«ضربة المعلّم» من بكين: ننتظر وفد المعارضة نحو جنيف والأمل بحكومة وحدة المشنوق يبشّر بـ«شهور» للحلحلة الرئاسية… وعون يَعِد بـ«نهاية زمن الدموع»

كتب المحرر السياسي

المناورات تسابق المبادرات في ظلّ غياب التسويات، هذا ما وصف به مرجع حزبي بارز ما يجري على الساحتين الإقليمية والمحلية، حيث المبادرات تحاول القفز على خلافات مستحكمة، وإحراج أطراف متموضعة على ضفاف الخصومة بما لا يمكن رفضه، فتصير المناورات طريقاً للتملّص واسترداد زمام السيطرة على مجريات الأحداث.

يضع المرجع في هذا السياق المشهد الممتدّ من سورية إلى اليمن إلى لبنان، فيقول لم تنضج التسويات بعد، لأنها متعثرة عند العتبة السعودية الإيرانية، التي رغم ما قيل إيرانياً عن تحضيرات لفتح مسارات الحوار فيها، تبدو سعودياً أشدّ تعقيداً، وبانتظار النضج الذي سيظهر مؤشر حضوره يمنياً قبل أن يظهر سورياً ولبنانياً، يملأ اللبنانيون والسوريون الوقت اللازم بمناورات تحقق، في حال نجاحها، المزيد من النقاط لأصحابها.

يضع المرجع في هذا السياق ذكاء التعامل السوري مع القرار الأممي 2254 الذي بشّر به مسبقاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كثمرة لتفاهم أميركي روسي لن يرضي بالضرورة القيادة السورية، كما قال، وإذ بدمشق تسابق القرار بخطوات تسارع نحو بلورة آلياته التنفيذية، خصوصاً ما يتصل بالدعوة إلى الحوار مع المعارضة، واصفاً إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، عن جهوزية تامة لدى سورية لحوارات جنيف مع المعارضة بمجرّد تبلّغها أسماء الوفد المعارض وأملاً بالخروج من الحوار بحكومة وحدة وطنية، بـ«ضربة المعلم»، فالمعارضة المحبَطة بالقرار الأممي كانت وحلفاؤها يأملون من الكلام الروسي بمعرفة ما الذي لن يرضي دمشق وينتظرون الرفض منها، ليكتشفوا أنّ عليهم تحمّل أكلاف رفض القرار والحوار، وترك دمشق ترتاح، أو تحمّل أعباء التسليم دفعة واحدة بالهزيمة مع حلفائهم ومشغّليهم الإقليميين، تحت عنوان الاعتراف بسقوط شعار عملية سياسية بدون الرئيس السوري، والاكتفاء بمناصب وزارية في حكومة في ظلّ رئاسته، وتحت شعار الحرب على الإرهاب، يقودها الجيش السوري، فيلتحقون بالحكومة والجيش بقيادة هي للرئيس السوري بشار الأسد كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة، وقد ضاق هامش المناورة قبل ملاقاة العزلة.

بين المبادرة والمناورة، نجحت المقاومة في تلقي الطابة التي أراد الحلف الدولي الإقليمي من تكليف الرئيس سعد الحريري برميها في حضنها، فتلقفتها وصانت علاقتها بحليف موثوق هو النائب سليمان فرنجية، دون أن تصيب علاقتها ومشروعها بالعماد ميشال عون وترشيحه بالأذى، فانتقلت ساحة المناورات إلى غير ملعبها، بين الحريري وحلفائه، ليسرّب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنّ ترشيح العماد عون وارد جدياً، ويعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ ترشيح فرنجية لم يسقط، لكن الحلحلة بعد شهور قليلة، بينما بقي كلام العماد عون على الخط البارد، مكتفياً بالتبشير بأنّ «زمن الدموع قد انتهى».

البلاد في عطلة الأعياد

دخلت البلاد في عطلة الأعياد ورحلت الملفات الخلافية إلى العام الجديد، ليكون أمام القوى السياسية متسعٌ من الوقت للتواصل وللحوارات البعيدة عن الأضواء، لمحاولة فكفكة العقد للتوصل إلى حلول للقضايا العالقة وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، وبالتالي ستبقى مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح الوزير سليمان فرنجية الوحيدة القائمة على أن تبدأ بعد نهاية العطلة حركة وجهود سياسية جديدة لإنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى.

