توأم… تركيا ـ «إسرائيل»

نظام مارديني

لم يأت تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حاجة تركيا و«إسرائيل» لبعضهما من فراغ، بل هو تعبير عن وفاء الكيانين القائمين على حساب أراضٍ شعوب ودول مجاورة كل منهما للآخر. هذا التحول ينكشف في لحظة تراجع تركي إقليمي وانعزال دولي، ترافق مع سياسات عشوائية لأنقرة، تسببت في خسارتها معظم تحالفاتها وقواعد ارتكازها في المنطقة، وآخرها تخلّيها عن حركة «حماس».

وكما في كل مرة، تواصل أنقرة سياسة المخاتلة والخداع والتضليل، على طريقة تعاملها مع «داعش» عبر الانتقال من أكبر داعميه الفعليين إلى التظاهر بمحاربته، ومن الوقوف في وجه الكيان الصهيوني إلى التظاهر بمظهر المدافع عن مصالح العرب والمسلمين. ومن دون أن يرفّ لها جفن، تجاهر بأن التطبيع مع الكيان يخدم المنطقة. لكنها في الواقع، لن تكون سوى الخاسر الأكبر، جراء هذه السياسة الغبية، انطلاقاً من المأزق الذي تعيشه هذه السلطنة وهي تواجه انهيار دورها ومشروعها في المنطقة، وبالتالي لم يعد أمامها سوى العودة إلى أحضان الحليف الدائم.. الكيان الصهيوني.

لن تختلف سياسة حُكّام البلدين في الكيان الصهيوني وتركيا عن بعضهما شيئاً.. في نظرتهما لمجريات الأحداث في المنطقة، وإشعال فتيل الحروب والكوارث، حيثُ لكلٍ منهما المقسوم والمشترك في ما لحق المنطقة من الدمار والقتل، والأهم بثّ الفتنة الطائفية المقيتة بالتعاون مع آل سعود، وجلب الإرهاب ودعمه مادياً ومعنوياً بشكلٍ كبير، لإيقادِ نار الخلافات والمحن والنكبات التي أغرقت «سوراقيا» بالدم.

سياسة تركيا الراهنة كثيراً ما تذكّر بسياسة زعماء حزب «الاتحاد والترقي» 1909-1918 ، حيث كانوا يندفعون بمحرّكات بعيدة عن دراية العقل السياسي وينتقلون من مأزق إلى مأزق، ولا يفوتنا أن اقتصادها كان ينمو مؤخراً بفعل الاتفاقيات الاقتصادية مع روسيا وإيران والعراق وسورية ومصر ودول أخرى، ولكنها ها هي اليوم تخسر كل هذه الامتيازات، وحتى ما جنته اقتصادياً بفعل حلفائها الإرهابيين في سورية والعراق من نفط رخيص وسرقة معامل ومواد أولية أخرى أصبح تهمة تلاحقها في المحافل الدولية.

الغريب أن تركيا وقبل أن تمسح خسارة فعلتها مع روسيا بعد إسقاط السوخوي، قامت بفعلة أخرى قد لا تقلّ رعونة عن الأولى، حين قامت بإدخال قوات عسكرية إلى محافظة نينوى تحت مبررات تبدو مضحكة للرأي العام.

لكي نخلق وعياً ناضجاً، في مواجهة ما يُحاك لنا من قبل أميركا وتركيا ومشيخة قطر والسعودية والكيان الصهيوني، على النخب والإعلاميين وضع برامج لتحشيد الرأي وفضح الحماقات الانكشارية، وتعرية الكذب التركي.

وختاماً نقول مَن يعِش على الأمل فلا يعرف المستحيل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى