مديريّة الآثار والمتاحف تعيد تأهيل قلعة الحصن… وترمّم فسيفساء الجامع الأمويّ الكبير
دمشق ـ ميس العاني
أنهى الفريق المتخصص في المديرية العامة للآثار والمتاحف المرحلة الأولى من مشروع إعادة تأهيل قلعة الحصن بعد الأضرار التي لحقت بها من اعتداءات المجموعات الإرهابية المسلحة. وقال الدكتور مأمون عبد الكريم المدير العام للآثار والمتاحف إنه بعد إجراء تقويم أولي للأضرار ثم بدئ في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة العمل التي انتهت الشهر الفائت وتضمنت تنظيف القلعة من المخلّفات التي تركتها المجموعات الإرهابية المسلحة في القلعة. وأشار إلى أنه تم توثيق جميع الأضرار من خلال الرسم الهندسي والصور الفوتوغرافية بشكل منهجي وعلمي، مع فرزالأحجار المنهارة من الأجزاء كافة وتجميعها في أماكن قريبة من أماكن الانهيار وترقيمها، ليصار الى إعادة استخدامها في أماكنها الأصلية لدى البدء في أعمال إعادة البناء والترميم. وأشار إلى أن عمليات التقويم شملت كذلك أعمال التدعيم الإسعافي التدعيم الموقت للأجزاء الخطيرة والمهددة بالانهيار لدرء الخطر عن الأشخاص الذين سيقومون بأعمال التنظيف والفرز، إضافة الى مراقبة التشققات والانزياحات ضمن الجدران نتيجة الانهيارات الحاصلة. وبعد معاينة الأضرار صنفت في ثلاثة مستويات، أضرار بسيطة، أضرار متوسطة، أضرار بالغة، وتمثلت الأضرار البسيطة بأضرار سطحية لبعض الأحجار الموزعة في عدد من واجهات القلعة الداخلية والخارجية مثل تفتت وجه الحجر بسماكة لا تزيد على 2سم، وتهشم أطراف بعض الأحجار بسماكات تتجاوز 10سم، وأضرار في طبقة العزل لبعض الأسطح إضافة إلى تلوث سطح بعض الواجهات. فيما اقتصرت المتوسطة على تحطم أجزاء كبيرة من الحجر الواحد وسقوط بعض الأحجار من بعض الواجهات وبعض الأقواس لكن هذه الأضرار لا تؤثر على التوازن الإنشائي للمكان المتضرر.
أما الأضرار البالغة فتمثلت في تكسر أجزاء كبيرة من الحجر الواحد وسقوط بعض الأحجار من بعض الواجهات وبعض الأقواس التي تؤثر نوعاً ما في التوازن الإنشائي للمكان المتضرر، بالإضافة إلى انهيار كامل لأجزاء من جدران وأسقف وأدراج لبعض الفراغات.وكشف عبد الكريم عن أن هذه الأضرار ظهرت في انهيار أكثر من نصف جدار برج الملك الظاهر بيبرس وانهيار الزاوية السفلية للإسطبل المطلة على الخندق وتخلخل أحجار الجدار الشرقي للخندق، مع انهيار جزء بسيط من الكتلة الصخرية التي تحمل الجسر الذي يمرّ فوقه، إضافة الى انهيار كامل للدرج الموجود في ساحة قاعة الفرسان وانهيار جزء من جدار غرف الحرس الواقعة ضمن السور الداخلي المطلة على ساحة الفرسان وانهيار جزء من السقف لقاعة منامة الجنود وانهيار جزء من سقف الممر الواصل الى المطبخ وتخلخل أحجار الدعامة الحاملة سقف الممر المتصل بالمطبخ، وتخلخل أحجار الجدار الذي يعلو قاعة الفرسان، والمطل على الساحة. كما أدت الأضرار الى انهيار الزخارف المعمارية المزينة لقوسين من قاعة الفرسان، وانهيار الدرج الداخلي لبرج التخزين الى السطح وانهيار عقد أحد العقود المتصالبة المشكلة للسقف الأخير لبرج التخزين.
من المقرر أن يستمر فريق العمل في الأشهر الستة المقبلة في إنجاز أعمال المراقبة الإنشائية للأجزاء المتضررة، تزامناً مع إعداد الإضبارة التنفيذية لمختلف أعمال التدعيم والترميم وإعادة البناء، لتنفذ بعد ذلك أعمال الترميم المطلوبة وفق الإضبارة التنفيذية خلال عام 2015.
فسيفساء الجامع الأموي الكبير
في جانب آخر، رمّمت الكوادر الوطنية في مديرية المخابر في المديرية العامة للآثار والمتاحف حديثاً الجزء المتضرر من لوحة الفسيفساء التي تزين الواجهة الخارجية الرئيسية لحرم الجامع الأموي في دمشق التي تضررت في وقت سابق بفعل اعتداء إرهابي بقذيفة هاون. وأعلن الدكتور مأمون عبد الكريم مدير المديرية العامة للآثار والمتاحف تشكيل لجنة من الخبراء مهمتهم توثيق الحالة الراهنة للوحات الفسيفساء في الجامع الأموي، وتبين خلال أعمال الدراسة والتوثيق حالة الحفظ السيئة جداً للوحة الفسيفساء التي تزين الحرم وقابليتها للسقوط.
يقول عبد الكريم إنه بفضل التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف ووزارة الثقافة وإدارة الجامع الأموي شكلت لجنة مشتركة بين المديرية العامة للآثار والمتاحف ووزارة الأوقاف للتدخل السريع لصيانة اللوحة التي تزين الحرم وترميمها، إذ لم ترمم البتة منذ الحريق الذي تعرض له الجامع الأموي عام 1893 وتعاني أضراراً بليغة وهي في حالة حفظ سيئة جداً وعرضة للسقوط.
في دراسة للفسيفساء الموجودة أفاد الخبراء في المديرية العامة للآثار والمتاحف أن بعض أجزاء اللوحة تؤرخ على الأرجح إلى القرن الحادي عشر وأجزاء أخرى إلى الفترة بين القرن 12 والقرن 13 م.
كما أوضح مدير المخابر في المديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور كميت العبد الله، الخبير في دراسة فن الفسيفساء القديم، أن مشاهد اللوحة تصور مباني وأشجاراً تنسجم مع مواضيع لوحات الفسيفساء التي تزين الجامع الأموي، وأن عمليات الترميم ستكشف عن المزيد من المشاهد والزخارف الجديدة.
الدكتور محمود السيد، نائب مدير المخابر وقارئ النقوش الكتابية القديمة في المديرية العامة للآثار والمتاحف، أشار إلى أن أهم ما يتميز به الجامع الأموي الكبير في دمشق أضخم آبدة أثرية باقية من العصر الأموي هو احتفاظه إلى اليوم ببقايا أجزاء أصلية أموية من لوحات الفسيفساء أهمها لوحة الفسيفساء التي تزين الواجهة الخارجية الرئيسية لحرم الجامع الأموي، والتي ما زالت أجزاء منها أموية أصلية تعود إلى عهد بعهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك 705-717 .
يلفت خبيرا الترميم محمد أمين كايد وبرهان الزراع إلى أن اللوحة تعاني انفصالاً عن الجدران الحاملة وتشققات وانتفاخات كبيرة، بالإضافة إلى وجود طبقات كربونية نتيجة الحريق الذي تعرضت له بسماكة من 1-2 مم، فضلاً عن طبقة من روث الطيور.
عملية الترميم بدأت بإجراءات «إسعافية» شملت تدعيم الأجزاء التالفة وإزالة الرواسب الكربونية كافة عن السطح وإظهار الألوان الأساسية للمكعبات
المستخدمة في التشكيل الزخرفي، ومن المقرر أن تنشر المديرية في وقت لاحق جميع مراحل الترميم والصيانة والحفظ.