«تلفزيون لبنان»
«تلفزيون لبنان»
تقابلت المواقف على المنابر اليوم أمس ، بين إطلالة السيد حسن نصر الله، الذي أعلن أنّ الردّ على اغتيال الشهيد القنطار آتٍ لا محالة، وأنّ العدو «الإسرائيلي» منتشر من الناقورة وحتى الجولان، وجنوده مختبئين كالجرذان، فيما قالت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» إنّه جرى استدعاء قوات من الاحتياط في الجيش بصورة مفاجئة إلى المنطقة الشمالية. وبين إطلالة الرئيس فؤاد السنيورة في ذكرى اغتيال الوزيرمحمد شطح، الذي جدّد رفض انخراط «حزب الله» في الحرب بسورية، مؤكّداً أنّه ليس هكذا تتمّ مكافحة الإرهاب.
وإذ غابت في الخطاب الأول مقاربة شؤون الداخل، أكّد الخطاب الثاني الانفتاح على الشركاء في الوطن، محدّداً أولويات المرحلة بانتخاب رئيس للجمهورية.
وفيما بقيت المشاورات الرئاسية باردة، أو على الأقل بعيدة عن الأضواء، تخيّم على الأجواء المناخية بدءاً من الخميس عاصفة ثلجية مصدرها روسيا.
وفي المنطقة، ساعات حاسمة عاشتها الرمادي مع إعلان متحدّث عسكري أنّ القوات العراقية تستعيد السيطرة على المجمّع الحكومي من مسلّحي «داعش»، وهو آخر معاقلِ التنظيم في المدينة.
«أن بي أن»
شلّت العطلة الحركة الداخلية، لكنّها لم تجمّد المواقف السياسية. فهل هي لإعادة التموضعات، أم لإبقاء الأبواب مفتوحة أمام كل الاحتمالات؟.
عظة استيعابية في بكركي اليوم أمس ، ميّز فيها البطريرك بشارة الراعي بين المبادرة الجدّية والمدعومة والاسم المطروح، رغم أنّ روح المبادرة مبنيّة على مرشح قطب اسمه سليمان فرنجية.
فرنجية انقضّ عليه الأقطاب الموارنة الثلاثة الآخرين، وفق ما لاحظ الوزير أبو فاعور، مشيراً إلى أنّ كل الشروط التي وُضعت أمام إنجاح التسوية الرئاسية هي محاولة لإثقالها من أجل إسقاطها.
المبادرة بشكلها وجوهرها بقيت في مهدها، كما توحي تصريحات القيّمين عليها بدليل عدم مقاربتها من الرئيس فؤاد السنيورة اليوم لا سلباً، ولا إيجاباً. السنيورة كان يحاول رصّ صفوف قوى «14 آذار» التي زادتها المبادرة تصدّعاً، فاستحضر شعارات السيادة والدولة وانتقاد «حزب الله»، للمّ الشّمل، لكنه لم يحز إلّا على تصفيق رئيس «القوات» سمير جعجع.
لم يتجاهل السنيورة الخلافات التي سمّاها اختلافات في الرأي حصلت وستحصل لكن لا يجب، برأيه، أن تُفسد في التحالف قضية.
ليس بخطاب السنيورة وحدها تحيا «14 آذار»، المصالح الداخلية تبدّلت، والتطورات الخارجية غيّرت من الحسابات.
إنجازات عسكرية سورية وعراقية، تُعيد رسم المعادلات الإقليمية، في ظل تراجع سريع لمسلّحين توزّعوا بين «دواعش» وجبهات، وقلق غربي يتعاظم من تمدّد الإرهابيين.
أما «إسرائيل» فازدادت هواجسها بعد اغتيال الشهيد سمير القنطار. وفي ذكرى أسبوع الشهيد، رسّخ السيد حسن نصر الله معادلة الردّ: أيّا تكن التجمّعات والتهديدات، لا تسامح مع سفك دماء المقاومين في أي مكان من العالم، والردّ على اغتيال الشهيد القنطار أصبح بين أيدي المؤتمنين على الدماء.
معادلة تأتي في إطار صراع مفتوح مع الاحتلال الإسرائيلي.
«المنار»
للعدو والصديق، حسم الأمين العام لـ«حزب الله» الموقف: لا محالة، الردّ على اغتيال المقاوم سمير القنطار قادم، مهما كانت التبعات، وأيّاً كانت التداعيات.
بكل وضوح أعلن سماحته أنّ الأمر أصبح بين يدي المؤتمنين على دماء الشهداء. إعلان ينطلق من حتمية الردّ صوناً للتضحيات، ويُثير الترقّب لساعة صفر في ساحات لم تُغلق فيها الحسابات مع العدو.
العدو أخطأ في التقدير، وعليه أن يقلق، أكّد الأمين العام. والحدود من الناقورة إلى مزارع شبعا المحتلة، تشهد على مستوى قلقه وخوفه: لا أثر لجندي أو ضابط أو آلية، إنّهم كالجرذان المختبئة في جحورها.
في ذكرى سمير القنطار، سبع صفات عبر بها عالم المقاومين إلى عالم الشهداء وجعلها مدرسة للمظلومين والصابرين والمضحّين والثائرين.
سبع صفات من السيد للعميد، أتت كسبع سنبلات في كل واحدة منها مئة عبرة ودرس ومحطة فخر، وصون قضية. القضية فلسطين التي لا ينقضها انحراف عن صواب ولا يضيرها عواصف حزم أو تهويل وتهديد. قضية أساسها البقاء في الأرض، وأصل البقاء في الأرض أساس المقاومة ونقيض المشروع الصهيوني.
وفي الجولان المحتل وعلى حدوده مقاومة سورية، ذخيرتها العزم. مقاومة واعدة لم يتأخّر سمير القنطار وإخوانه عن مساعدتها ومساندتها، إيماناً بإرادة التحرير والانتصار، واستعادة لهذه الأرض المحتلة إلى كنف الوطن.
«أم تي في»
إنّه يوم التناقضات في المواقف والمواقع، فبينما كان «حزب الله» يُحيي ذكرى أسبوع على استشهاد سمير القنطار في سورية، كانت قوى «14 آذار» تستعيد ذكرى مرور عامين على استشهاد محمد شطح. واللافت أنّ الرئيس فؤاد السنيورة، خطيب الحفل الثاني، انتقد تدخّل «حزب الله» في سورية الذي أدّى إلى سقوط القنطار، في حين كان السيد حسن نصر الله يؤكّد استمرار الحزب في المعارك المفتوحة التي يخوضها.
التناقض في المواقف السياسية، رافقه توضيح لبكركي بشأن موقفها من الاستحقاق الرئاسي، فالبطريرك الراعي أكّد في عِظة الأحد أنّه يميّز بين المبادرة الرئاسية وبين الاسم المطروح. وهو تأكيد يأتي بعد الانتقادات القاسية التي وُجّهت إليه، وبعدما اعتبرت بعض القوى السياسية أنه يؤيّد وصول النائب سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا.
إقليميا، معركة الرمادي تقترب من الحسم في ظل تراجع «داعش»، ما يرسم خريطة جديدة للقوى العسكرية في المنطقة.
«أو تي في»
في اليوم الثالث لرسالة الميلاد، برزت عِظة البطريرك الماروني، والتي حملت توضيحاً بمفعول رجعي لجهة كلامه عن المبادرة الجديّة والمدعومة خارجياً، ليميّز بين المبادرة والاسم المطروح، من دون أن يحدّد موقفاً لا من الدعم الخارجي، ولا من المرشح الذي قصده.
واللافت، أنّه وبعد 5 سنوات على انقضاء ما سمي بـ«الربيع العربي»، واقتراب ما بات من المتعارف على تسميتها بسنة التسويات، ذهبت الدول التي لفحتها نيران هذا الربيع إلى اختيار رئيسها من قِبل شعبها، بينما يبقى لبنان عالقاً ما بين الوصاية الخارجية والشرعية النيابية المنتقصة بعد تمديدين للمجلس النيابي، وكأنّه يمنع على شعبه أن يختار سلطاته.. فيما اختار «حزب الله» الردّ على اغتيال سمير القنطار.
«أل بي سي آي»
نصر الله في ذكرى سمير القنطار لم يذكر انتخابات الرئاسة، السنيورة في ذكرى محمد شطح ركّز على انتخابات الرئاسة. نصر الله أوحى في خطابه أنّ تركيزه على العمق السوري وعلى الردّ على اغتيال القنطار، لكن اللّافت قوله الردّ قادم وليقلق الصهاينة في الداخل والخارج. وهذا الموقف يحمل أكثر من معنى، فهل ستكون لـ«حزب الله» عمليات خارج «إسرائيل» وأين؟
السنيورة ركّز على أولوية انتخابات الرئاسة، معتبراً أنّها أولى المهام، لكنه تحاشى كليّاً مسألة المبادرة أو الفكرة أو الحركة. واللافت في الاحتفال حضور الدكتور سمير جعجع بعد سياق التباينات مع «المستقبل». كذلك كان لافتاً دعوة الرئيس السنيورة إلى إنعاش المجلس الوطني للرابع عشر من آذار.
ومن كلام نصر الله إلى كلام السنيورة، مرحلة تسجيل المواقف في أوجها، خصوصاً أنّ ما تبقّى من السنة لا يشي بأي تحرّك، وأنّ كل الملفات رحلت إلى السنة الجديدة.
«الجديد»
في خطاب الأمل، بند وحيد يجعل «إسرائيل» على قلق، كأنّ ريح «حزب الله» تحتها، ضمن جغرافيا طليقة تبدأ من الحدود وتمتدّ إلى أي مكان في العالم، فالردّ على اغتيال سمير القنطار وسع مداه، وخرج من حصرية الخط الأزرق وصيد المزارع، مؤسّساً لحرب أعصاب نفسية تدرك تل أبيب وجعها وأرقها ومرارة عدّ ساعاتها، وتعرف أنّ وقوع الضرر أهون من انتظاره.
لكن السيد حسن نصر الله صبّ زيت الانتظار على نار الردّ، وفتح أبواباً نحو الداخل والخارج، قبل أن يصدر التكليف العسكري للمؤتمنين على دماء الشهداء. وليس على جدول أعمال الخطاب أي ملف آخر، إذ بدا الأمين العام لـ«حزب الله» كصمود قنطار، كسنينه الثلاثين، صابراً نابضاً لا ييأس ولا يلين، لا تأخذه رئاسة ولا مبادرة أو مرشّحين، تصغر أمامه الأمور السياسية بكرسيّها وتضارب المتنافسين على مقعدها، بنفاياتها المرحّلين منها والمقيمين. تصغر حروب بإخفاقات وانتصارات وقطف رؤوس زاهرة بالإرهاب، تتدارى عقوبات ولوائح سود، فنصر الله لم يحد قنطار قنبلة عن «إسرائيل»، معلناً أنّه وأياً تكن التبعات والتهديدات، فنحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء جهاديينا، والبقية لم تأت.
تعالى نصر الله عن قضايا الداخل، وارتفع فؤاد السنيورة عليها، فاتحاً كل بنودها في ذكرى استشهاد الوزير السابق محمد شطح. وقد أُقيم الاحتفال في مجمّع محمد الأمين في وسط بيروت، بحضور مرشح قوى الرابع عشر من آذار للرئاسة لتاريخه الدكتور سمير جعجع، الذي بدا مأخوذاً بدفّ عبد الكريم الشعار الساحر صوتاً وأداء حيناً، وبالابتهالات السياسية للسنيورة أغلب الأحيان، حيث «طمّنه» خطيب المسجد بأنّ «14 آذار» في البال، وتلك نعمة وكنز لا يفنى على زمن التخلّي.
والسنيورة لا يفوته بأن يلفت عناية اللبنانيين إلى أنّ الشهيد شطح رافقه كظلّه في أغلب خطواته وتجاربه وفي لقاءاته السياسية المتعدّدة. وظلّ الشهيد لا يتعارض مع كتف الشهيد، حيث لا ينسى الرأي العام اللبناني كيف أطرق الرئيس رفيق الحريري على كتفه وأجهش بالبكاء، لكن مشكلة السنيورة أنّ شهوده دائما شهداء.
نكأ الرئيس الأسبق للحكومة كلّ الملفات، وهو يدرك أنها مجمّدة، من الرئاسة والاختلافات في الرأي التي لا يمكن أن تؤثّر في جوهر القضية، إلى «حزب الله» وسلاحه ودوره في سورية، والتغاضي عن مرتكبي الاغتيالات والحقيقة والحوار والفساد.. حقاً الفساد الذي له في ذمّة السنيورة أحد عشر ملياراً غير مستردّة بعد.