هآرتس: حماس… شريك في السر وعدو في العلن…

بقلم تسفي بارئيل

حركة حماس، هي الشريك الخفي والعدو المُعلن «لإسرائيل»، في الوقت ذاته، وكل التقديرات تؤكد أن ليس من مصلحة «إسرائيل» وحماس التصعيد في الوقت الحالي. كما أن التحليلات التي تقول إنه ليس من مصلحة «إسرائيل» وحماس تصعيد المواجهة، اكتسبت مكانة قوية. سواء بعد إطلاق الصواريخ من غزة أو على خلفية العثور على جثث المستوطنين الثلاثة. فتلك التقديرات تبدو من حيث الظاهر بمثابة صافرة تهدئة، لكنها تعكس في الأساس، الواقع المتعرج الذي يتعين فيه على كل جانب أن يبدو كأنه عدو، والتصرف في الوقت نفسه كشريك.

«إسرائيل» أعلنت حرباً شاملة على حماس، وهو موقف عسكري واستخباراي وسياسي، اقترن بالتعامل مع تلك الحركة منذ سنوات. وحماس من جانبها، أعلنت أنها لا تعترف بـ«إسرائيل» وتصفها بالعدو الذي يجب القضاء عليه، أو على الأقل طرده من المنطقة عبر النضال المسلح، وهذه العقيدة تستخدم كنافذة عرض فقط.

في ظل الظروف المفروضة على «إسرائيل» وحماس، وهي ليست وليدة الأسابيع الأخيرة، نجد أن الجانبين مرتبطان ببعضهما بعضاً، إذ تحتاج حماس للهدوء في القطاع، ليس فقط من أجل مواصلة السيطرة هناك في إطار اتفاق المصالحة مع حركة فتح، وإنما من أجل ترميم علاقتها مع مصر.

منذ اللحظة التي جرى التوقيع فيها على اتفاق المصالحة مع فتح، بدأت حماس العمل على التخلص من صورة المنظمة الإرهابية والفصيل التابع لحركة الإخوان المسلمين التي صنفتها مصر كتنظيم إرهابي. يضاف إلى ذلك أن حماس تواجه قوى أكبر منها مثل مصر وقطر والسعودية، التي فرضت عليها اتفاق المصالحة والتنازلات التي قدمتها من أجل ذلك.

وتحتاج «إسرائيل» حتى لو لم تقل ذلك علانية، إلى إظهار قيادة قوية في غزة، وتصريحات القيادات «الإسرائيلية» بأن حماس تتحمل مسؤولية كل ما يجري في غزة، لها ثمن سياسي، اذ أن تصريحات كهذه لا يمكن أن تعتبر مبرراً فحسب للهجمات «الإسرائيلية» أو المساس بقيادات حماس، وإنما هي اعتراف بمكانة حماس ومطالبة لقيادتها ببسط نفوذها وقوتها على التنظيمات الأخرى، فعندما يكون الهدوء في الجنوب مصلحة «إسرائيلية»، فإن حماس هي وحدها القادرة على توفير تلك السلعة، ولو بشكل محدود.

لقد أخذت حماس على عاتقها تلك المسؤولية، وأثبتت قدرتها على حفظ الهدوء على مدار أشهر طويلة، كما أقامت وحدات خاصة لإحباط محاولات إطلاق النار على «إسرائيل» من قبل المنظمات التي تتحداها، وهنا تكمن المصلحة المشتركة بين «إسرائيل» وحماس التي أدت إلى الشراكة غير الرسمية بينهما.

لكن أزمة خطيرة نشبت في تلك العلاقة. فحماس التي تؤكد أنها لم تعرف شيئاً عن الاختطاف ولم يكن لديها أية تفاصيل حول ظروف الاختطاف وامتنعت عن المشاركة في المواجهات الصاروخية مع «إسرائيل»، لا يمكنها إلّا أن تدعم منفذي عملية الاختطاف. وفي المقابل، فإن «إسرائيل» التي تحتاج لقيادة قوية في غزة، لا يمكنها من حيث الظاهر أن تسمح لنفسها بخروج حماس من دون خسائر.

وبين طرفي الأزمة، يحاول الطرفان التصرف بحذر وبشكل مدروس. فـ»إسرائيل» لا تريد فعلاً تحطيم قيادة حماس، وكذلك لا تريد معاقبة غزة بشكل مبالغ فيه، إذ أن عملية مكثفة قد تدفع محمود عباس أيضاً للوقوف إلى جانب حماس واتخاذ خطوات على الساحة الدولية. وعلى هذا الأساس يواصل الطرفان إدارة حوار بلغة الإشارة للإقرار بحدود الاتفاق بينهما. وغياب اتفاقات رسمية، هو أقصى ما يمكن تحقيقه الآن، وهذا ليس بالأمر الهين.

ترجمة: غسان محمد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى