الانهيار الكبير لا يُبلِّغ بموعده

ناصر قنديل

– شهدت الحرب السورية موجات من التناوب على تحقيق المكاسب العسكرية بين الدولة وجيشها من جهة وكلّ القوى المنضوية في الحلف ضدّها من جهة مقابلة، وشهدت مراحل كانت كفة الميزان تميل لمصلحة تشكيلات مسلحة معادية للدولة والجيش، ومراحل معاكسة كانت تبدو كفة الميزان تميل لمصلحة الجيش، وشهدت كذلك مراحل توازن وكرّ وفرّ فيتقدّم الجيش في جبهة ويتقدّم خصومه في جبهة أخرى.

– منذ ثلاثة شهور تبدو الأمور تتجه لمصلحة الجيش بوجه خصومه من دون أيّ من علامات الكرّ والفرّ، ولا مفردات الحرب سجال، ولا التناوب على تحقيق التقدّم والانتصارات، أو التوازن فيها بجغرافيا مقابل جغرافيا، فيثبت الجيش السوري أنه صاحب المبادرة وصاحب الإنجازات، والأهمّ أنه يحقق إنجازاته على مساحة الجغرافيا السورية، من الشمال إلى الجنوب وبينهما في الوسط، حيث لا يحتاج الجيش لنقل قواته التي هاجم بها شمالاً إلى الجنوب ليحقق الانتصارات، بل هو ينتصر شمالاً وجنوباً بالتزامن والتوازي.

– ثبات الخط البياني للانتصارات لمصلحة الجيش وحده وتواتر هذه الانتصارات، ومع كلّ ذلك شمولية الانتصارات مساحة الجغرافيا السورية، ميزات يمتلكها الجيش السوري للمرة الأولى في زمن الحرب، ومؤشر على اتجاه لا رجعة عنه في كلّ معركة مقبلة، بعدما اختبر خصوم الدولة والجيش كلّ ما لديهم من عناصر القوة وتوزيع الموارد ومحاولة تغيير وجهة المعارك، وطالما زجّت الأسلحة النوعية التي وردت للمسلحين، واستنفدت فرص التدخل الإقليمي والدولي، فيصير الاتجاه محسوماً ويصير السياق واضحاً، النصر آتٍ لحساب الجيش السوري.

– هذه الخلاصة لا يتوصل إليها مناصرو الجيش ولا المراقبون الحياديون فقط، بل خصومه أيضاً، وفي طليعتهم الذين يقاتلون ضدّ الجيش، فيقاتلون في البداية بشراسة أملاً بتغيير وجهة القتال، ثم يقاتلون بذكاء الهروب والمناورة وتشتيت الجهود، ولما يصيبهم اليأس يبدأون بالتقهقر أمام الجيش بأقلّ الخسائر، وهذا هو الحال الذي يجعل النتيجة النهائية للحروب قريبة التحقق.

– لا تُقاس توقعات نهاية الحرب بالوقت الذي احتاجه الجيش السوري لتحرير موقع من سيطرة الخصوم، واعتباره معدلاً وسطياً للزمن اللازم أو معياراً صالحاً، فالوقت يتناقص من معركة إلى معركة يخرج منها الجيش السوري منتصراً، وسيكون للتسارع معناه في لحظة لا يعرفها أحد ولا يستطيع توقعها أحد، عندما يحدث الانهيار الكبير، وقد حدث هذا في حروب كثيرة عايشناها، من حرب العراق والاحتلال الأميركي للعاصمة بغداد، وقبله سقوط الشريط الحدودي المحتلّ بأيدي المقاومة، دفعة واحدة بعد تساقط عدد من مواقع الاحتلال وميليشياته وصولاً لتحرير الشريط المحتلّ.

– بعد معركة سلمى وانتصار الجيش السوري المتدحرج والسريع ترقبوا الانهيار الكبير في الجماعات المسلحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى