استقالة كيري؟

كتب المحرر السياسي

لبنان الموزع الاهتمامات في الحكومة ومجلس النواب بين إنجاز أول صفقة تعيينات في الحكومة لعشرة مواقع إدارية وتأجيل القرارات النفطية بذات الإيقاع ينجز في مجلس النواب حلاً لقضية المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان ويؤجل سلسلة الرتب والرواتب فيما الأمن موزع الاهتمامات بين مواكبة التقدم الجزئي في خطة طرابلس التي لا تزال تبدو محكومة بنوع من التراضي ولكنها تنجح بخلق التفاؤل بينما صواريخ المعارضة السورية تهز الهدوء الذي خيم على البقاع الشمالي في اللبوة.


بالتوازي كان العماد ميشال عون يحسم نظرته للاستحقاق الرئاسي معلناً أنه غير مرشح لكنه جاهز للرئاسة مستبعداً الفرص لكل من التمديد للرئيس ميشال سليمان والتعديل الدستوري لتوفير فرص وصول العماد جان قهوجي، مستخفاً بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

في هذا المناخ اللبناني الغارق بالتفاصيل كان العالم يتابع ما نقل عن نية وزير الخارجية الأميركي جون كيري الاستقالة بعد الفشل الذي أصيب به مشروعه للسلام الفلسطيني «الإسرائيلي» ووصوله للطريق المسدود.

راهن وزير الخارجية الأميركي جون كيري على ورقته الرابحة في توظيف العوامل الاستثنائية الحاكمة في الشرق الأوسط لدخول التاريخ وتعويض كل الهزائم التي جلبها لإدارته والورقة الرابحة هي نجاح المفاوضات الفلسطينية «الإسرائيلية».

رهان كيري تأسس على تداعيات متنامية لتطورات المواجهة الحاسمة التي تشهدها المنطقة ومحورها سورية سواء على ضفة مصادر القوة «الإسرائيلية» أو تأثيرها في الساحة الفلسطينية للوصول بالطرفين منهكين مستسلمين للمشيئة الأميركية لتدبير ما يمكن تدبيره للخروج بحل يحفظ ماء الوجه للقيادتين الفلسطينية و»الإسرائيلية».

«إسرائيلياً» ينطلق رهان كيري من سقوط الخيار العسكري مراراً من يد القيادة «الإسرائيلية» لاسترداد قوة الردع والعجز عن إحداث تغيير نوعي في قواعد الاشتباك يتيح لإسرائيل ترميم أسباب ضعفها مما سيجعلها تعتمد بنسبة شبه كلية على الحماية الأميركية السياسية أو العسكرية والاقتصادية بما يتيح تقديم المشروع التفاوضي الأميركي كخشبة خلاص لا يملك أحد من القادة «الإسرائيليين» القدرة على رده.

رهان كيري تنامى مع الفشل الإسرائيلي في مراقبة عناصر قوة سورية وإيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية ومحاولة الدخول على خط التطورات أملاً باستثمار المتغيرات لتعديل التوازنات وفي كل مرة كانت «إسرائيل» تجد نفسها مجبرة على تجرع كأس العودة لمربع الانتظار وليس بيدها قدرة على المبادرة.

أضاف كيري لسلة الأوراق التي يحفظها للحساب «الإسرائيلي» تطورات التفاوض الغربي مع إيران في ظل انكشاف العجز «الإسرائيلي» عن الذهاب للحرب ضد إيران من دون شراكة أميركية واضطرارها للاكتفاء بالضغط على واشنطن لعدم الدخول في التفاهمات مما كشف الضعف «الإسرائيلي» من جهة ودرجة اعتماد «إسرائيل» في حماية أمنها المكشوف على أميركا.

فلسطينياً راهن كيري بالمقابل على تأثيرات الحرب على سورية في وضع حركة حماس مقابل إغوائها بوصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في أكثر من بلد عربي تحت المظلة الأميركية لتحييدها من خندق حلف المقاومة، بالتالي شل حركة هذا الحلف على التصدي لأي حل تفاوضي يفرط بحقوق الشعب الفلسطيني.

راقب كيري تطورات تموضع حماس بعد إزاحة الإخوان في مصر وتعقد حالتهم في كل من ليبيا وتونس واليمن وتركيا ومحاولات حماس التموضع في نقطة وسط بين خياريها المقاوم والإخواني وصعوبة استعادتها ثقة حلف المقاومة بعد شعوره بالغدر والخذلان من موقفها إثر حرب غزة بإهداء نصرها للإخوان الحاكمين في مصر وقطر وتركيا وتسميتهم بحلف المقاومة الجديد واستقرت قراءة كيري على معادلة الوهن الفلسطيني المطلق في ظل قناعته بأن السلطة الفلسطينية ستكون جاهزة لأي حل في هذا الواقع العربي المتهالك وأن النفوذ السعودي المطلق على قيادة السلطة ستكون ورقة الحسم لفرض القبول عليها بالحل الذي ينضجه كيري وأن السبب المانع وفقاً لرهان كيري بين السلطة والحل كان يتمثل بالخوف مما تقدر حماس على فعله لتعطيل الحلول ومع شل قدرة حماس تصير طريق كيري الفلسطينية سالكة بلا ألغام وحواجز ومطبات.

