سورية لن تنجرّ إلى مخططات ومغامرات الكيان الصهيوني وحلفائه
هشام الهبيشان
في هذه المرحلة تحديداً من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية، نستطيع أن نرسم خطوطاً عامة للأحداث كافة التي عشنا تفاصيلها في الساعات القليلة الماضية، من خلال تطورات أحداث العدوان الصهيوني على دمشق وأبعاده وخلفياته، والذي استهدف تحديداً مبنى سكنياً في جرمانا وأدى إلى استشهاد القيادي في المقاومة سمير القنطار، واللافت أنّ العدوان تزامن مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 حول سورية.
اليوم وليس بعيداً عن القرار الدولي المذكور، عاد الكيان الصهيوني ليمارس من جديد دوره القديم الجديد في إعادة صياغة ورسم ملامح جديدة لأهداف مؤامرته القديمة الجديدة على الدولة السورية واستراتيجيات تلك المؤامرة، خصوصاً بعد أن قام الطيران الصهيوني بعملية اغتيال الشهيد القنطار. هذا العدوان الذي لا يمكن وضعه إلا في خانة نسف كلّ المقررات والتوافقات الدولية حول سورية التي تمّ التوصل إليها مؤخراً في فيينا وموسكو ونيويورك، ويوضع على الجانب الآخر في خانة دعم المجاميع المسلحة المتطرفة والتي شارفت جميع حصونها وبؤرها على الانهيار، في ظلّ تصاعد قوة وصمود الدولة السورية وجيشها، ومع بروز مؤشرات انتصارها على هذه المؤامرة الكبرى، واتساع حجم انتشار استراتيجية المصالحة الوطنية.
لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الكيان الصهيوني حاول ولا يزال المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا السورية، وقد أظهر منذ بداية الأزمة رغبته الجامحة في إسقاط الدولة في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيارها وسقوط نظامها السياسي، فكانت له صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها ضرب جمرايا إسناداً للجماعات المتطرفة في دمشق، في محاولة يائسة لإسقاط دمشق، وليس آخرها ما جرى من أحداث في القنيطرة وريف دمشق وجرمانا، وإسناد المتطرفين في حربهم ضدّ الجيش السوري والاشتراك، بشكل مباشر، في المعارك في الجنوب السوري، خصوصاً في معارك أرياف القنيطرة الأخيرة، مروراً بعاصفة الجنوب ومعارك أرياف درعا، وليس انتهاء بمعارك تلال المال والحارة الاستراتيجية والمعارك التي دارت حول معبر نصيب الحدودي مع الأردن مطلع العام الحالي، ومعارك جبل الشيخ وريف درعا الغربي.
هذه المعارك بمجموعها كانت تُدار برؤية استراتيجية صهيونية بالشراكة مع مَن يدير هذه المجاميع المسلحة المتطرفة.
على محور هام متصل بهذا العدوان الصهيوني الصارخ على الأراضي السورية، واستهداف بعض عناصر حزب الله وعلى رأسهم عميد الأسرى المحررين، يبدو جلياً أنّ الكيان الصهيوني وساسته وجنرالاته يسعون اليوم ومن خلال عدوانهم المباشر على الأراضي السورية إلى إيصال مجموعة رسائل، أهمها أنّ كلّ التفاهمات التي تمّ التوصل إليها في نيويورك مؤخراً بخصوص الملف السوري، يستطيع الصهاينة نسفها بمغامرات ومقامرات جديدة في المنطقة. فهم يحاولون من خلال هذه العمليات العدوانية وهذه المغامرات إثبات أنه ما زال لهم دور ووجود في الملف السوري، وعلى الجميع عدم تجاوز هذا الدور الصهيوني المتمثّل بالدعم والتمويل والكمّ الهائل من الإمداد اللوجستي للمجاميع المسلحة المتطرفة بالمال والسلاح، وقد بات واضحاً أنّ الهدف من هذا الدعم هو رفع معنويات سقطت تحت ضربات الجيش العربي السوري، واليوم هم يحاولون قدر الإمكان إخراج هذه المجاميع المسلحة من غرف الإنعاش التي وضعتهم فيها ملحمة صمود الدولة السورية. كلّ هذه المحاولات لن تؤثر ولن تثني من عزيمة الدولة السورية المُصرّة على قطع دابر الإرهاب وداعميه ومحرّكيه ومموّليه على الأرض السورية.
إنّ الردّ السوري على كلّ هذه العمليات الصهيونية، سيكون مدروساً ولن تنجرّ سورية إلى مخططات يسعى إلى تنفيذها بعض الدول الإقليمية بالتعاون مع الكيان الصهيوني. الردّ السوري الذي سيكون واضحاً خلال الساعات المقبلة على هذا العدوان الصهيوني، هو استمرار الحسم السريع للجيش العربي السوري، ومعه قوى المقاومة، في معاركه مع المجاميع الإرهابية المسلحة التي يدعمها الكيان الصهيوني ويموّلها، وقد بات واضحاً في الفترة الأخيرة أنّ الجيش السوري قد استعاد زمام المبادرة في معارك أرياف القنيطرة ودرعا، بعد فشل سلسلة العواصف في الجنوب السوري في تحقيق أهدافها، والمتوقع هنا وبشكل واضح أنّ مهمة الردّ على عملية جرمانا ستكون من خلال حزب الله، والأيام المقبلة ستؤكد ذلك.
ختاماً، لكلّ مَن يتحدث عن عجز الدولة السورية عن الردّ، سورية ليست عاجزة وستردّ قريباً، لكنها تعرف أسس الردّ وحجمه ومكانه، وليس بالضرورة أن تردّ بنفسها، فمحور المقاومة حاضر وجاهز، والدولة السورية بدورها تعلم جيداً أنّ معركة هذه الكيانات الوظيفية الطارئة على المنطقة مع الدولة السورية لن تنتهي ما دامت لهذه الكيانات أدوات على الأرض السورية، لذلك تؤمن بأنّ حجم إنجازاتها على الأرض واستمرار معارك التطهير من رجس الإرهاب، توازياً مع انطلاق مسيرة الإصلاح والتجديد مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، هو الردّ الأفضل والأكثر تأثيراً اليوم على الكيانات الطارئة والوظيفية في المنطقة، وبقدر صمود سورية وضربها آفة الإرهاب والعمل على اجتثاثه من الأرض السورية، بقدر ما يكون حجم الردّ أقوى على هذه الكيانات والذي، سيعجّل، بدوره، في سقوط هذه الكيانات الطارئة على المنطقة، عاجلاً أم آجلاً.
كاتب وناشط سياسي الأردن
hesham.habeshan yahoo.com