السعودية إلى الهاوية بعدما تخطّت الحافة
ناديا شحادة
وزارة الداخلية السعودية تعلن في بيان لها تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 شخصاً، بينهم رجل الدين المعارض الشيخ نمر باقر النمر، الذي ولد في العام 1959 في مدينة العوامية التابعة لمحافظة القطيف شرق المملكة.
الشيخ نمر كان زعيماً رئيسياً في الاحتجاجات السلمية أثارت خطاباته التي كان يطالب فيها بالمساواة بين الطائفة السنية ونظيرتها الشيعية جدلاً واسعاً داخل العائلة المالكة التي تميّز منهجياً ضد مواطنيها، وهذا ما أكده تقرير لهيومن رايتس ووتش صدر في العام 2009، مشيراً إلى قلة فرص الحصول على التعليم والوظائف الحكومية، فقامت باعتقال الشيخ نمر مرات عدة في الأعوام 2006 و2008 و2009. وآخر اعتقال كان له في العام 2012، حيث قامت قوات الشرطة السعودية في 8 تموز باعتقاله بتهمة إثارة الفتنة في المنطقة الشرقية في البلاد بعد أن تم اطلاق النار عليه من قبل القوات العسكرية السعودية وإصابته بجروح..
المتابعون لنشاطات قائد الحراك الاصلاحي الوطني السلمي الشيخ نمر يؤكدون أنه معارض يمتاز بالسلمية وضد العنف، وطالب بالإصلاحات السياسية، والإفراج عن المعتقلين. وقد حمل على عاتقه محاربة العرف الاجتماعي والديني الجاهلي والتقاليد البالية التي تمتاز بها المملكة وكسر الأغلال الاجتماعية السيئة التي تعيق تقدم الإنسان وتحمله أضعاف ما يحتمله، وتحمّل في سبيل ذلك مقاطعة بعض الفئات الاجتماعية والدينية له ومحاولة تشويه الصور التي يرسمها عن البديل الأصيل لتلك الأعراف الخاطئة، ووقف بحزم وصدق مع التجاوزات التي يقوم بها متسلقو الدين باسم الدين من اجل تصحيح المسار ورفع الضبابية عن عيون المجتمع. وقد اشار إلى ذلك البرلماني الكويتي صالح عاشور في 2 كانون الثاني 2016 قائلاً إن الشيخ نمر باقر النمر لم يقتل أي شخص ولم يفجّر أيّ مكان، طالب فقط بالحرية والحقوق وكان سلاحه الكلمة واللاعنف ودفع ثمن شجاعته في زمن ندر أمثاله.
بروز الرمز الشيخ نمر بهذه الصفات القيادية وروح التحدّي والمواجهة بشكل سلمي، من خلال التعبير عن الرأي فقط، شكل رعباً للسلطات السعودية التي لم تتحمل وجود شخص بقوة شخصية الشيخ النمر، فهي لا تسمح بحرية التعبير ولو بشكل سلمي، لهذا لم تجد طريقة للتعامل معه وايقافه ومنعه إلا بالسلاح والتصفية الجسدية التي قامت به المملكة اليوم تلك المملكة التي تعيش حالة من التخبط داخلياً وخارجياً بسبب الهزائم التي تتلقاها في اليمن بعد الإعلان عن تدخلها العسكري تحت مسمّى «عاصفة الحزم»، وكذلك خسارة جماعاتها الارهابية في سورية التي راهن حكام الرياض على اسقاطها خلال السنوات الماضية من دون كلل أو ملل أما داخلياً فتعتبر الفترة الماضية فترة فاصلة في تاريخ الحكم في السعودية التي تعاني من ملف المطالبة بالإصلاح وتحقيق مطالب الشعب بالإضافة إلى ملف المعتقلين، وفشلها سياسياً واقتصادياً فثمة تغيرات اقتصادية حدثت في المملكة أهمها هبوط أسعار النفط حوالي 50 بالمئة من سعره الاقتصادي، حسب تأكيدات الخبراء الاقتصاديين، حيث عانى الاقتصاد السعودي العام الماضي من تآكل في الاحتياطي النقدي الهائل الذي كانت تستند عليه الرياض في سياستها الداخلية والخارجية، فالأزمة الاقتصادية التي باتت المملكة تعاني منها جاءت على ضوء الاحتقان السياسي الذي تشهده المملكة التي سعت للانفتاح على إيران بإعادة السفير السعودي إلى طهران، وقد أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري انصاري في 25 كانون الاول 2015 على قابلية حدوث تغيير إيجابي في العلاقات بين إيران والسعودية في حال وجود إرادة مماثلة لدى الجانب السعودي.
فحكومة آل سعود المربكة والتي تعاني العديد من الأزمات داخلياً وخارجياً اتخذت خطوة مجنونة دعمت من خلالها الاتهامات الموجهة ضدها من منظمات حقوقية بانتهاك حقوق الإنسان واستهداف الأقلية المطالبة بالإصلاح بعد تنفيدها صباح السبت، حكماً قضائياً بإعدام الشيخ نمر هذا الاعدام الذي سيؤدي إلى تأزم كبير بالعلاقة الإيرانية السعودية، حيث اكدت وزارة الخارجية الايرانية في 2 كانون الثاني أن السعودية بإعدامها للشيخ نمر ستدفع ثمناً باهظاً بسبب سياساتها العقيمة.
ويشير الخبراء إلى ان غياب الرمز نمر سيخلق موجة عنف كبيرة، وستندلع هبة شعبية في المنطقة الشرقية تصل إلى حد الانتفاض على الأوضاع السياسية والاجتماعية الظالمة التي يفرضها آل سعود على سكان المنطقة، وسيأخذ السعودية إلى المواجهة المذهبية والفتنة وتنظيم داعش الذي لا يختلف كثيراً في ممارساته عن ممارسات آل سعود، سيجدها فرصته داخل المملكة ليقود ردوداً مذهبية بالتفجيرات، ستدفع السعودية إلى الهاوية بعدما تخطت الحافة