«مضايا المُزيّفة» عنوان ما قبل انعقاد جنيف السوري

لأيام عدّة، تصدّرت شاشات الإعلام العربي والدولي مشاهد المجاعة والكارثة الإنسانية في مضايا السورية، ووُجّهت أصابع الاتهام نحو الجيش السوري وحزب الله على أساس أنهم يحاصرون البلدة ويمنعون دخول المواد الغذائية ويتاجرون بأسعارها، لكن سرعان ما خرجت تصريحات من الصليب الأحمر الدولي تكذِّب ما جرى تلفيقه وفبركته.

سعت السعودية، ومعها حلفاؤها، من خلال مؤتمر وزراء الخارجية العرب إلى إدانة حزب الله وتصنيفه «إرهابياً» يجوّع ويرهب الأطفال ويحجب عن مضايا سبل الحياة، فبدأت الصورة تتوضح أكثر بخصوص الحزب والحملة المنسّقة عليه التي ساهم فيها حلفاء السعودية في لبنان، وأبرزها ما صدر عن كتلة المستقبل.

فجأة صار الحريري خبيراً بالقرى السورية ومعه جعجع والسنيورة وجنبلاط. كلهم يريدون إنقاذ مضايا دون غيرها لكنّ أحداً لم يتحرك لا في المملكة ولا خارجها من أجل اطفال اليمن والعراق وأيضاً باقي المناطق السورية التي يحاصرها المسلحون منذ سنوات.

وعلى أي حال، يبدو أنّ الحلول جاءت فجاة وكأنّ الذي أراد إدخال المساعدات لم يكن قادراً على الإقدام على ذلك إلا بإثارة هذه الحملة المنظمة في الهدف والاستهداف وإلا كيف استطاع الأفرقاء المعنيون إيجاد حلّ لإدخال المؤن اليوم وليس بالأمس؟ ألم يكن ممكناً مساعدة البلدة من دون كلّ هذا اللغط إذا كان الأمر فعلاً إنساني، بحسب ما جهد إعلام السعودية في تقديمه؟

حملة مضايا التي استهلتها السعودية بتنظيم حملة إعلامية وسياسية تستهدف حزب الله، تجمّعت غيومها لتسفر عن قوافل مساعدات دخلت مضايا وكفريا بالتوازي وبالنوعيات والكميات ذاتهما بالتناسب مع عدد السكان، وشروط التوقيت والتحقق من الطرف المعني بتفتيش المساعدات ذاتها، لكنّ الحملة الإعلامية مستمرّة على تصوير الأمر حصاراً لمضايا، وليس تبادلاً للمسؤولية بين طرفين متحاربين بتنظيم الإغاثة لمنطقتين محاصرتين بالتوازي، يمكن التفاهم على إدخال كميات أكبر ونوعيات أشمل من المساعدات شرط التساوي فيها، ويمكن تخفيف إجراءات وقيود الحصار شرط التوازي أيضاً، ويمكن تكثيف وتيرة الإمداد وجعل مواقيتها أقرب، لكن بتطبيقها على البلدتين المُحاصرتين. وتخفي الحملة أنّ المجموعات المسلحة في مضايا والتابعة لـ«أحرار الشام» و«جبهة النصرة» هي التي رفضت السماح بكميات أكبر من المعونات ونوعيات أشمل من المواد ووتيرة أسرع، للضغط على كفريا والفوعة وهي تعلم أنّ التوازي والتساوي سيحكم في المقابل حالة مضايا، ما يشير إلى حسابات في السياسة تريد للحملة أن تستمرّ، وللصور الخاصة بالمجاعة، الحقيقية منها والمزيفة، أن تبقى عنوان ما قبل انعقاد جنيف، الخاص بالحوار بين الحكومة والمعارضة، والذي تعيش جماعات الائتلاف مأزقاً للقبول بالسقوف التي كشف عنهما تسرّب عن تمسك وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، بكونها بعد صدور قرار مجلس الأمن 2254 لم يعد للمسودّات التي سبقتها أيّ قيمة سواء في فيينا، وخصوصاً في جنيف، إلا كبيانات تعكس مساعي الحلّ السياسي، وهذا يعني قطعاً للطريق على أيّ محاولة لطرح مستقبل ودور الرئيس السوري في العملية السياسية في حوار جنيف المقرّر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، باعتبار الأمر الراهن هو حكومة وحدة في ظلّ رئاسة الرئيس بشار الأسد، تقود الحرب على الإرهاب وتترك مستقبل الرئاسة للانتخابات وصناديق الاقتراع.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى