نصر إيران… وتقهقر قوى الظلام
سناء أسعد
على معابر الحدود الدولية كافة فتحت آفاق جديدة، بعيدة المدى، متعددة الاحتمالات والخيارات متأرجحة النتائج… تغيرات وتقلبات مناخية في الأجواء السياسية والعسكرية والدولية.
أجواء مليئة بضبابيات التوتر والقلق والمخاوف وعدم التوازن أمام رزمة الحلول التي صارت استحقاقات نصر متأرجحة على أكثر من ضفة. لكل نصر طريق مختلف عن الآخر رغم جوهرية النصر المتمثلة بمجموعة القوى المتعاونة في حربها ضد الإرهاب، سواء أكانت روسيا أو سورية أو إيران أو حزب الله.
بعد رحلة صبر طويلة، وبعد رحلة هدوء دبلوماسي ذكي لم تتوقف إيران عن المضيّ بها رغم كلّ العقبات والعرقلات والألغام التي وضعت أمامها لقطع الطريق عليها.
رحلة طويلة وإيران تسطر وترمي حماقات آل سعود المتتالية وراء ظهر الدبلوماسية والتأني… حتى لا ينجح الحمقى باستفزاز العقلاء الحكماء.
إيران أذكى بكثير من أن تقع في الفخوخ الأميركية والشباك «الإسرائيلية» التي لم تتوقف السعودية منتهزة كلّ فرصة، مستبيحة كل ظرف لرميها في كل مكان يمكن أن يضعف إيران ويستفزها ويخرجها عن طورها… من حادثة منى الى الحرب ضد اليمن، وصولاً إلى إعدام الشيخ نمر النمر وقطع العلاقات الدبلوماسية وقصف السفارة الإيرانية في صنعاء.
والهدف واحد يتمحور حول عدم صيرورة الاتفاق بِشأن الملف النووي ودخوله حيّز التنفيذ.
ولكن هذا لا يعني أنّ إيران ضعيفة وغير قادرة على الردّ أو أنها لا تستطيع ذلك، كما لا يعني أنّ دبلوماسية إيران ستبقى صامتة أمام حماقات آل سعود ولن تكون هناك تصفية حسابات…
فمملكة الرمال ما كانت يوماً تهدّد إمبراطورية إيران العظيمة… أمر المقارنة بينهما بحد ذاته لا تجب إثارته، ولا يمكن وصف ما حدث إلا أنه مجموعة من المحاولات الصهيو ـ أميركية لقلب موازين القوى بما يخدم المشروع «الإسرائيلي» في المنطقة، وخصوصاً في ما يتعلق بساحات الميدان السوري.
إيران انتصرت… والاتفاق النووي دخل حيّز التنفيذ، والدول الغربية في حالة تأهب واستعداد كامل لتوقيع الشراكات الاقتصادية بينها وبين إيران.
تنفيذ هذا الاتفاق أحدث إرباكاً كبيراً لكلّ من السعودية وتركيا و»إسرائيل»، ويصحّ القول أيضاً إنّ أميركا لم تكن راضية عن هذا الاتفاق، وحاولت جاهدة أن لا يتحقق ولكنه تحقق ليس من كرم وشهامة وعدل الولايات المتحدة… وإنما الحنكة الدبلوماسية الإيرانية بجميع إبعادها…
إيران من دون كلّ هذه المليارات، وهذا الموازنة الاقتصادية الهائلة، ومن دون كلّ هذه الشراكات والاتفاقيات تشكل خطراً على الأمن «الإسرائيلي»… فكيف بعد تنفيذ الاتفاق النووي؟
هذا النصر الدبلوماسي الإيراني، يقابله نصر ميداني داخل الأراضي السورية، حيث بدأ الجسد الإرهابي ينهار أمام عزيمة أبطال الجيش العربي السوري.
بالرغم من كلّ الإمدادات الإرهابية اللوجستية والعسكرية التي لا يمكن أن تتجدول بأرقام معينة أو تقاس بأيّ من المقاييس.
هذه الحملة الإرهابية المتكالبة ستدخل قريباً موسوعة «غينيس» بتحطيمها الأرقام القياسية بكلّ ما تضمّنته واستلزمته من أسلحة في حربها ضدّ الدولة السورية.
ستدخل موسوعة «غينيس» بفشلها الذريع وهزيمتها رغم كل ما تلقته من دعم مفتوح على أبواب الجبهات كافة… لإسقاط الدولة السورية وإسقاط شرعية الرئيس الأسد، وإسقاط الوجود النضالي للمقاومة في المنطقة.
معادلة محسومة بنتائج النصر الحتمية، تقابلها معادلة الخسارة المتمثلة بسلسلة الهزائم النكراء المتتالية لكلّ من السعودية وتركيا،
السعودية فشلت بمنهجيتها الإرهابية الوهابية الحاقدة المتبعة ضدّ إيران وحزب الله وسورية. وفي حربها ضدّ اليمن التي استنفذت كلّ وحشية نظام آل سعود وفظاعته وجنونه، حتى وصل به الأمر الى حدّ استخدام القنابل الانشطارية.
ويتكلم آل سعود عن محاربة الارهاب، ويسمحون لأنفسهم بتصنيف الإرهاب، والتهجّم على القوى المقاومة وبث السموم والتفرقة في المنطقة.
سياسة آل سعود لم تعد تُحتمل، وأمام هذا الصمت الدولي المتعايش مع النقيض السياسي المبتذل المثير للشفقة والذي يمارسه آل سعود وبشكل علني وسط ما يجري ويحدث.
هذا الإرباك السعودي لا يقلّ شأناً عن الإرباك الذي يعيشه أردوغان في سياسته الحمقاء المتبعة داخلياً وخارجياً. والتي ستكون طريقاً حتمياً لنهاية حكمه وحقبته الاستبدادية وعنجهيته المتمثلة بالغباء المطلق الذي يسيطر على عقليته الاستعمارية وتصرفاته المتهوّرة الجهنمية. أردوغان يخوض حرباً مفتوحة على جبهات متعددة، سواء أكانت حربه ضدّ حزب العمال الكردستاني وقتله للأبرياء هناك وعدد الضحايا يزداد كلّ يوم، تلك الحرب المتمثلة بأحقاد إخوانية متعصّبة متزمتة. وحربه ضدّ العراق وسورية المتمثلة بأطماع استعمارية نفطية، تلك الأطماع التي قادته للجنون فوجد نفسه في مأزق حرج وفي موضع مواجهة مع الدولة الروسية.
سيعلن أردوغان يوماً ما إفلاسه، كما ستعلن السعودية ذلك وستعلن أميركا إفلاسها.
إيران انتصرت، وروسيا انتصرت، وحزب الله انتصر وسينتصر. وستنتصر سورية على الإرهاب بقيادة بشار الأسد الذي سيبقى دون احتمالات أو خيارات معلقة القائد الشرعي لسورية، وستتحوّل ساحات الميدان من الدفاع الى الهجوم ومن ثم الى تصفية الحسابات.