المنطقة الشرقية صداع آل سعود المزمن…
رولا منصور
تتوالى ردود الأفعال على جريمة إعدام السعودية الشيخ نمر باقر النمر فمن المواقف السياسية الشاجبة الى المظاهرات والاحتجاجات في دول عدة منددة بإعدامه وآخرها في القطيف شرق المملكة السعودية والتي ردّد المشاركون فيها عبارة «يسقط آل سعود».
مظاهرات القطيف ليست بجديدة، فمنذ الجريمة الارهابية التي طالت مسجد الامام علي في القديح لم تعلُ فقط اصوات استنكارية وانما علت قبضات رجال الله في القطيف ونظّمت الحشود وخرجوا للشارع أمام الجموع, ويبدو ان القطيف ستكون أول من يخلع العباءة السعودية وتخرج من قبضة آل سعود بتضامن أهلها الشعبي الكبير والعميق امام رجال السلطة السعودية وامام الاعلام الرسمي حيث لم يسبق له مثيل.
وعلى المستوى الاقتصادي، فقد عُرفت المنطقة الشرقية تاريخياً، وقبل اكتشاف النفط، بنشاط كبير في قطاعات الزراعة والصيد والحِرف، كأكبر خزان طبيعي للنفط في العالم، ففيها نحو 22 في المئة من احتياط البترول العالمي الثابت، وتنتج 98 في المئة من نفط المملكة. كما توفر 12 في المئة من إجمالي واردات النفط الأميركية، وحوالي ثلث واردات اليابان.
ومع ضم الإنتاج الصناعي في المنطقة الشرقية، فإنّ نسبة مساهمتها في الاقتصاد السعودي تصل الى ما يقارب 90 في المئة من الدخل الخارجي. وبالرغم من كل الثروات فإن معظم أبناء المنطقة الشرقية، البالغ عددهم نحو 4.1 ملايين نسمة، يعانون من علاقات تاريخية مضطربة مع السعودية اتسمت بالعداء الشديد منذ نشأة الدولة السعودية الأولى.
ويقول الكثير من الشخصيات، الثقافية والسياسية، في المنطقة الشرقية، إن هوية المجتمع في القطيف تاريخياً كانت عربية أكثر منها مذهبية، وإن هذا الواقع ما زال قائماً حتى اليوم، رغم التحوّلات التي طرأت خلال العقود الأربعة الأخيرة، مع بروز الشيعية السياسية.
وبصرف النظر عن الخلفية المذهبية للعلاقة بين أهالي المنطقة الشرقية والدولة السعودية الأولى والثانية، فإنّ الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال الدولة الحديثة، التي أسسها الملك عبدالعزيز في العام 1902، وما رافقها من أحداث في الداخل والخارج، شكلت الأساس التي تراكمت فوقه العوامل التي أفضت الى تحوّل المنطقة الشرقية الى صداع في رأس آل سعود، فرغم التمييز الفاضح بحقهم من قبل نظام الحكم السعودي، وموجة التحريض الممنهجة ضدهم من قبل المؤسسة الدينية الوهابية، فإن أبناء المنطقة الشرقية لم يجنحوا نحو ما يمكن أن يوصف بأنه دعوة الى الانفصال وهدم الدولة.
في خضم مرحلة التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، وفي ظل ما يُحكى في الإعلام الغربي عن مخطط تقسيمي يطال السعودية، وفي ضوء الصعوبات الاقتصادية التي بدأت تواجهها المملكة النفطية، ثمة حاجة إلى التحرّك نحو الأمام عبر خطوات إصلاحية تحل المسألة الشيعية أو مسألة المنطقة الشرقية.
بلغة المنطق، فإنّ حل المشاكل يبدأ من الحوار.. ولكن إعدام الشيخ النمر يعكس أن حكام مملكة آل سعود ليسوا في هذه الوجهة!