق سواء داخل 14 آذار أو 8 آذار لملمة وضعه الداخلي، وإن كانت تأثيرات هذا الترشيح لم تتسبّب بتصدع فريق 8 آذار كما حصل داخل 14 آذار».
وتشير أوساط «القوات اللبنانية» لـ«البناء» إلى «أن الأجواء ليست إيجابية، وأن هناك استحالة في العودة بالعلاقة مع الحريري إلى ما كانت عليه».
وتشير أوساط مطلعة لـ«البناء» أن «الوزير فرنجية سيعمل بالنصائح التي سمعها من الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله»، مشيرة إلى «أن النائب وليد جنبلاط أبلغ فرنجية أن موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يكون مغايراً لموقف حزب الله في جلسة انتخاب الرئيس. وشددت الأوساط على وحدة «الموقف الشيعي» داخل فريق 8 آذار ومع التيار الوطني الحر»، مشيرة إلى «أن فريق 8 آذار مستمر في دعم العماد عون وأن الوزير فرنجية ليس بعيداً عن هذا الجو».
أما لقاء الأربعاء الذي اقتصر على خبرية من هنا وخبرية من هناك، كما تقول مصادر نيابية شاركت في اللقاء لـ«البناء، فيعرف بالسلب فهو لم يأت على ذكر أي قضية سياسية، سواء رئاسة الجمهورية، أو مجلس الوزراء، أو النفايات، إنما «جوجلة» عامة في ما يتعلق بقانون الانتخاب، فرئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يُجِب عن سؤال أحد النواب عن التسوية الرئاسية. وإن كان الرئيس بري أكد للإعلاميين المعتمدين في عين التينة «أن فكرة التحالف الإسلامي سبق أن طرحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومثل هذه المواضيع تناقش داخل مجلس الوزراء لاتخاذ الموقف المناسب منه، ولا حاجة إلى إثارة أي جدل خارج هذا الإطار». وقال بري: «هناك بحث في العالم حول الإرهاب، ولكن أقول بوضوح إنه لا يمكن وصف المقاومة ضد إسرائيل في لبنان أو غير لبنان بالإرهاب على الإطلاق، وليس وارداً أبداً تصنيف هذه المقاومة في هذه الخانة».
موقف لحزب الله من «التحالف» اليوم
وفي السياق، من المتوقع أن يعلن حزب الله موقفاً من إعلان التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، عقب اجتماع كتلة الوفاء للمقاومة اليوم.
وفي إطار الحرب الإعلامية والاقتصادية والسياسية التي يشنها الغرب والسعودية ضد محور المقاومة، وخصوصاً حزب الله، أقر الكونغرس الأميركي عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله. وبموجب هذا القرار سيتوجب على الرئيس الأميركي باراك أوباما اتخاذ الإجراءات اللازمة لفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل مع حزب الله أو تبيّض أموالاً لحسابه، وفقاً لنص القرار. كما يطلب من الإدارة الأميركية أن تقدّم إلى الكونغرس سلسلة من التقارير لإلقاء الضوء على النشاطات الدولية لحزب الله، خصوصاً في أميركا اللاتينية وإفريقيا وفي آسيا. كما سيتوجّب على السلطة التنفيذية في واشنطن تحديد الدول التي تدعم حزب الله أو تلك التي يملك فيها الحزب قاعدة لوجستية مهمة.
ويأتي ذلك، بعد إدراج الولايات المتحدة شهر حزيران الفائت ثلاثة رجال أعمال قالت إنهم تابعون لـ«حزب الله» والشركات التي يملكونها، على لائحة عقوبات تجميد الأصول المصرفية، وإدراج المملكة قياديين من حزب الله على لائحة الإرهاب، وحجب قناة المنار عن قمر عرب سات.
«القرار الأميركي».. تصعيد إعلامي ابتزازي
وتؤكد مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» «أن هذا القرار جزء من تصعيد إعلامي ابتزازي، في وقت أن هناك أكثر من طاولة تفاوض دولية وإقليمية مفتوحة، منها معلن ومنها غير معلَن، في اليمن وسورية». ولفتت المصادر إلى «أن هذا القرار إذا لم يُقرن بمفاعيل تنفيذية صادرة عن إدارة الرئيس الأميركي، يبقى غير ذي قيمة مباشرة، لكن لا شك في أنه يعبر عن مزيد من التصعيد الأميركي تجاه المقاومة في لبنان وحلف المقاومة في المنطقة».
وتسلّم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل دعوة رسمية للمشاركة في اجتماع المجموعة الدولية في شأن سورية، الذي سيعقد في نيويورك غداً الجمعة، من القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز الذي أكد أن المناسبة «فرصة للبنان للمشاركة إلى جانب المجموعة الدولية لدعم سورية في إحراز تقدم على هذا المسار الذي أطلقناه في فيينا».
جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل
وفي الشأن الحكومي، أكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«البناء» أن «رئيس الحكومة سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل للبت في ترحيل النفايات»، مشيرة إلى «أن لا حل لهذا الملف إلا بالترحيل»، وشددت المصادر على «الحاجة إلى إقرار الوزير علي حسن خليل المال اللازم لإتمام العملية»، مشيرة إلى «أن هذا الأمر سيتابع اليوم مع الوزير خليل في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفايات التي ستستكمل أيضاً البحث في الشقين القانوني والفني لعملية الترحيل. وأكدت المصادر أن الرئيس سلام «تبلغ أن وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله سيشاركون في الجلسة، برغم اعتراض التيار الوطني الحر على ارتفاع الأسعار»، واعتبرت المصادر «أن الأسعار التي يتم التداول بها مبالغ بها إلى حد كبير».
وأكد وزير الزراعة أكرم شهيب «أنه متفائل دائماً، وفي النهاية سوف ترفع النفايات، لأن الكلفة الاقتصادية والكلفة الصحية في الموضوع البيئي مهما كانت للتخلص من هذه المشكلة فهي تبقى أقل من تلك الكلفة، والسعر الذي يُحكى عنه يحتاج إلى تدقيق كبير».