الإعدام الطائفي… ثقافة التكفير الوهّابية

شهناز صبحي فاكوش

تلطت الأيدي المتوضِّئة إثماً بالدماء تحت عباءة الإسلام البريء منها، ادّعت أنها تطبّق شرائعه! لكنها في الحقيقة تمارس الإقصاء التكفيري. تحتضن الإرهاب الذي صنعه مشغلها وأناط بها مسؤولية نشره ودعمه حفاظاً على عرشها الممنوح لها.

مملكة التكفير الوهّابية، تنشر ثقافة القتل وتدمير الحضارات، لأنها بلا جذر ولا حضارة. تدرّسها لأجيال هيمنت على مجتمعها بقوة القرار البريطاني، الذي منحت بموجبه أرض فلسطين لصالح صهاينة العالم. كما استلبت بلاد الحجاز لصالحها.

تفرعنت وتضخَّمت، لتبدو وكأنها تتمرَّد على المُشغِّل الأميركي الذي تأتمر منه بالتبعية، معللاً إياها أنها محرك الرأي العربي، وأنها الأقوى لتغيير ما تشاء حتى تسرطنت أناها، وبدأت تمارس الإرهاب المنظم كما أولاد عمِّها الصهاينة.

يشرِّعون قوى، ينتهكون بها حرمة اليمن بلا مبرِّر، يحاولون تدمير سورية بسيناريو استعماري، تصدّروا له بحجة نصرة الإسلام. بدّدوا أموال النفط في بلادهم ما أفقر شعبهم، مقابل تسديد فواتير حرب بالوكالة على سورية لتفكيكها.

يحاولون تحطيم دولة هي الشوكة الوحيدة في حلق الصهيونية، الحافظة الوحيدة للقومية والهوية العربية، ورافعة الكرامة الإنسانية، حاضنة المقاومة القوة الوحيدة المواجهة للكيان الصهيوني. لم تُهادن المحتل ولم ترتبط معه برسن اتفاقية أو معاهدة.

ما الفرق بين ملوك الرمال و«داعش» والتيارات الإرهابية وبني صهيون، والجميع ديدنهم القتل والتدمير،المنشأ واحد، والمشغل ذاته، والمستهدف واحد، هو المنطقة العربية بجميع مكونتها، لخلخلة أنظمتها الجمهورية، وتفتيت شعبها وإشعالها بالفتنة؟

الجميع يُمارس القتل والإرهاب المنظم والعشوائي ويحمي مرتكبيه ومنفذيه. والحجج جاهزة في المطبخ الوهّابي التكفيري والأردوغاني الطوراني. مناهضة ولي الأمر، أو التحريض ضده، ما يقتضي القصاص الذي يجزُّ الرؤوس بسيف «داعش» وبني وهّاب.

مملكة الرمال تعدم سبعاً وأربعين من المناهضين لحكام بني سعود، على رأسهم الشيخ النمر بحجة الخروج على طاعة الولي، وفق القانون كما يدَّعون، وهم لا قانون لديهم، دولة بلا دستور بلا قانون، تدَّعي أنها تنفذ القصاص، وفق الشريعة.

دعمهم الإرهاب في سورية، لتغيير النظام لم يدخل ذمتهم في خانة الخروج على طاعة الولي. علماً أنّ الشيخ النمر كان مناوئاً لسورية، لعلّ ذلك لم يشفع له عند مجرمي الحرب ضدّ سورية.

يتساءلون لماذا يتخذ العالم موقفاً لأجل مواطن سعودي نال قصاصه لأنه خرج على طاعة الولي، الأمر ليس لأجل رجل عادي. الرجل شيخ إسلامي وعالم ديني له مكانته الدينية. يطالب بحقوق مهدورة للشعب الذي ينتمي إليه.

يعلم حكام بني سعود أنّ قتل الشيخ النمر تسييس يؤدّي إلى إثارة فتنة، ولكن لماذا بعد زيارة أردوغان للسعودية، وإقامة تحالف استراتيجي الطرف الثالث المخفي فيه «إسرائيل»، بتصريح أردوغان أنه لا غنى لـ«إسرائيل» عن تركيا ولا غنى لتركيا عنها؟

لماذا تصعِّد السعودية أمر مقتل النمر وتسارع إلى قطع العلاقات الديبلوماسية، في حين أنها لم تتحلّ بضبط النفس عندما انفعل الشارع الإيراني وتظاهر ضدّ إعدام الشيخ النمر فأحرق السفارة الأميركية، كما فعلت إيران عند الهجوم والاعتداء على سفارتها في لبنان؟

لماذا يُعدم النمر في هذا التوقيت حيث تفصلنا أيام عن الجلوس على طاولة مفاوضات حلّ الأزمة السورية، وإيران والسعودية معنيتان بها؟ أسئلة تنمُّ عن تبييت مخطط لنسف الحلّ السياسي لأزمة سورية ولتشويه صورة إيران، ونعتها بالطائفية.

السؤال الأكبر، تاريخياً إيران شيعية، لماذا لم تخشَ السعودية من الإمبراطور بهلوي، شرطي أميركا في المنطقة، الذي ما كان يخشاه أحد عندما كان يرفع علم «إسرائيل»؟ لكنّ الخشية استنفرت لديهم بعد رفع العلم الفلسطيني في سماء طهران.

تحاول الفتنة السعودية اليوم تقسيم العالم الإسلامي بإسراعها إلى إغلاق السفارة الإيرانية وسحب بعثتها الديبلوماسية من طهران، إلى شطرين وهذا ما كان ليحدث في التاريخ.

هي تؤدي مهمّة جديدة بعد إغلاق الملف النووي الإيراني، الذي حاولت «إسرائيل» نسفه غير مرة وباءت محاولاتها بالفشل، لمنع استكمال تنفيذه حتى النهاية. ولأنّ الاعتراف العالمي بدور إيراني أساسي في المنطقة، يقضّ مضجع «إسرائيل».

كتب بنو عبد الوهّاب في السعودية، بقتلهم للشيخ النمر، الحروف العريضة في شهادة وفاة نظامهم، فها هي بريطانيا تنتقدهم وكذا أميركا وتستاء ألمانيا لنقضهم وعدهم لها بعدم قتله. هم يريدون إشعال حرب طائفية على مستوى العالم الإسلامي.

الوساطة الروسية وإرسال الأمين العام للأمم المتحدة وهو الذي وصل استياؤه من الحدث حده، المبعوث دي ميستورا إلى طهران والسعودية، للتعقل في ردود الأفعال، نأمل أن تكون نتائجه إيجابية. أما تباين المواقف العربية فهو المحيِّر.

إلى أين يمكن أن تتطور الأمور؟ هذا رهن الأيام المقبلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى