أردوغان و«إسرائيل»: نفط واستثمارات و«حلحلة» في غزة
ميرنا قرعوني
«تركيا في حاجة إلى «إسرائيل»، على غرار «إسرائيل» التي تحتاج أيضاً إلى تركيا في منطقة الشرق الأوسط، هذا ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً، داعياً إلى تطبيع العلاقات التي تدهورت بعد هجوم قوات «إسرائيلية» على مجموعة سفن تركية كانت تنقل مساعدات إلى غزة في عام 2010.
قبل سنوات من حادثة قافلة السفن التركية كانت «إسرائيل» بمثابة الحليف الأول لتركيا في الشرق الاوسط، وعلى الرغم من التوتر السياسي الظاهر استمرت خلال السنوات الخمس الماضية الروابط الاقتصادية النفطية والتجارية التركية الإسرائيلية بينما يعتبر العديد من الخبراء ان عضوية تركيا في الحلف الأطلسي تضعها على اتصال وتنسيق مع «إسرائيل» في العديد من الملفات الأمنية والعسكرية الإقليمية، ويسعى الطرفان حالياً إلى اعادة إحياء العلاقة السياسية والدبلوماسية، لا سيما مع اشتراكهما في القلق من التطورات التي تشهدها المنطقة والتوتر الحاصل في علاقاتهما مع العديد من دول المنطقة وآخرها التدهور الذي شهدته العلاقة الروسية التركية.
وفي مقال نشرته جريدة «وول ستريت جورنال» يوم 30 كانون الأول الماضي للباحث في معهد واشنطن الأميركي سونر جاغابتاي رأى أنه منذ الإطاحة بالرئيس الأخواني محمد مرسي في مصر وفي ظل التحولات الحاصلة في سورية خصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي وصعود الدور الكردي الذي ينال مساندة روسية باتت تفرض عودة انقرة إلى تحالفاتها القديمة التي تعني ارتباطاً وثيقاً بالولايات المتحدة وحلف الناتو وشراكة اقتصادية وأمنية مع «إسرائيل»، متوقعاًَ أن تكون السياسة الخارجية التركية مطابقة تقريباً لما كانت عليه في عام 1995، في ظل حكم الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل: علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، و»إسرائيل» وعلاقات سيئة مع إيران، والعراق، وروسيا وسورية.
وقد أكد مسؤولون «إسرائيليون» بالفعل إجراء مفاوضات سرية بين وفدين تركي و»إسرائيلي» في سويسرا أدت إلى التفاهم على التمهيد لتطبيع العلاقات ويلفت بعض المراقبين إلى ارتياح أميركي لهذا التطور بينما يشير آخرون إلى دور يهود تركيا في دعم توجه حزب العدالة والتنمية نحو التفاهم مع إسرائيل وتتمتع الأقلية اليهودية في تركيا بنفوذ واسع في الدولة برغم أن عدد أفرادها لا يتجاوز الـ30 ألف شخص، وقد كانت على الدوام حاضرة في كواليس صنع القرار التركي.
وفي حديث لجريدة زمان التركية، توقعت كاريل فالنسي خبيرة الشؤون الخارجية في صحيفة شالوم الناطقة بلسان اليهود الأتراك والصادرة في إسطنبول باللغة التركية أن يتوصل الجانبان التركي و»الإسرائيلي» إلى التفاهم على التطبيع ومراعاة الشروط التركية المعلنة الاعتذار والتعويض ورفع الحصار بما يحفظ ماء وجه الرئيس التركي ويمكنه من خطف ورقة غزة من يد غريمه الإقليمي الرئيس المصري الفريق عبد الفتاح السيسي وقالت: «اعتذرت «إسرائيل» بالفعل وأعتقد أنهم سيتفقون بطريقة ما على مقدار التعويض التي ستدفعه تل أبيب لضحايا سفينة مرمرة ولم يبق سوى رفع الحصار عن قطاع غزة حيث اقترحت «إسرائيل» في المحادثات السماح لتركيا بإرسال معدات بناء الى القطاع.
وأضافت أن «إسرائيل» أعلنت بشكل قطعي أنها لن ترفع الحصار البحري عن غزة. وفي هذه الحالة يظل الخيار الوسطي هو تسهيل إجراءات المعابر الحدودية براً. وبالنسبة لتركيا يعني ذلك تسهيل دخول رؤوس الأموال التركية إلى قطاع غزة ووصول المساعدات التركية لسكان القطاع بسهولة أكثر وأن تركيا ستصبح دولة مهمة وصاحبة كلمة في إعادة إعمار قطاع غزة من جديد وقد ذهبت بعض التوقعات المتداولة إلى الكلام عن قيام أردوغان بزيارة إلى غزة منسقة مع السلطات «الإسرائيلية» بعد إنجاز الاتفاق.
في العلاقات الاقتصادية من المرجح سعي أنقرة للحصول على الغاز من «إسرائيل» بدلاً من روسيا إضافة لتطوير علاقات الترانزيت البحري التي تؤمن تصدير البضائع التركية إلى الأسواق العربية وعبورها برا من ميناء حيفا إلى الأردن بدلاً من المرور في سورية.
تركيا و»إسرائيل» تلتقيان على مصالح مشتركة وتحالفات متشابهة وتسعى الحكومتان لتحضير الرأي العام قبل نقل ما اتفق عليه سراً إلى العلن.