وشكلت التهاني بمناسبة الأعياد فرصة لعقد لقاءات وتوجيه رسائل لم تخلُ من الحديث والغمز السياسي، كان أبرزها الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة تمام سلام إلى بكركي ومطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، حيث قدّم التهاني بالميلاد للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي والمتروبوليت الياس عودة، وأمل سلام أن «يُؤخذ كلام البطريرك وتوجيهه مداه عند الجميع لانتخاب رئيس للجمهورية»، ومتمنياً أن «يكون العام الجديد مدخلاً لمرحلة جديدة وآمال نعزّز فيها مسيرتنا الوطنية». وعقد سلام في بكركي خلوة مع الراعي تناولت المواضيع الراهنة.

الراعي: لمقاربة جدية للمبادرة الرئاسية

وخلال رسالة الميلاد التي وجّهها إلى اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة جدية للمبادرة الجديدة المختصة بانتخاب الرئيس، وطالب بقانون انتخابي جديد يضمن الاقتراع الحرّ وحق المساءلة والمحاسبة، ويؤمن التنافس الديمقراطي، ويلغي فرض نواب على طوائفهم بقوة تكتلات مذهبية.

جهود للتوفيق بين الأقطاب الأربعة

ونقلت مصادر سياسية عن البطريرك الراعي لـ»البناء» إصراره على «انتخاب رئيس أولاً بعد توقيع ميثاق شرف بين جميع الأطراف السياسية يتضمن وعداً بإقرار قانون انتخاب عادل ومنصف ثم تشكل حكومة جديدة تعدّ مشروع قانون الانتخاب ليقرّه المجلس النيابي».

وأكدت المصادر أن «لقاءات بعيدة عن الأضواء تحصل لمحاولة التوفيق بين مقاربات الأقطاب المسيحيين الأربعة للملف الرئاسي»، وكشفت عن «جهود وحركة تواصل بزخم أكثر وسلوك طرق جديدة، ستنطلق بعد عطلة الأعياد للتوصل إلى نتيجة مطلوبة على صعيد الرئاسة، لوجود قرار دولي إقليمي داخلي بضرورة انتخاب رئيس، لأنه لا يمكن القبول باستمرار الشغور الرئاسي».

وشددت المصادر على ضرورة انتخاب رئيس ضمن تسوية شاملة، «لأنه لا يمكن بعد اتفاق الطائف إلا الاتفاق على سلة كاملة، لأن رئيس الجمهورية لا يملك صلاحيات تمكنه من فرض قانون انتخاب أو أي قضية وطنية ومفصلية في لبنان».

عون للمسيحيين: لن تبكوا مجدداً

وأمل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في رسالة العيد أن «يكون خلاص لبنان قريباً وأن تحمل لنا السنة الجديدة مفاجآت سارة وشيئاً جديداً»، مجدداً «وعده للمسيحيين بألا يبكوا مجدداً».

وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن «ترشيح النائب سليمان فرنجية ليس مبادرة بقدر ما هو حركة تواصل مع الأطراف السياسية اللبنانية كلها، لملء الشغور الرئاسي، وهي ولا تزال موجودة وحية ومستمرة».

المبادرة حيّة ومجمّدة حتى إشعار آخر

وقال المشنوق بعد زيارته مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى للمعايدة: «أتوقع خلال أشهر قليلة أن تصل إلى نتائج إيجابية للتوافق على انتخاب رئيس، لأن لا أحد يمكن أن يدّعي أن الشغور الرئاسي يحقق أي استقرار جدي».

وتابع: «بحثنا خلال الحوار الأخير في تفعيل الحكومة وعمل مجلس النواب لنعوض القليل من الفراغ الرئاسي الحاصل». ورداً على سؤال حول إمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً، قال: «أنا متفائل في هذا الأمر بعد الأعياد إن شاء الله».

ووصفت مصادر في 8 آذار مبادرة الحريري الرئاسية بـ«المجمّدة والمعلقة حتى إشعار آخر»، وأن «لا مؤشرات على انتخاب الرئيس قبل الربيع المقبل». واستبعدت المصادر أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله قريباً موقف الحزب من المبادرة الرئاسية، «بل سيلتزم الصمت حتى إشعار آخر». وأشارت المصادر لـ»البناء» أن «الحل الوحيد هو أن يعلن العماد عون ترشيحه فرنجية للرئاسة، وهذا لن يحصل في الوقت الراهن ولم يحِن أوانه، بل إن عون سيبقى مرشحاً وحزب الله سيبقى متمسكاً بترشيحه ولن يطلب منه أو يمارس ضغوطاً عليه كي يتنازل عن ترشحه أو كي يعلن ترشيح فرنجية».

