شمّاعة البرزاني!؟
نظام مارديني
في كل يوم يتأكد أن أزمة سير المركب السياسي في «الإقليم» تشير إلى أن احتدام الصراع الكردي الكردي يفتح الأبواب على مستقبل مجهول، وذلك بعدما كفّت القيادات في «الإقليم» عن وضع «الماكياج» فوق حجم الأزمة السياسية.
خطورة استمرار الأزمة السياسية القائمة في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة تذكّر من جديد بأن العاصفة تهبّ على الجبل وأن العملية السياسية لا تزال مصابة بـ»حصبة» الملف الرئاسي، مع تمسك «الديموقراطي الكردستاني»، بالتمديد الرئاسي لزعيمه ورئيس «الإقليم» – مسعود البرزاني، الذي مازال يُكافح لإطالة حياتهِ الرئاسية، بالتلويح بالعصا للرافضين، خاصة حركة «التغيير» والاتحاد الوطني الكردستاني اللتين تطالبان الحزب الديمقراطي بالتخلي عن منصب رئاسة الحكومة وإجراء انتخابات عامة مبكرة في «الإقليم»، ومحاسبة مَن تسببوا في تبديد ثروات الشعب.
ولكن هذه الأزمات من سياسية وبرلمانية وأمنية وقضائية واقتصادية ونهب واردات النفط والصعوبات المعيشية واختناق الديمقراطية في «كردستان» لن تنال من مواطني هذه الجبال الأبية من جهة، ولكن من جهة أخرى فإن الزعامات والكتل والتيارات والجماعات النافذة في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العراقي الراهن، هي أيضاً سيخصص لها التاريخ مكاناً يليق بها بين ردهاته، كممثلين لأكثر المراحل هلوسة، فهي مخلوقات أضاعت روحها بعد مشوار طويل من التشرذم والردة الحضارية، جعلتهم يلوذون بمغارات القوافل الغابرة من طوائف وقبائل وملل وعقائد، حيث أعلنوها بملء حناجرهم وأبواقهم بعدم إيمانهم بوجود وطن مشترك اسمه العراق، فلماذا نعلّق شماعة التقسيم على مشجب البرزاني فقط؟
واللافت هنا هو حرص القيادات العراقية جميعاً، على مقت وإدانة كل من يوالي خيار التشرذم والتقسيم بعدما تجلت بشخوصهم ومريديهم كل شحنات المفردة المحببة التقسيم بعد حقبة الفتح الديمقراطي المبين الاحتلال الأميركي ، من دون تمييز على أساس الرطانة أو العقيدة والهلوسات المستندة على ثارات وفواتير الماضي وعجاج التاريخ.
لو كانت المواطنة حاضرة في سدنة السلطة العراقية تلك التي خُلعت، أو هذه التي جاءت مع مفاهيم القذائف الدخانية التي أطلقها الاحتلال الأميركي في العراق منذ 2003، لما كنا بحاجة لكل هذا العصف من الديماغوجية والهذيان في العمل السياسي الذي قذف من رحمه كل هذا السيل من الهراء والتشرذم والضياع.
ما يجري في إقليم كردستان يتطلب قدراً عالياً من الحكمة والحنكة السياسية وتفادي وقوع المحذور الذي إذا ما حصل، فإن العراق هو الخاسر الأكبر، بل إن أي عراقي وطني ينتمي لهذا الوطن ويؤمن بوحدة الحياة بين أبنائه ونسيجه الاجتماعي لا يقبل أن يتعرض الجبل العراقي لأي اهتزازات غير سارة من شأنها أن تعكر صفو الأمن والاستقرار، لسبب بسيط هو أن أمن العراق واحد لا يمكن تجزئته وان أي اضطرابات تنعكس، شئنا أم أبينا، على الأمن الوطني وأن أي خسارة تلحق بأي مواطن كردي هي خسارة للعراق كله.