السعودية وحرب مضايا
«حملة مضايا» المستندة إلى صور حقيقية وأخرى مزوّرة، طرحت في الوسط الإعلامي أسئلة من نوع، كيف يعيش مسلحو مضايا وهل يموتون جوعاً، أم أنهم يتمتعون بالغذاء والدواء ويتنعّمون بالمساعدات التي تصل عبر القنوات الأممية ويقومون بتخزينها، وتسليم حصص منها تباعاً إلى تجار يتبعون لهم يقومون ببيعها في سوق سوداء، كما هو الحال في مخيم اليرموك وداريا والمعضمية، وإلا من اين جاءت معادلة بيع كيلو الأرز بمئة ألف ليرة سورية؟ والسعر يأتي من سوق والسوق بائع ومشتر، فمن هو البائع؟
يقول الخبراء في الجمعيات الأممية المهتمة بقضايا المساعدات في المناطق المحاصرة في سورية، إنّ مناقشة الصور المدسوسة في الحملة، تكشف مصادرها المفبركة، لكنها لا تلغي وجود مأساة ومعاناة وجوع وموت من الجوع، وفي حالات الحصار المنتشرة في مناطق الاشتباك في سورية، لا توجد مشاهد مشابهة في المناطق المحاصرة التي ينتشر فيها الجيش السوري وحزب الله ويحاصرها المسلحون، ليس لأنّ المسلحين يتعاملون بإنسانية مع المناطق التي يحاصرونها، بل هم يقطعون أنابيب المياه وخطوط الكهرباء، ويمنعون دخول المحروقات عدا منعهم الغذاء والدواء، ومعلوم أنهم يقتلون الأطفال أحياء وقاموا في عدرا العمالية بزجّ خمسمائة إمرأة وطفل في أفران الصهر وقاموا بإحراقهم أحياء، لكن الفوارق بين أداء المسلحين وأداء الجيش السوري وحزب الله، هو أنّ المسلحين عندما تحاصر منطقة يسيطرون عليها، يستولون على كلّ موارد الطعام ومستودعات الغذاء، ويقومون بمصادرتها من التجار والسيطرة على الأفران، والصيدليات، ومراكز تشغيل الكهرباء وتأمين المياه، وكلما جاءت قوافل معونات يصادرونها، ويبيعون الفائض إلى تجار محسوبين عليهم لجني المال منها، بينما يبقى الفقراء بلا طعام ولا غذاء ولا تدفئة حتى الموت، فيتاجرون بالصور والحملات أملا بفك الحصار عن المسلحين أنفسهم بتوظيف مأساة الناس، أما حيث يسيطر الجيش السوري وحزب الله، فيعيش المقاتلون أسوة بالناس يتقاسمون معهم السراء والضراء، ولذلك لا صور تشبه صور مضايا واليرموك تخرج من نبل والزهراء المحاصرتين منذ ثلاث سنوات.
مصادر قريبة من وقائع الميدان السوري تقول إنه في حالات الحصار يجري أحد ثلاثة خيارات، عندما يضيق الحال وتقترب المؤن من النفاد يقرّر المسلحون الاستسلام لخصمهم بوساطة تضمن الحدّ الممكن من الشروط المقبولة، أو يقايضون حصاراً بحصار، أو يشنّون هجوماً معاكساً، وقد شهدت مناطق عديدة فيها الجيش السوري هذه الحالات، أما المسلحون فطريقتهم هي العكس، لا يهاجمون وإذا هوجموا يهربون، ويستسلمون، لكنهم لا يستسلمون لفك الحصار عن الناس، بل إذا هوجموا فقط، وما داموا يتنعّمون بشروط الرفاه، ومحطات الوقود والصيدليات ومستودعات الغذاء والأفران مسخرة لهم وحدهم، يدعون الناس تموت ويستعملون موت الناس أملاً بأن يتمّ فك الحصار عنهم وليس عن الناس، وفي مضايا وفي اليرموك وداريا والمعضمية، من مات هم الأطفال والنساء والمرضى والشيوخ من الفقراء، بينما لم تسجّل حالة موت جوعاً أو برداً أو مرضاً لمسلح واحد، بل هم يزيدون سمنة تحت الحصار، وخبزهم وتدفئتهم ومؤونتهم وأدويتهم تكفيهم شهوراً.
هي حرب شنّتها السعودية لتشويه صورة سورية وحزب الله وانتصاراتهما، وللضغط على مسارات التفاوض الآتية تحت عنوان جنيف الخاص بسورية، وانتزاع مكاسب للجماعات المسلحة بقوة مأساة الناس الضحايا لارتكابات هؤلاء المسلحين الذين ترعاهم السعودية.
«توب نيوز»