وأكدت المصادر أنه «من الناحية الدستورية لا يمكن الالتزام بمعادلة الحريري رئيساً للحكومة ست سنوات مقابل فرنجية رئيساً للجمهورية لست سنوات، إذ لا يستطيع حزب الله أو فريق 8 آذار الالتزام مع الحريري وضمان رئاسته للحكومة لست سنوات مقبلة».

وتساءلت المصادر: «في حال أجريت انتخابات نيابية جديدة وأفرزت مجلساً نيابياً جديداً، مَن يضمن أن يسمي هؤلاء النواب الجدد الحريري رئيساً للحكومة؟ وهل يستطيع حزب الله إلزامهم بذلك؟ وفي حال نزلت تظاهرات مطلبية وغير مطلبية إلى الشارع تطالب بإسقاط الحكومة، هل يستطيع حزب الله منعها؟».

ولفتت إلى أن «حزب الله وفريق 8 آذار لا مشكلة لديهم بتسمية الحريري رئيساً للحكومة في ظروف إقليمية وداخلية معينة، إذا كان ذلك ضمن سلة متكاملة وعلى رأسها قانون الانتخاب النسبي، فالحزب قبل بالرئيس فؤاد السنيورة في رئاسة الحكومة في العام 2008، وهو الآن يعتبر أن الحريري خيار أفضل من خيار السنيورة».

وربطت المصادر بين قبول الحزب بالحريري لرئاسة الحكومة وبين المعادلة الإقليمية التي ستحكم في المرحلة المقبلة، «ففي حال انتهت الأزمة السورية وأعيد انتخاب الرئيس بشار الأسد رئيساً لسورية وبقوة أكثر، عندئذ يصبح ترشيح حزب الله للحريري في لبنان أمراً تفصيلياً، لأن الحريري سيُحكم بمعادلة إقليمية، ولكن إذا طالت الأزمة السورية لا يمكن حينها الموافقة على الحريري رئيساً للحكومة وهو ينسق بشكلٍ كامل مع السعودية كما هو الآن».

«الوفاء للمقاومة»: لا لزجّ لبنان بتحالفات استعراضية

وجددت كتلة «الوفاء للمقاومة» رفضها زج لبنان في تحالفت كالتحالف الإسلامي، معتبرة أن «من يقود هذا التحالف هي دولة تقود الإرهاب وتدعمه».

وشددت الكتلة في بيان عقب اجتماعها، على أن «إنشاء التحالفات الإقليمية لا يتم بشكلٍ استعراضي، لأن ذلك يدل على عدم الجدية»، لافتة إلى أن «دعوة السعودية لتشكيل تحالف بأسماء جرى اختيارها عشوائياً هي دعوة فولكلورية»، ورأت أن هذه الدعوة «هدفها إزالة الاتهام عن السعودية التي تدعم الإرهاب والتغطية على فشل هذا النظام السياسي في التعامل مع أزمة اليمن».

مداهمات للجيش شمالاً

أمنياً، بناء على اعترافات الموقوف بلال محيي الدين الحسن والذي أوقف سابقاً لانتمائه لتنظيم «داعش» وتأليف خلية قامت بالتخطيط لإقامة منطقة تابعة لهذا التنظيم في الشمال، دهمت دورية من مديرية المخابرات أمس، مخزناً للسلاح والذخيرة في محلة مشتى حسن يعود للخلية المذكورة، وتُقدَّر حمولته بشاحنة، حيث ضبطت فيه: العشرات من الرشاشات الحربية من نوع فال وكلاشنكوف وعدداً من بنادق القنص وقاذفات «أر بي جي»، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الرمانات اليدوية وذخائر بنادق م16 وأمتعة عسكرية ومماشط متنوعة.

وقد اعترف الموقوف أن الأسلحة المصادرة كانت ستستخدم في العمليات العسكرية التي خططت لها المجموعة في إطار عزل مناطق في الشمال وإلحاقها بالتنظيم الإرهابي.

كما دهم الجيش منزل م.الساطم في منطقة وادي خالد، لكن لم يتم العثور عليه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى