دريان: المبادرات الوطنية صادقة والفرج آتٍ

أكّد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أنّ «علينا أن نوقف الدماء البريئة المتدفّقة، وعلينا أن نقف في وجه الخراب الذي ينزل بالبلدان والعمران والإنسان. وعلينا أن نقف اليوم قبل الغد في وجه هذا الخراب الذي يريد المتطرفون والإرهابيون إنزاله بديننا، وليس ببلداننا ودولنا وحسب».

وقال في رسالة وجّهها لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف: «أيها المسلمون، أيها اللبنانيون، إذا كان هذا كلّه يجري في جوارنا وعلى بني قومنا، أفلا يكون في ذلك عبرة لنا جميعاً، لكي نقي وطننا وجمهوريتنا الشرّ المستطير، الذي يوشك أن يحدث، أو أنّه بدأ يحدث بالفعل. إذا كان إخواننا في سورية والعراق قد فقدوا الزّمام من دون إرادة منهم، ولا قدرة على التغيير، فأنا أعرف وأنتم تعرفون أنّنا قادرون على الوقوف والتصرّف ومنع الانهيار، فلماذا تتعطّل مؤسساتنا الدستورية، من دون داع أو مسوّغ؟ ولماذا يتبادل سياسيونا الإدانة والتقاطع والتعطيل؟».

وأضاف: «قرأت في الصحف أنّ مجلس الوزراء اجتمع لبحث مشكلة النفايات فقط، والعالقة منذ قرابة العام، فيا بخت النفايات، ومتى يجتمع مجلس نوّابنا لانتخاب رئيس يكاد يمضي عامان على خلوّ المنصب منه فقط؟ لا يزال لدينا أمل بأنّ الفرج آتٍ مهما اشتدّت الصعاب، ووُضعت العراقيل في طريق انتخاب رئيس للبنان. والمبادرات الوطنية للحثّ على الانتخاب هي نيّات صادقة، ويعوّل عليها».

ورأى أنّ «لبنان بحاجة إلى مواطنيه، ومواطنوه بحاجة إليه، فلننهض من أجله ومن أجل أطفالنا وشبابنا. أم تريدون أن نلتمس من الدول الغربية الالتفات إلى أهل التعفّف منّا؟ ولست كبير الأمل بشأن إمكان إيوائهم لنا، نحن اللبنانيين، لأنّهم استقبلوا منّا مئات ألوف الهاربين من حروبنا السابقة».

على صعيدٍ آخر، أعلن المُفتي دريان ومُفتي جمهورية مصر العربية الشيخ شوقي علّام، ومُفتي الأردن الشيخ عبد الكريم خصاونة خلال اجتماعهم، في دار الفتوى، «إعلان بيروت للإعلام الديني المستنير» ووقّعوا عليه في حضور مُفتي المحافظات اللبنانية والعديد من العلماء، و جاء فيه:

«بالنّظر إلى تفاقم ظواهر التطرّف في المجتمعات العربية والإسلامية، واستخدامها لوسائل التواصل في التحريض على القتل والتنكيل والتكفير بما يُسيء إلى الأديان والأخلاق، وإلى قواعد وأعراف العيش المشترك، والحريات الخاصة والعامة، وإلى توجّهات الشباب، وإلى رؤية العالم للعرب والإسلام.

وبالنظر إلى ظواهر الفَلَتان والإثارة في المقابلات والآراء وبثّها في وسائل الإعلام والتواصل، بأشكال غير مسؤولة دينياً ووطنياً وأخلاقياً.

وبالنظر إلى أنّ الدعوة الدينية بيان وبلاغ ومسؤولية تجاه الدين والمجتمعات والعالم الأوسع فإنّ المُفتين المجتمعين بمقتضى مسؤولياتهم الدينية والعربية يتوجّهون إلى الجمهور العربي والإسلامي والعالمي بالبيان التالي:

أولاً: تجديد الالتزام بالخطاب الديني الإصلاحي والوسطي بما يؤدّي إلى الإسهام في صون الدين على ثوابته وأعرافه المستقرّة، ونشر قِيم السماحة والاعتدال، وتعزيز السلم في المجتمعات، واستعادة الثقة بين الأجيال، ودعم تقاليد العيش المشترك، وتصحيح العلاقة مع العالم.

ثانياً: تجديد الالتزام بتطوير إعلام ديني مستنير ومحترف وجذّاب يدعو ويعمل على نشر مقولات وقِيم ومفردات الدعوة الدينية المسؤولة، والعاملة على الوصول إلى سائر فئات المجتمع وبخاصة فئة الشباب بما يقتضيه ذلك من قبول للآخر الديني والمذهبي والوطني والعالمي، والتزام السلم والتكافؤ والثقة في حالات الاختلاف.

ثالثاً: التعاون بين دور الإفتاء في مصر والأردن ولبنان، في مجالات تبادل المعلومات والخبرات والزيارات المتعلّقة بالدعوة والإعلام، والتعاون في تدريب الأئمّة والمدرّسين على وسائل ووسائط مكافحة التطرّف في الدين، وأي تطرّف آخر يهدّد أمن المجتمعات العربية ووحدتها واستقرارها.

رابعاً: دعوة الجهات الدينية الإسلامية والمسيحية إلى التعاون في إقامة «مرقب» للعيش المشترك يكون مقرّه في بيروت، يتابع الحالة الدينية في العالم العربي، وينشر تقارير موضوعية ونقدية عنها في موقعه الخاص، وفي وسائل الإعلام العربية والعالمية.

خامساً: دعوة وسائل الإعلام العربية الخاصة والرسمية إلى التعامل مع القضايا الدينية بالمعرفة والمسؤولية والابتعاد عن الإثارة وتقصّد التمييز والتشويه، والتعاون مع الجهات الدينية من أجل بناء علاقات ثقة واحترام متبادل.

وختم: «لقد كان لبنان دائماً موطناً للحريات الدينية، وللعيش المشترك المتكافئ والمسؤول، وبلداً للإعلام المستنير والمتقدّم. وفي زمن ثورة الإعلام ووسائل الاتصال فإنّ الأمل أن تقوم بيروت العيش المشترك والمتعدّد، وبيروت الإعلام الجذّاب والمسؤول، بدور رائد ومستنير في نشر قِيم الاعتدال السياسي والاستقرار الاجتماعي من منظور قِيم الدين، والإسهام في تطوير رؤية منفتحة للعالم على العرب والإسلام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى