إلى سمير القنطار شهيد فلسطين والأمة… على العهد باقون
يوسف الصايغ
لن تكون عودة سمير القنطار الى فلسطين يتيمة، فاستشهاده أنتج المئات بل الآلاف من الأبطال الذين باتوا كلهم سمير القنطار، وها هي عملية مزارع شبعا تنفذها مجموعة تحمل اسم الشهيد القنطار، هذا الاسم الذي ظنّ العدو أنه سيرتاح من سماعه يتردّد بمجرد اغتياله، كان مخطئاً، فهو سيتمنّى لو بقي يسمع اسم القنطار، بدل أن يذوق لهيب رصاص وعبوات المقاومة التي انتمى إليها سمير يافعاً والتي ساهم بعد تحريره عميداً للأسرى في تنميتها.
عملية شبعا أول الغيث وما هي إلا أولى الكلمات وبداية الرواية في فصل ردّ المقاومة على اغتيال عميد الأسرى المحرّرين، الذي كان واضحاً في خياراته منذ خروجه الى الحرية بأنه لن يسلك إلا درب المقاومة التي بدأها منذ ريعان شبابه، حيث لم يكن تجاوز من عمره السادسة عشر عندما ركب البحر وشقّ الموج الى شاطئ فلسطين المحتلة في فلسطين من العام 79 لينفذ مع رفاقه الشهداء عملية «جمال عبد الناصر» النوعية، وبعد إصابته بخمس رصاصات بدأ مشوار القنطار في الأسر الذي لم يثن عميد الأسرى عن درب فلسطين والمقاومة من أجلها، فكان سجنه محطة جديدة للقنطار كي يواصل درب النضال من أجل قضيته الأولى والأخيرة.
العميد الشهيد منذ خروجه الى الحرية وحتى الشهادة كان حاضراً في مناسبات الحزب السوري القومي الاجتماعي ومحطاته البطولية التي سطّرها الأبطال والشهداء القوميون الاجتماعيون منذ الشهيد حسين البنا أول الشهداء في فلسطين عام 1936، الى البطل القومي يحيى سكاف الذي كان انضمّ الى أول عملية فدائية باسم عملية الشهيد كمال عدوان بقيادة الشهيدة المناضلة دلال المغربي، مروراً بكوكبة الاستشهاديين والشهداء الذين عمّدوا أرض الجنوب بدمائهم على درب فلسطين التي وهبها سمير القنطار كلّ ما يملك في سجنه وحريته حتى يوم استشهاده.
فالشهيد كان يعدّ العدّة للعودة الى فلسطين من الجولان المحتلّ الذي شهد أكثر من عملية استهدفت العدو «الإسرائيلي»، إنْ من خلال إطلاق الصواريخ على مواقع العدو في جبل الشيخ او استهداف الدوريات الصهيونية في المنطقة المحتلة، ليؤكد قول الزعيم أنطون سعاده أنّ إنقاذ فلسطين هو أمر لبناني في الصميم، كما هو أمر شامي في الصميم كما هو أمر فلسطيني في الصميم.
ولعلّ إحدى العبارات التي تشير الى أنّ الشهيد القنطار ولد في لبنان، وأسر في فلسطين واستشهد في الشام خير معبّر عن رؤية أنطون سعادة للمعركة القومية الواحدة، وهو ما عبّر عنه أيضا نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا الذي أكد أنّ الشهيد سمير مثّل عنواناً مقاوماً يؤكد على جوهر الصراع القومي ضدّ العدو اليهودي الإسرائيلي، ومقاومته منذ ان وقع في الأسر وحتى استشهاده، كان عنوانها، فلسطين، كما لبنان، كما الجولان.
المقاومة باقية
أولى المحطات التي جمعت الشهيد القنطار والحزب القومي كانت في الاحتفال الذي أقيم بمناسبة خروجه الى الحرية في بلدته عبيه حيث أعلن القنطار في أول خطاب له أنّ تحرير مزارع شبعا لن ينهي الصراع مع «إسرائيل»، مضيفاً «من يعتقد أنّ تحرير شبعا ينهي المقاومة هو واهم، فهذا العدو لن يتركنا والمقاومة باقية بعد شبعا وما بعد شبعا وما بعد بعد شبعا، ولفت القنطار إلى انه «لولا مساندة سورية لسقط هذا الجبل في حينه ونحن سنبقى أوفياء لسورية حتى لو اختلف بعض اللبنانيين معها.»
كما أكد أنّ أبناء الجولان العربي السوري المحتلّ متمسّكون بأرضهم وأيضاً الموحّدون في فلسطين الذي حافظوا على الأرض والعرض، رغم كلّ الضغوطات ورغم كلّ محاولات تجييشهم وتركيعهم.
لن أترشح ولن ألعب أيّ دور له علاقة بالسياسة
ثانية المحطات كانت في العام 2008 في نشاط نظمته عمدة الثقافة والفنون الجميلة في الحزب حيث شارك الشهيد القنطار في لقاء حمل عنوان «ثقافة الصراع في استراتيجية المواجهة» في قاعة الشهيد خالد علوان، حيث جدّد القنطار التزامه بالمقاومة، معلناً انه عضو فاعل فيها ويقوم بدوره كمقاوم وبشكل مباشر، ورداً على سؤال حول إمكانية ترشحه أو ممارسته العمل السياسي أجاب قائلاً: لن أترشح ولن ألعب أي دور له علاقة بالسياسة.
الحزب القومي ركيزة أساسية من ركائز المقاومة في الجبل
ثالثة محطات عميد الأسرى المحرّرين سمير القنطار مع الحزب كانت في المهرجان الخطابي الحاشد الذي أقامته منفذية الغرب بمناسبة الأول من آذار، في بلدة بيصور في آذار من العام 2009، وأكد القنطار في كلمته انّ الحزب السوري القومي الاجتماعي يشكل ركيزة أساسية من ركائز المقاومة في هذا الجبل، حيث كانت له وقفات مشرّفة في وجه مشاريع الانعزال والتقسيم وفي المواجهات مع العدو «الاسرائيلي» في لبنان وفلسطين، داعياً الى مواصلة درب النضال والمقاومة.
العدو لا يهمّه أكنت درزياً أم مسيحياً أم مسلماً
وفي الذكرى العاشرة لتحرير جنوب لبنان نظمت مديرية رأس المتن في الحزب السوري القومي الاجتماعي لقاء مع الأسرى المحرّرين: سمير القنطار، سمير خفاجة ووفيق صالحة.
وفي كلمته توجه سمير إلى الحاضرين: أقول لكم وهذا ليس سراً ومن موقعي في المقاومة الإسلامية انّ الحرب المقبلة التي يسعى العدو الى شنّها وهو متردّد لأنه خائف من نتائجها، لكنه يسعى في كلّ لحظة الى تعزيز قدراته ورفع مستوى جهوزيته لأنه مدرك انّ هذه الحرب سيدخلها مغامراً رغم عدم ثقته بنتائجها، نحن نتابعهم ونراهم ونرى استعداداتهم، لكن في المقابل أننا في المقاومة نستعدّ أيضا ليل نهار لتحقيق وعد صادق جديد أطلقه السيد حسن نصرالله عندما قال انّ الحرب المقبلة ستغيّر وجه المنطقة، وفي هذا اليوم نؤكد ان دور القوى الوطنية ايضاً، وأخصّ بالذكر دور الحزب السوري القومي الاجتماعي يجب أن يبقى دوراً ريادياً في هذه المسيرة، وأنا أعلم ان هناك الكثير من الرفاق وأصحاب العزيمة جاهزون ومستعدّون لأن يكونوا جزءاً من معادلة الانتصار الآتي».
رصاصات خالد علوان كانت النذير لبزوغ الفجر
ولأنّ ما يجمع الحزب السوري القومي الاجتماعي والعميد الشهيد تاريخ من المقاومة كان القنطار حاضراً في الذكرى الثلاثين لعملية الويمبي التي نفذها البطل القومي خالد علوان في شارع الحمرا.
وفي كلمة له أشار القنطار إلى أنّ رصاصات خالد علوان الأولى، كانت النذير لبزوغ الفجر، يوم هرب كثيرون وأغلقوا الأبواب وقالوا إنّ زمن المقاومة قد ولّى.
ومن الحمرا حيا القنطار المناضل الكبير حبيب الشرتوني المحروم من التجوّل في شوارع بيروت، بينما العملاء أصبحوا رموزاً سياسية، ووجه التحية إلى خالد علوان، وإلى أبطال العمليات الاستشهادية الذين افتتحوا تاريخ البطولات وأثبتوا أنّ زمن الهزائم قد ولّى إلى غير رجعة.
المقاومة إرادة الأحرار
وفي حزيران من العام 2011 كان القائد الشهيد سمير القنطار حاضراً في احتفال لمنفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الاجتماعي في عيد المقاومة والتحرير في بلدة بتغرين.
وتحدّث القنطار فأكد أنّ المقاومة هي الخيار المعبّر عن إرادة الأحرار، وبهذا الخيار أنجزنا تحريراً مجيداً، وعلينا ان نستمرّ في تحمّل مشاق النضال، لأنّ الآتي أعظم، وتنتظرنا في المستقبل مواجهات كبيرة.
وقال: يجب أن نكون أكثر حذراً من بعض الداخل، فهذا البعض يطعننا في الظهر ويتآمر على الوطن وعلى المقاومة، ودليل هذا التآمر هو ما حصل في حلبا من مجزرة وحشية بحق القوميين.
وشكك القنطار بأن يقوم القضاء بدوره في ما خصّ مجزرة حلبا، وهذا ما ينبغي على القوميين معرفته، وأشار إلى أنّ سورية تتعرّض لمؤامرة كبيرة، لأنها تشكل درعاً للمقاومة، وهدف المؤامرة القضاء على جبهة المقاومة والممانعة والصمود، لكننا ومن منطلق اليقين، نؤكد بأنّ سورية ستهزم المؤامرة وستخرج منتصرة لثوابتها ومواقفها والمقاومة.
حزب وجدي الصايغ هو حزب بمستوى التحدّيات
ومن قلب الجبل في بلدة شارون في آذار من العام 2013 كانت محطة جديدة حضر فيها القنطار في الذكرى الـ28 للاستشهادي وجدي الصايغ فتى الجبل الذي كان في طليعة الاستشهاديين الذين خطوا بدمهم عصر المقاومة في وجه العدو الصهيوني، ومن شارون أكد عميد الأسرى المحرّرين سمير القنطار: نجتمع هنا في هذه البلدة العزيزة المقاوِمة لنحْيي ذكرى اسشهاديّ بطل كان لعمليته النوعية الأثر البالغ على مستوى النهضة المقاومة في هذا الوطن وعلى مستوى تيئيس العدوّ، والتأكيد أنّ في لبنان شباباً مستعدّاً للتضحية والإباء والمقاومة.
كما أشار القنطار آنذاك الى أنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة تحدّ وحسم، وهذا أصبح واضحاً وجلياً ولا يحتاج إلى كثيرٍ من التحليل. إنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة أن نكون أو لا نكون، إمّا أن نبقى جزءاً من هذه المعادلة وأصحاب الحق، وإمّا أن نزول ويسود الباطل. إنّ المرحلة المقبلة تتطلّب أكثر من أيّ وقتٍ مضى أن نصون دماء وجدي الصايغ وسناء محيدلي وهادي نصرالله ودماء الشهداء جميعاً.
كذلك أكد الشهيد القنطار أنّ حزب وجدي الصايغ هو حزب بمستوى التحدّيات، وبأنّ القوميين أوائل في المواجهة والميدان إذا طُلب منهم ذلك. نحن نحترم هذا الحزب ونقدّره، غبت في السجون الصهيونية لثلاثين سنة، وعندما عدت وجدت كلّ شيء تغيّر وتبدّل إلا الحزب السوري القومي الاجتماعي بقي ثابتاً على عقيدته ومبادئه.
على العهد يا سمير…
اليوم وبعد استشهاد القائد المقاوم سمير القنطار فنؤكد له، بأنّ القوميين الإجتماعيين على العهد باقون كما عهدتهم، أبطالاً في الميدان ومشاريع شهداء من أجل فلسطين والشام ولبنان وفي كلّ مكان حيث أعداء الأمة.