ليبيا ـ اليمن وعرقلة المفاوضات

ناديا شحادة

شهدت منطقة الشرق الأوسط حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، يهدف إلى التوصل لتسويات سياسية للأزمات اليمنية والليبية سعياً للحد من إطالة أمدها أكثر. ويأتي ذلك في ظل تصاعد وتيرة الأحداث الميدانية في هذه الدول التي استغل محرّكو الأزمات داخلها حالة التردّد والغموض والتجاذبات القوية في المواقف الدولية، من أجل تكريس حلول واقعية على الأرض، وباتت الازمة الليبية واليمنية في ذروة تعقيدهما ذلك ما يمكن استنتاجه مما آلت اليه جلسات المفاوضات بين طرفَي النزاع في البلدين، تحت إشراف مبعوث الامم المتحدة، حيث يبدو أن افق الحل غير متضح بما فيه الكفاية الى حد الآن فالأطراف السياسية في كل من اليمن وليبيا ليست وحدها من تقرر الحل السياسي، فتركيا والسعودية تمتلكان أوراقاً قوية في الصراع وهما السبب الرئيسي في تأزم الأوضاع في اليمن وليبيا. فتركيا لديها تأثير قوي على الجماعات المسلحة والإخوان المسلمين في ليبيا التي تشهد فوضى أمنية ونزاعاً على السلطة تسببا بانقسام البلاد قبل نحو عام ونصف عام بين السلطتين اللتين تتقاسمان الحكم.

يشير المراقبون إلى أن مسار العمل على الواجهة السياسية الليبية للتوصل إلى اتفاق سياسي بين أطراف النزاع في ليبيا التي عقدت في مدينة الصخيرات المغربية شهدت العديد من العراقيل، على الرغم من الجهود الأممية الحثيثة التي بذلت لإتمام وفاق ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني، وتم التوصل في 12 تموز من العام الجاري إلى اتفاق السلم والمصالحة ووقعت الأطراف الليبية الحاضرة في منتجع الصخيرات على مسودة اتفاق السلم والمصالحة المقترحة من طرف الأمم المتحدة، ولكن هذا الاتفاق بقي يراوح مكانه بسبب المخاطر والتحديات المحيطة به والتي يمكن أن تعيق تنفيذه بسبب تواصل الصراع على الأرض وفق عرض لدارسة من إعداد الباحث وولفرام لاشير تشرت بالمعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية.

ومع تأزم الأوضاع في ليبيا نتيجة تمدد تنظيم داعش الذي يمكن ان يتحول خطراً تصعب فرملته والسيطرة عليه بعد أن شرعت قياداته في زيادة تمركز عناصره في ليبيا عندما بدأت تهتز الأرض تحت أقدامه في سورية والعراق. هذا التنظيم المدعوم من تركيا وقد أكد على ذلك اللواء حفتر قائد الجيش الوطني الليبي قائلاً ان هناك دولاً تمد الارهابيين في ليبيا بالدعم المادي واللوجستي وهي قطر وتركيا التي يؤكد الخبراء انها العقبة في طريق الحل السياسي للأطراف السياسية في ليبيا التي وقعت اطرافها السياسية بعد أكثر من سنة من المفاوضات الشاقة في 17 كانون الاول على الاتفاق السياسي الذي ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني تقود مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية بعد عام وتوسيع المجلس الرئاسي ليتكون من تسعة اشخاص.

يؤكد الخبراء أن الاتفاق يعتبر خطوة في غاية الاهمية على طريق كف الليبيين الفوضى وتشظي وطنهم، ولكن واقع الحال في ليبيا بوجود الجماعات المسلحة المتمثلة بتنظيم داعش والإخوان المدعومين من انقرة. وعدم اعتراف طرفي الصراع الرئيسيين في طرابلس وطبرق بشرعية وفديهما للتفاوض يحول دون التوصل إلى تشكيل حكومة وفاق فاعلة.

والحال في اليمن لا يختلف كثيراً عن نظيرته ليبيا، حيث طال أمد الحرب الذي يخوضها «التحالف العربي» وأضحت قواه الرئيسية في حيرة بين الاستمرار في الضربات الجوية التي لم تحسم المعركة ولم يستطع التحالف بقيادة السعودية إنهاء مهمته المتمثلة بـ»عودة الشرعية» التي خاض الحرب تحت شعارها، وباتت جماعة انصار الله عنصراً مؤثراً في الحياة السياسية في اليمن اكثر من ذي قبل، لذلك كان فتح باب التسوية السياسية لإيجاد حل سياسي بين الاطراف المتنازعة في اليمن. وعقدت الأطراف السياسية مفاوضات كان آخرها مؤتمر جنيف 2 واختتمت المفاوضات بعد ستة أيام وأثمرت هذه المفاوضات بإحداث ثقب في جدار الحل السياسي، بسبب التعنت السعودي وخرق هدنة وقف إطلاق النار في اليوم الأول من المفاوضات ما خفض من فرص التوجه الحقيقي نحو وقف شامل ودائم للعدوان الذي كان هو الشرط الأول لنجاح مساعي المحادثات في التوصل الى حل سياسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى