تغيير نائب وزير الدفاع السعودي يعمّق أزمة القيادة في المملكة
معهد واشنطن – سايمون هندرسون
لم يرد أي إعلان فوري في المملكة العربية السعودية، وهذا أمر غير عاديّ، حول استبدال الأمير خالد بعد إعفائه من منصب نائب وزير الدفاع نهاية الأسبوع الفائت. ولكن وتيرة التغيّرات، بخاصة حينما تتضاعف المخاوف الأمنية بسبب التأثير الواسع
لـ جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش» في العراق – التي قصّرت اسمها أخيراً إلى «الدولة الإسلامية» مع إعلانها الخلافة – تشير إلى وجود إدارة مختلّة ومن المرجح أن يكون ذلك مقلقاً للشعب السعودي وحلفاء المملكة أيضاً.
رغم أن الأمر الملكي صدر عن العاهل السعودي الملك عبد الله، إلاّ أن الخطوة اتخذت بناءً على طلب من ولي العهد الأمير سلمان الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع. ولم يُعط أي سبب لذلك، إنما ستزداد التكهنات حول الصحة العقلية للأمير سلمان البالغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً، والذي يتردد على نطاق واسع أنه يعاني شكلاً من أشكال الاعتلال الذهني. وفي وقت سابق من هذا العام، استحدث الملك عبد الله منصباً جديداً هو نائب ولي العهد، والشخص الذي سيشغله سيحل محل الأمير سلمان في مكان وفاته أو عجزه عن القيام بأعماله. ويشغل هذا المنصب الأمير مقرن، الأخ غير الشقيق والأصغر سناً من كلا الرجلين، وكان تلقى المبايعة ولياً لولي العهد ونال تأييد غالبية كبيرة من أعضاء هيئة البيعة. ويشغل الأمير مقرن بالفعل منصب النائب الثاني لرئيس الوزراء، إلاّ أنه لم يترأس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء إلاّ مرة واحدة حتى الآن. ويتمسك الأمير سلمان بهذا المنصب بصورة متزمتة، ويشغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء إلى جانب منصبه كوزير للدفاع ما زال الملك رئيساً للوزراء لكن نادراً ما يترأس المجلس هذه الأيام .
رغم سن الملك عبد الله المتقدمة، فهو في الواحدة والتسعين من عمره ويميل بسهولة إلى التعب وهذا أمر متوقع لشخص في هذا السن، يستمر العاهل السعودي في التركيز على القضايا الأمنية في المملكة، إذ جلس مع وزير الخارجية الأميركي الزائر جون كيري لثلاث ساعات ونصف ساعة في 27 حزيران، بحسب التقارير. كما أن واشنطن والرياض على خلاف حول كيفية التعامل مع الأزمة العراقية، فالعاهل السعودي مصمم على عدم السماح لأي ازدياد في نفوذ إيران في بغداد، لكنه يتخوف من تنازل الولايات المتحدة لإيران من خلال منح هذه الأخيرة دوراً سياسياً أو عسكرياً.
حصل لقاء عبدالله – كيري بعد يوم من اجتماع «مجلس الأمن الوطني» السعودي الذي نادراً ما يُعلن عنه، وأمر العاهل السعودي خلاله «باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لحماية مكتسبات الوطن وأراضيه بالإضافة إلى توفير الأمن والاستقرار للشعب السعودي». صيغة بدت غامضة في تحديد التهديدات التي تواجه المملكة. والمعنى الضمني لذلك هو التنظيم السني المسلم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، رغم شعور الملك عبد الله بالقلق أيضاً حيال دعم إيران لإخوتها في الدين من المسلمين الشيعة في العراق والبحرين وفي المنطقة الشرقية من المملكة نفسها أيضاً. وفي رسالة قُرئت نيابة عنه في بداية صوم رمضان في 28 حزيران الفائت، بدا أن الملك أكثر وضوحاً في شأن تنظيم «داعش» قائلاً: «لن نسمح لشرذمة من الإرهابيين اتخذوا من الدين لباساً يواري مصالحهم الشخصية ليرعبوا المسلمين الآمنين أو أن يمسوا وطننا أو أحد أبنائه أو المقيمين الآمنين فيه». وكان اجتماع «مجلس الأمن الوطني» السعودي مهماً أيضاً إذ يمثل قاعدة القوة المتبقية للسفير السعودي السابق في الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان، الذي أُعفي من منصبه كرئيس للاستخبارات في نيسان الفائت، بسبب عدم قدرته على العمل مع واشنطن في دعم المقاتلين المناهضين للأسد في سورية. وبدا كأن بندر اختفى في غياهب النسيان حتى أُعلن أنه كان أحد المشاركين في اجتماع القمة القصير بل المهم على ما يبدو بين الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي عُقد في المقصورة الصغيرة في الطبقة الثانية من طائرة العاهل السعودي من طراز «بوينغ 747» خلال توقفها في مطار القاهرة.
قد يصبح «مجلس الأمن الوطني» السعودي الهيئة الأهمّ في عملية صنع القرار في الرياض، في حين أن الاستخبارات السعودية، المعروفة باسم «رئاسة الاستخبارات العامة»، تلعب دوراً أقل تأثيراً. واستبدل بندر في «رئاسة الاستخبارات العامة» بمسؤول من غير أبناء العائلة المالكة، ذي خلفية في الدفاع المدني. ومنذ تركه منصبه، تم التخلي عن خطة طموحة لتحويل جهاز الاستخبارات وإجراءات العمل السارية فيه، مع إعادة تعيين الموظفين الرئيسيين في وظائف أخرى.
زميل بيكر ومدير برنامج الخليج
وسياسة الطاقة في معهد واشنطن