سورية تحسم «الخلاف على الإرهاب» في الميدان… بشطب «علوش» ورفاقه نصرالله: «الردّ آتٍ لا محالة»… و«البقية تأتي»… و«على إسرائيل أن تخاف»

كتب المحرر السياسي

بين ثنائية إقليمية عنوانها مسار جنيف السوري وردّ المقاومة الآتي، تستقبل المنطقة العام الجديد، وتخرج من عطلة عيد الميلاد وعيد المولد النبوي، مزوّدة بأجوبة على أسئلة كبيرة عالقة من عيار، كيف سيكون مسار جنيف السوري سالكاً في ظلّ الخلاف على تصنيف التنظيمات الإرهابية، وتضمين لوائح المعارضة بعضاً منها، فيأتي الجواب من نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف بالإعلان عن تفاهم تمّ بين واشنطن وموسكو على تصنيف التنظيمات الإرهابية، لكنه لم يشمل بعد تشكيلات المعارضة ووفدها إلى جنيف، الأمر الذي ترك للمبعوث الأممي للتشاور بصدده مع العواصم المعنية والأطراف المعارضة، لكن المشكلة كانت بأنّ التفاهم الروسي الأميركي لا يتضمّن إلزاماً أميركياً للسعودية وتركيا وقطر التي تموضعت عند خط تمثيل «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» و«فيلق الرحمن»، ولمخابرات كلّ منها فرع من هؤلاء، فتولت القوات المسلحة السورية حسم الأمر في الميدان، وقالت الكلمة الفصل في عملية نوعية دمجت العمل العسكري بالاستخباري، لتقول كان هنا شيء اسمه «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» و«فيلق الرحمن» وقد رحلوا إلى باريهم.

أرخت العملية النوعية بظلالها على التطورات السورية، وستفرض إيقاعها على مسار نحو جنيف، من جهة وعلى المواجهات في الميدان من جهة أخرى، حيث فقدت هذه التشكيلات رؤوسها القيادية، بما يجعل من الصعب أن تستعيد فعاليتها وتماسك أدائها خلال فترة قصيرة، بينما المعارك التي تخاض على تخوم مستقبل وجودها تنبئ بقرب المعارك الحاسمة، وعدم منحها الوقت الذي تحتاجه لتصحو من الصدمة.

وفقاً لمصدر دبلوماسي متابع فالعملية النوعية التي أودت بزهران علوش قائد «جيش الإسلام» ومعه قيادة جيشه وقادة «أحرار الشام»

و»فيلق الرحمن»، تأتي تتويجاً للمسار الذي بدأ مع القرار 2254، حيث الدولة السورية تتقن فنّ التوظيف الميداني للمناخات السياسية والديبلوماسية، التي يفترض البعض أنها ستنتج التغييرات تلقائياً، بينما تكمن قيمتها في كونها تمنح الغطاء القانوني والشرعي للعمل الميداني، فهذا ما فعله القرار 425 في تجربة المقاومة في لبنان، وما يفعله القرار 2254 في مسار الحلّ السياسي في سورية والحرب على الإرهاب.

فمن ينظر للقرار الأممي 2254، يقول المصدر، يكتشف أهميته بالمقارنة في اللعبة الأممية بين المشروع الذي مورس الفيتو الروسي الصيني المزدوج ضدّه قبل أربع سنوات وما نصّ عليه من مطالبة وقحة لرئيس دولة ذات سيادة هي سورية بالتنحي وفقاً للفصل السابع وتسليم سلطاته لنائبه، والمقصود سورية طبعاً، وبين القرار الذي يقول إنّ أمر سورية للسوريين يحسمه صندوق الاقتراع، سيعرف حجم التحوّل والتغيّر، بين شبه إجماع كسره الفيتو وبين إجماع على النقيض تماماً، وسيعرف أنّ الثبات الروسي ومن خلفه الصين مستنداً إلى صمود سورية وحلفائها من إيران إلى حزب الله خصوصاً، كان وراء هذا التحوّل، لكن الناظر إلى القرار بعين البراغماتية سيسأل نفسه كيف سيبصر النور ويرى طريق التطبيق، بينما مَن يحمل لواء المعارضة ومَن معه من الخارج الإقليمي، خصوصاً تركيا والسعودية، والخارج الدولي خصوصاً بريطانيا وفرنسا، لا يزالون عند خط التمسك برحيل الرئيس السوري، فيقول إنّ القرار مجرد حبر على ورق.

يجيب المصدر، الروس لم يكونوا يلعبون عندما ساروا بالقرار، ولا عندما تموضعوا في سورية ورسموا معها ومع حلفائها مساراً للحرب، فكانوا يدركون حاجتهم للقرار لتسلسل حلقات يحتاجونها، لجعله واقعاً، ولذلك قالوا لا للقاء نيويورك إلا بشرط التوافق على لوائح تصنيف الإرهاب وتنظيماته ولائحة المعارضة المشاركة في مفاوضات جنيف، وعُقد لقاء نيويورك وخرج القرار الأممي من بعده، وخلال يومين كان نائب وزير الخارجية الروسي يعلن إنجاز التفاهم مع الأميركيين على تصنيف التنظيمات الإرهابية، والقصد طبعاً التصنيف الذي يتناقض مع مشيئة الذين أرادوا تخريب مسار فيينا عبر اجتماع الرياض وكانوا يأملون بنجاحهم في فرض وصايتهم مرتين، مرة على تصنيفات الإرهاب ومرة على تسمية المعارضة المشاركة في العملية السياسية.

يستطرد المصدر، «داعش» و«النصرة» أمرٌ منتهٍ ومحسومٌ بعد فيينا والاشتباك يدور على تنظيمات من نوع «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» وما يشبههما، من جماعات تركيا والسعودية المنخرطين في تركيبات «القاعدة»، وما لم تقبل واشنطن بتصنيفهم إرهاباً كان القصف الروسي سيتواصل لهم من خارج التفاهم، والتقدّم السوري سيستمرّ باجتياح مواقعهم وتبقى واشنطن خارج خيارات الحلول.

العزيمة الروسية وروزناماتها، والبراغماتية الأميركية وتسليمها بمنح الغطاء، لا يوجدان سبباً لتتراجع السعودية وتركيا عن تبنّيهما لتنظيمات إرهابية والإصرار على دمجها في أيّ عملية سياسية.

وهنا يقول المصدر تأتي أهمية المبادرة في الميدان، فقد كان يتبقى أن تكون الدولة السورية بجيشها واستخباراتها وتعاون حلفائها بجهوزية تتيح إطاحة هذه التشكيلات مستندة لما تبلور من تفاهمات فرضتها الوقائع، وإضافة وقائع جديدة إليها.

فما عاد جيش الإسلام وأحرار الشام وفيلق الرحمن قوة يختلف عليها، لأنهم شطبوا من المعادلة أو شطب قادتهم والباقي تفاصيل.

وعلى طريقة فرض الوقائع في الميدان ذاتها وترك السياسة ترسم الحق وتضيء عليه وتمنح شرعية الإقدام، خرج سيد المقاومة يعلن معادلة الردّ المقبل لا محالة على جريمة اغتيال الشهيد سمير القنطار داعياً الإسرائيلي إلى الخوف على الجبهات والداخل والخارج، فالأمر انقضى وصار بيد «المؤتمَنين» والباقي يأتي.

لبنان يدخل عامه الجديد بوديعة بطريركية جاءت بين عيدَي الميلاد والمولد النبوي، قوامها عزل المبادرة عن الاسم المرشح بصورة لم يفهم الذين سمعوها معناها، فهل يقصد العودة للائحة الأسماء التي سبق أن روّج لها أنها من صناعة بكركي، على ظهر المبادرة التي تتأتى قيمتها من كون الاسم الذي تبنّته وقدّمته للرئاسة هو قامة قيادية من فريق الثامن من آذار تحقق الثقة للمقاومة وسورية وحلفائهما هي النائب سليمان فرنجية، وعلقت مصادر سياسية بالتساؤل، إذا كان التريث لمنح ترشيح العماد ميشال عون المزيد من الوقت، والتمسك بسلة تفاهمات ترافق التفاهم على الرئاسة، قد قابلا التداول باسم له مهابة ومكانة وثقة ووقع النائب سليمان فرنجية، فماذا عسى المراهنون على تجريد المبادرة من الاسم الذي يشكل قوة الدفع الوحيدة فيها أن ينتظروا إذا بقيت المبادرة بدونه وتقدّمت باسم آخر؟

إيقاع المقاومة يختلف عن إيقاع الآخرين

يشهد لبنان استرخاء سياسياً فرضه عيدا الميلاد ورأس السنة، يتوقع أن ينتهي بداية العام المقبل مع عودة الحراك المتصل بالاستحقاق الرئاسي، وترحيل البواخر التابعة للشركتين البريطانية والهولندية النفايات إلى إفريقيا.

وفي موازاة الاسترخاء السياسي، جاء خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليؤكد أن «إيقاع المقاومة يختلف عن إيقاع الآخرين وأنه غير مرتبط ببرنامج آخر».

وشدد الأمين العام لحزب الله السيد في الاحتفال التكريمي في ذكرى أسبوع عميد الأسرى الشهيد سمير القنطار على «أن الرد على اغتيال سمير القنطار قادم لا محالة». وأضاف «نحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا وإخواننا في أي مكان في هذا العالم»، مؤكداً «أن قرارنا حاسم وقاطع منذ الأيام الأولى والمسألة أصبحت في يد المؤتمَنين الحقيقيين على دماء الشهداء ومَن نصون بهم الأرض والعِرض والباقي يأتي»، ولافتاً إلى «أن هذه المعركة مفتوحة أساساً مع العدو ولم تُغلَق في يوم من الأيام ولن تُغلَق في يوم من الأيام».

وسأل السيد نصر الله «إذا كان تقديرهم لانشغالات المقاومة قراءة صحيحة فلماذا يرتعبون إلى هذا الحد؟»، وأضاف «إذا كنتم تستهينون بسمير القنطار فلماذا يخيفكم دمه إلى هذا الحد؟»، مؤكداً «أن الصهاينة يجب أن يقلقوا عند الحدود وفي الداخل والخارج».

وأكد الأمين العام لحزب الله «أن مدرسة المقاومة ومدرسة سمير القنطار تقول إن شعب المقاومة لا مكان لديه لليأس»، ولفت إلى أن «من أهم صفات الشهيد القنطار هي صفات الإيثار والصمود والصبر والتحمّل وعدم اليأس»، مشيراً إلى «أن القنطار كان مدرسة في طلب العلم ورفع معنويات الأسرى وهو داخل السجون «الإسرائيلية»». وأوضح «أن ما كان يجري من مقاومة في الجولان هو إرادة سورية منذ اليوم الأول»، ولفت إلى «أن سمير والإخوة الذين استشهدوا في القنيطرة كان لهم دور المساعدة ونقل التجربة لمقاومة الجولان»، مشيراً إلى أن «مستوى التهديد «الإسرائيلي» عالٍ جداً عندما يتصل الأمر بالمقاومة في الجولان»، وأضاف «»الإسرائيلي» تعاطى بحساسية مفرطة جدا مع مشروع تأسيس مقاومة شعبية في الجولان».

خشية «إسرائيل» من مقاومة الجولان

وأشارت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» إلى «أن السيد نصر الله أسهب في توصيف شخصية الشهيد القنطار وكأن السيد اتخذ من شخصية القنطار مدخلاً للدعوة إلى مقاومة العدو «الإسرائيلي» في المرحلة المقبلة». ولفتت المصادر إلى «أن كل صفة من الصفات التي أطلقها السيد على الشهيد القنطار تصحّ أن تكون نموذجاً يُحتذى في العمل المقاوم». وشدّدت المصادر على حسم السيد نصر الله قرار الرد على عملية الاغتيال وعدم التوقف عند تهديد العدو والخصم، وتهويل بعض الحلفاء»، مشيراً إلى «أن خطاب السيد كان موجهاً للجميع». ولفتت المصادر إلى تركيز الأمين العام لحزب الله على خشية «إسرائيل» من مقاومة الجولان»، مشيرة إلى «أنه لو كانت «إسرائيل» قوية لكما كانت أبدت كل هذا الخوف من قدرة المقاومة ومن عدم قدرتها على منع المقاومة من المواجهة».

الكتائب لعودة حزب الله من سورية

وتعليقاً على كلام السيد نصر الله، دعا حزب الكتائب على لسان وزير العمل سجعان قزي في حديث لـ«البناء» حزب الله إلى «العودة من سورية والتزام الحدود الشمالية والشرقية والقرار 1701 في الجنوب والبقاع الغربي والدستور اللبناني في الداخل».

وفي ذكرى الأسبوع على استشهاد القنطار برزت زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي علاء الدين بروجردي ومستشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني للشؤون الدولية حسين شيخ الإسلام يرافقهما السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي ضريح القنطار في روضة الحوراء زينب ووضعوا إكليلاً من الزهر على ضريح الشهيد، كما زار الوفد ضريح الشهيد القائد عماد مغنية في روضة شهداء المقاومة ووضعوا إكليلاً من الزهر على الضريح.

الراعي للفصل بين «المبادرة» والاسم

على صعيد الرئاسي، أشار البطريرك الماروني بشارة الراعي، خلال عظة قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، إلى «أنه عندما ندعو الكتل السياسية والنيابيــة إلى مقاربة المبادرة الجديدة الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، فــلأن انتخابه هو المدخل الأساسي، وعندما نقول إن المبادرة جدية ومدعومة، إنما نميّز بين المبادرة بحد ذاتها والاسم المطروح»، ودعا الكتل للتشاور بشأنها في شقيها ولاتخاذ القرار الوطني المناسب، انطلاقاً من الوقائع المتوفرة.

وأكد الوزير قزي الذي التقى البطريرك الراعي امس لـ«البناء» انه لمس تطوراً في موقف البطريرك الماروني الذي بدأ يفصل بين المبادرة الرئاسية والاسم بمعنى أنه يريد أن يستفيد اللبنانيون من الديناميكية الجديدة التي خلقتها المبادرة على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية من دون أن يعني ذلك أن نكون مكبلين باسم واحد»، وقال قزي «لطالما لفت البطريرك الراعي إلى انه على مسافة واحدة من كل المرشحين، وها هو اليوم يطبق هذا المبدأ البطريركي، لكن طبعاً يريد أن تحصل الانتخابات بسرعة، ومن دون وضع شروط السلة المتكاملة أو التسوية الشاملة، لأن الانتخابات عند البطريرك أمر منفصل عن كل التسويات».

رأى وزير الصحة وائل أبو فاعور أن كل الشروط التي وضعت سواء للمطالِبة بقانون انتخابي أو بالتفاهم على حلول مستدامة ليست سوى محاولةِ إثقال للتسوية الرئاسية لإسقاطها.

وطالب أبو فاعور الرئيس تمام سلام في احتفال أقامه الحزب التقدمي الاشتراكي في عرمون، بالدعوة العاجلة إلى جلسة لمجلس الوزراء فوراً بعد الأعياد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى