كيري ولافروف: الرئاسة تحسمها الانتخابات وخلاف على المعارضة والإرهاب إيران تربح جولة استعراض القوّة مع واشنطن عشية البدء بالإفراج عن أرصدتها
كتب المحرر السياسي
كما بدأ الجيش السوري بتنظيف خط الحدود السورية التركية على جبهة الشمال الغربي، بدأ المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بتوجيه الدعوات لحضور لقاء جنيف الحواري بين الحكومة السورية والمعارضة، تحت سقف القرار الأممي 2254 الذي يظلّله تفاهم روسي أميركي، تكرّس باتفاق وزيري الخارجية الأميركية جون كيري وسيرغي لافروف على رفض أيّ بحث في الحوار بمستقبل الرئاسة السورية خارج إطار ربط مصيرها بانتخابات تجريها حكومة سورية موحّدة بشراكة أممية، في إطار العملية السياسية التي تتضمّن وضع دستور جديد، وتبدأ بالتلاقي على عنوان الحرب على الإرهاب، هذا بينما كشف نائب وزير الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف عن تمسك موسكو بمشاركة كلّ من صالح مسلّم كممثل للأكراد وهيثم مناع ضمن الوفد المعارض، وتمسكها في المقابل بإضافة «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» إلى لوائح الإرهاب، والأمران لا يزالان موضع خلاف مع واشنطن، التي تفضل أن يتمّ ذلك بالتوافق مع فريق مؤتمر الرياض للمعارضة.
مصادر متابعة للتحضيرات الخاصة بانعقاد جنيف بعد أقلّ من أسبوعين، قالت إنّ مشاركة جماعة مؤتمر الرياض غير مؤكدة في ظلّ السقف السياسي المحسوم لجنيف برفض البحث في مستقبل الرئاسة السورية، ما يرفع أسهم مشاركة شخصيات معارضة غير منضوية في المؤتمر، وتوقعت أن لا مشكلة بإضافة مسلّم حتى بمشاركة جماعة الرياض، باعتبار الشراكة الكردية أمراً متفقاً عليه بين موسكو واشنطن، خصوصاً أنّ المجموعات المسلحة الوحيدة التي تشارك باسم المعارضة في الحرب على «داعش» هي تلك التي يتزعّمها مسلّم.
واشنطن التي كانت تعلن بلسان وزير خارجيتها جون كيري أنّ أولويتها للعام الحالي هي تسوية الأزمة السورية، كانت تلملم شظايا هيبتها المفقودة في أزمة افتعلتها مع طهران على خلفية وهم توجيه صفعة معنوية لطهران عشية الموعد المقرّر لبدء الإفراج عن أرصدتها، ببيان مشترك يصدر عن الخارجية الإيرانية ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي السبت المقبل، وانتهت أمس أزمة الزورقيْن التابعين للبحرية الأميركية اللذين خرقا المياه الإقليمية الإيرانية فقام الحرس الثوري الإيراني باحتجازهما، وتوقيف البحارة العشرة الذين كانوا على متنهما، وبعد مفاوضات متواصلة تخللتها خمسة اتصالات من كيري بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف واعتذار أميركي علني عن خرق السيادة الإيرانية، أفرجت طهران عن البحارة وواصلت تحقيقاتها في المعدّات التي ضبطت على متن الزورقيْن، وتوجهت الخارجية الأميركية بلسان كيري بالشكر لطهران على تعاونها، مسجلة لحسابها كسب جولة استعراض القوة ورفضها أيّ مساس بسيادتها وهيبتها بداعي وهم حاجتها إلى تنفيذ التفاهم النووي وحصاد المكاسب المتوقعة منه، للمساومة على هذه الهيبة.
في لبنان فشلت مساعي تذليل العقبات أمام انعقاد مجلس الوزراء بحضور جميع الوزراء، بعدما بدا أنّ التفاهم على تعيين أعضاء المجلس العسكري قد جرى تأجيله إلى الجلسة المقبلة كما أوحى تصريحان مختلفان لرئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، عن طرح الأمر وترحيله إلى الجلسة المقبلة إذا تعذّر تحقيق التفاهم، وفي المقابل إصرار التيار الوطني الحر على إنجاز التعيينات في أول جلسة يحضرها، ما يعني ترجيح انعقاد الجلسة بغياب وزراء التيار وحزب الله المتضامن معه، دون رفع منسوب التشنّج بانتظار الجلسة المقبلة وما سيطال التعيينات العسكرية والأمنية.
التيار الوطني الحر لن يشارك..
ينعقد مجلس الوزراء عند العاشرة من صباح اليوم في السراي الحكومي برئاسة الرئيس تمام سلام في جلسة يُفترض أن تبحث في جدول أعمال من 140 بنداً تتعلق بأمور حياتية ومصالح الناس. ومن المرجَّح ألا يشارك وزيرا التيار الوطني الحر في الجلسة لا سيما أن الاتصالات لتذليل العقد أمام المشاركة لم تصل إلى نتيجة حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لا سيما أن تيار المستقبل من خلال تصريحات نوابه عن إجراء التعيينات في المجلس العسكري اعتبر أنها منوطة بقائد الجيش العماد جان قهوجي، توحي أن استهداف تيار المستقبل للجنرال عون سيبقى مستمراً، علماً أن أي تعيينات في لبنان لا تحصل إلا بالتوافق سواء أكانت عسكرية أم غير عسكرية، ما يؤكد أن اتصالات الأيام القليلة الماضية لم تفض إلى حصول الجنرال على ضمانات تؤكد وجود نية جدية في معالجة المخالفات وإيجاد حل جذري في مسألة إجراء التعيينات العسكرية.
أكد وزير الدفاع سمير مقبل «أن ملء الشغور في المجلس العسكري أمر ضروري ومهم»، معلناً «أنني سأطرح هذا الموضوع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، وما سأطرحه سيكون بالتأكيد مجرداً من أي محاصصة إنما استناداً إلى الأقدمية والكفاءة، وسأقترح الأسماء وعلى مجلس الوزراء اتخاذ القرار المناسب».
وقال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» يبدو أن قرار التيار الوطني الحر عدم المشاركة، لكن سواء حضروا أو لم يحضروا، فإن الجلسة ستُعقد إذا توفر النصاب، بخاصة أن الجلسة مخصصة للبحث في قضايا تخص مصالح الناس وأموراً حياتية من المفترض أن لا تكون خلافية». ولفت إلى «أن حزب الله سيعلن وزيراه المشاركة قبيل الجلسة، لكن في حال عدم المشاركة فإن الميثاقية متوفرة بحضور وزراء حركة أمل». ونقل جريج تأكيد رئيس الحكومة على استعادة عمل مجلس الوزراء، مرجحاً التوافق على تعيينات المجلس العسكري ووضعا بنداً أول على جدول الأعمال لا سيما ان جلسة الحوار الوطني الاثنين عكست أجواء إيجابية لتفعيل عمل الحكومة».
بري: التعيينات بند أول
وقيّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري إيجاباً مسار الأمور، واعتبر بحسب ما نقل زواره لـ«البناء» أن مشكلة التعيينات الأمنية كبند يجب أن توضع على جدول الأعمال في كل الأحوال، فإذا تمّ التوافق على الموضوع يكون الإشكال قد أزيل وإذا احتاجت معالجة الأمر إلى مزيد من الوقت فيبقى موضوع التعيينات بنداً أول على جدول أعمال مجلس الوزراء بهدف المعالجة، لكن القاعدة في كل ذلك أن الحاجة لإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء هي موضع تقدير من قبل القوى كافة. وفي ملف الانتخابات البلدية، فهم من الرئيس بري أن الأمور تتجه لأن يكون هناك انتخابات بلدية وهذا عامل إضافي لتنشيط مجلس الوزراء، فضلاً عن أن الأوضاع العامة لا تحتمل أي تمديد.
واستفاض بري، بحسب ما علمت «البناء»، بشرح موضوع النفايات لناحية ترحيلها إلى سيراليون، حيث ولد ونشأ فيها، ويتواجد 15 ألف لبناني مغترب، وتبين أن السفير اللبناني في سيراليون قد تلقى طلباً لتوقيعه هو السماح بنقل النفايات إلى سيراليون وقد وقّعه بشرط عدم تحمل الحكومة اللبنانية أي مسؤولية. وقد تبين لاحقاً أن هذا الطلب الذي يفترض أنه يسمح بنقل النفايات إلى سيراليون قد جرى توقيعه من أحد مستشاري الرئيس السيراليوني في وقت يحتاج الطلب كي يصبح ساري المفعول إلى تواقيع وزيرا الاقتصاد والخارجية والتعاون الدولي بالإضافة إلى توقيع رئيس الأركان، وعندها يهتم رئيس دولة سيراليون لاحقاً بالموضوع. لقد أبدى الرئيس بري انزعاجه وقلقه من الموضوع، فسيراليون ليست من الدول التي وافقت على اتفاقية بازل الدولية، مما يجعل تعاطي لبنان معها ليس قانونياً، وبالتالي فإن هذه الملابسات دفعت بالشركة الهولندية إلى عدم دفع الكفالة المدنية وقدرها 2.5 مليون دولار، مما حدا بالحكومة إلى الذهاب باتجاه تكليف الشركة الانكليزية بالتعهّد بموضوع النفايات برمّته، علماً أن موضوع ترحيل النفايات برمته عرضة للاهتزاز وبالتالي العودة إلى نقطة الصفر، لأن رئيس الحكومة ذكر على طاولة الحوار الوطني أن موضوع ترحيل النفايات لا تزال أمامه تعقيدات كثيرة.
بازار بين جعجع والحريري!!
وفيما ترددت معلومات عن رسالة نقلها وزير الداخلية لمعراب تفيد أن الرئيس سعد الحريري متريّث في ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وتدعو رئيس حزب القوات سمير جعجع لعدم الإقدام على خطوة ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أنه سواء تقدّم المسعى للقاء عون جعجع أو تعرقل، فإن اللقاء لا يزال في العالم الافتراضي للوقائع لأننا لا نزال أمام تسريبات تماماً، كما جرى في بداية التعاطي في موضوع لقاء الرئيس الحريري والنائب فرنجية». وسألت المصادر «هل رفع وتيرة التوقعات من إمكانية حدوث اللقاء هي في إطار فتح بازار «على كبير» بين جعجع والحريري؟ أم أنها جدياً في إطار إرادة نهائية اتخذها جعجع لترشيح العماد عون، بخاصة أن التراجع من قبل جعجع سيرتب عليه خسائر كبيرة خاصة على الساحة المسيحية». وتشير معلومات «البناء» «أن مسألة جدية السير بالعماد عون قد تدفع بالحريري إلى دراسة أو التفكير جدياً بالعودة إلى تبني الخيار العوني». وتشير المعلومات إلى «أن زيارة الوزير نهاد المشنوق الرابية كانت بهدف إعادة بناء الجسور لا سيما أن خيار عون للرئاسة يفرض نفسه بقوة على مسرح الأحداث، ليس لأن جعجع سيرشح عون بحسب التسريبات، بل لأن الخيار الإقليمي لعون يربح وقد يصبح الجنرال ليس من جعجع فقط بل من كل الذين لم يدركوا أن بوابة الرئاسة لن تفتح إلا لعون في ظل السياق الميداني للأحداث في الإقليم».
..وبكركي ترحّب بأي لقاء
وأكدت مصادر بكركي لـ«البناء» «أن البطريرك الماروني بشارة الراعي يرحّب بأي لقاء مسيحي يساعد على حل أزمة رئاسة الجمهورية، ويؤكد انه على مسافة واحدة من الجميع». ولفتت المصادر إلى «أن ما يطالب به البطريرك الراعي هو انتخاب رئيس بغضّ النظر عن الأسماء المتداولة».
«المبادرة الرئاسية» إحياء أو تجميد؟
وحول لقاء الحريري فرنجية، فإن اللقاء، بحسب مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء»، هو نتيجة مصلحة مشتركة من الطرفين لإعادة مراجعة ما جرى عقب اللقاء واستكشاف القدرة على إعادة إحيائه والبناء عليه أو الاتفاق على ظروف تجميد الطرح في الوقت الراهن».