ها هي اللحظة الحاسمة تقترب ويختبر كيري رهانه بعد زيارة باراك أوباما للسعودية فيقع بالفشل، فـ»إسرائيل» بعد حرب غزة الأخيرة تكتشف حجم قوة حركة الجهاد الإسلامي وحجم ما ينتظرها من جهة الجنوب وما لا تضبطه لا تسويات ولا تفاهمات وها هي تكتشف أن حلف المقاومة لا يزال قادراً على رسم قواعد الاشتباك وعبوات الجولان ومزارع شبعا تقول إن واقع الشرق والشمال يزداد قوة وإن السلطة الفلسطينية التي راقبت مأزق حماس لم تذهب للحض الأميركي بل إلى ترميم العلاقة مع سورية وإيران وحزب الله وإن أحد أسباب تعثر عودة حماس إلى هذا الحلف المقاوم هو وجود محمود عباس في مكانة مميزة لدى أركان هذا الحلف ويكتشف كيري أن المفاوض «الإسرائيلي» يزداد تعنتاً في حالة الخوف والمفاوض الفلسطيني يزداد تصلباً وحذراً في لحظة اقتراب التوقيع.

هرب كيري لأنه فاشل فهل يستقيل؟ يبقى الجواب في الأيام المقبلة.

معالجات داخلية للملفات الساخنة

في ظل هذه الأجواء، حفلت الساحة الداخلية أمس بسلسلة واسعة من المعالجات من استكمال الخطة الأمنية في طرابلس، إلى متابعة الجلسة التشريعية لمجلس النواب وإقرار قانون المياومين، مروراًَ بجلسة مجلس الوزراء المسائية التي أقرت عشرة تعيينات بسلاسة بعد اتفاق عليها سبق الجلسة، بينما أحال ملف تلزيم النفط إلى لجنة وزارية بينما شهد يوم أمس حراك تربوي وعمالي وحياتي تمثّل بالإضراب العام لهيئة التنسيق النقابية إلى إضراب المياومين قبل إقرار قانونهم، وانتهاء بتحرك العاملين في الدفاع المدني للمطالبة بتثبيتهم.

الجيش ينتش في باب التبانة

إذن، فعلى الصعيد الأمني، واصلت وحدات الجيش اللبناني عملية انتشارها في معظم شوارع طرابلس بالتوازي مع حملة مداهمات واسعة لتوقيف المطلوبين، وكان البارز أمس دخول الجيش إلى شوارع وأزقة باب التبانة الداخلية للمرة الأولى منذ سنوات، وقام بإزالة الدشم والمتاريس، ولقي الجيش تأييداً شعبياً واسعاً من أبناء المنطقة، ما يؤكد أن طرابلس كانت رهينة المجموعات المسلحة، ولوحظ أن مسيرة شعبية انطلقت من باب التبانة باتجاه جبل محسن تأكيداً على وحدة التعايش والتمسك بالوحدة في وقت توارى قادة المحاور عن الأنظار.

وأعلنت قيادة الجيش أنه جرى أمس استكمال الانتشار في طرابلس والذي شمل باب التبانة وأحياء أخرى، وقامت وحدات الجيش بدهم منازل المطلوبين للعدالة وتعمل على إزالة المتاريس والدشم.

إطلاق صواريخ على اللبوة

في السياق الأمني، عمدت المجموعات المسلحة المتطرفة إلى إطلاق ثلاثة صواريخ على اللبوة، ما أدى إلى مقتل مواطن سوري وجرح أحد المدنيين في البلدة، وعلى الأثر قام أبناء اللبوة بقطع الطريق بينها وبين وعرسال احتجاجاً على عملية إطلاق الصواريخ وبعد وقت عملت وحدات الجيش على إعادة فتح الطريق.

وقد أعلن ما يسمّى «لواء أحرار السنّة ـ بعلبك» مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ.

مجلس النواب يشرّع على وقع التحركات المطلبية

وفي مجلس النواب، واصلت الجلسة التشريعية أمس إقرار مزيد من اقتراحات القوانين كان أبرزها قانون المياومين وكل ذلك على وقع الاعتصام الحاشد والإضراب العام الذي نفذته هيئة التنسيق النقابية للمطالبة بإقرار السلسلة في أسرع وقت ممكن.

السلسلة تنتظر اللجان؟

وتمكن رئيس المجلس النيابي نبيه بري من فتح ثغرة في اتجاه إقرار سلسلة الرتب والرواتب في الجلسة التشريعية التي أعلن عنها يومي الأربعاء والخميس المقبلين، آملاً وحاثّاً النواب على الانتهاء منها في اللجان النيابية المشتركة يوم غد الجمعة. وعلمت «البناء» أن تقدماً قد أحرز في موضوع الموارد في ضوء المتابعة لهذه المسألة من قِبل وزير المال علي حسن خليل، وأضافت المعلومات أن الأمر غير مضمون حتى الآن بسبب شكوك حول موقف تيار «المستقبل»، خصوصاً أن الرئيس السنيورة الذي يقود الكتلة لديه تحفظات دائمة حول إقرار السلسلة. وأضافت المعلومات أنه في حال لم يتم الاتفاق على التمويل، فإن هناك اتجاهاً لإقرار أحد مشروعي السلسلة وترك التمويل لمرحلة لاحقة غير أن هذا لا يوفي بالغرض.

إقرار قانون المياومين

من جهة أخرى، أقر المجلس النيابي أمس قانون المياومين بناء لاقتراح القانون الذي كانت توصلت إليه اللجنة الثلاثية مع إضافة تعديلين أساسيين هما شمول القانون كل المياومين بما في ذلك مديريتا التوزيع في بيروت وجبل لبنان واحتساب شهرين كتعويض عن كل سنة خدمة للذين يتجاوز عمرهم 56 سنة كما أقر المجلس 11 اقتراح قانون أبرزها احتساب إجازة الأمومة 70 يوماً ليصبح محصّلة ما أقره في اليومين الماضيين 33 مشروعاً واقتراح قانون، ويستأنف المجلس جلسته صباح اليوم لاستكمال مناقشة وإقرار باقي جدول الأعمال.

اعتصام وإضراب لهيئة التنسيق

وتزامنت الجلسة التشريعية مع اعتصام حاشد نفذته هيئة التنسيق النقابية أمام السراي الحكومي، حيث أُلقي عدد من الكلمات أكدت على المضي في التصعيد في حال عدم بتّ السلسلة في اجتماع اللجــان النيابية المشتركة يوم غد كما نفذ أمس إضراب عام في القطاع التربــوي الرسمي والخاص على رغم أن بعض المدارس الخاصة لم تلتزم بالإضــراب، كما شل الإضراب الإدارات العامة وامتنع الموظفون عن العمل في إداراتهم.

وأعلنت هيئة التنسيق بعد اجتماعها عصر أمس عن تمسكها بتنفيذ أشكال التصعيد كافة من إضرابات واعتصامات وتظاهرات، وصولاً إلى الإضراب العام المفتوح ومقاطعة أعمال الامتحانات إذا لم تُقر السلسلة.

مجلس الوزراء يقر 10 تعيينات ويؤجل مراسيم النفط

وفي قصر بعبدا، أقرت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت عصر أمس 10 تعيينات مناصفة بين المسلمين والمسيحيين على طريقة 6 و6 مكرر.

واستهل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الجلسة بالتنويه بدور الأجهزة الأمنية ولا سيما الجيش اللبناني، بعد بدء تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس، معتبراً أنها أعادت الارتياح إلى نفوس أبناء المدينة.

وبعد ذلك، انتقل مجلس الوزراء لبحث سلة تعيينات تضم عشرة تعيينات فأقرها بعد مداخلات تناولت ضرورة اعتماد الكفاءة، فيما طلب الرئيس سليمان استقدام أسماء المرشحين للتعيين في كل وزارة في الجلسات المقبلة.

وسبق الجلسة اجتماع ضم سليمان والوزيرين باسيل وعريجي وضع الرتوش الأخيرة على التعيينات الخمس المسيحية.

وبعد بتّ التعيينات انتقلت جلسة مجلس الوزراء إلى بحث مرسومي البلوكات النفطية فاستدعت إلى الجلسة أعضاء هيئة إدارة النفط التي عرضت تصوّراً عن البلوكات النفطية وأهمية تلزيم البلوكين التاسع والعاشر لقربهما من المياه الإقليمية مع فلسطين المحتلة وحتى لا يُقدِم العدو «الإسرائيلي» على سرقة ثروة لبنان.

وخلال النقاش ظهر تباين واضح داخل مجلس الوزراء بين من يريد تلزيم كامل البلوكات وبين من يدعو إلى التلزيم بالتقسيط، فكان أن جرى الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية لدرس الموضوع.

مقررات الجلسة

وأوضح وزير الإعلام رمزي جريج بعد الجلسة، أن مجلس الوزراء أكد أن الخطة الأمنية في طرابلس تتسم بطابع مستمر وليست موسمية وبدء تنفيذ الخطة أثبت أن الجيش وقوى الأمن تمكنوا من فرض هيبة الدولة.

وتطرق إلى مقررات الجلسة، فأشار إلى تثبيت تعيين القاضي سمير حمود نائباً عاماً لدى محكمة التمييز واللواء ابراهيم بصبوص مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي وأعاد تعيين كمال حايك مديراً عاماً لكهرباء لبنان بالإضافة إلى تعيينات أخرى. وأوضح أن المجلس كلف لجنة لدراسة مراسيم النفط برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى