إيران «نووية» في المفاوضات السورية
منذ يومين والعالم يتابع الإنجاز الكبير الذي حققته إيران واستطاعت ان تؤكد على سلميتها ونواياها تجاه حفظ حقوقها من جهة، والإثبات انّ التقدّم العلمي لا يعني خطراً على المجتمعات العربية، وانّ الجارة الفارسية للخليج ليست خطراً داهماً إنما دولة قرار واستقرار لم تخضع لاستفزازت البعض منهم في العمل الدؤؤب لعدم التوصل الى هذه اللحظة، ايّ لحظة التوقيع على بدء تنفيذ الاتفاق النووي الغربي مع طهران ورفعاً العقوبات الاقتصادية.
يتحدّث الرئيس الاميركي باراك اوباما عن انّ قطع العلاقات مع ايران ديبلوماسياً لم يفد مصالح البلدين، وهذا يعني انّ الرئيس الاميركي ربما يكون نادماً او عاتباً مثلاً على ما الحق بالعلاقة بين طهران وواشنطن نتيجة قرار وخيار اميركيّين نابعين من الرغبة بالحفاظ على الأمن «الاسرائيلي»، ولو كانت الذرائع غير مقنعة او حتى منتجة.
هذا الاتفاق الذي يعتبره البعض في الولايات المتحدة ممّن يؤيدون السياسية «الاسرائيلية» بامتياز، خصوصاً في الحزب الجمهوري، الذين استنجدّ بهم بنيامين نتنياهو في ذلك الخطاب الشهير أمام الكونغرس، معرّض للامتحان الأكبر في الأيام المقبلة، فهل تستفيد ادراة باراك اوباما من مفاعيله وتداعياته على باقي الملفات الاقليمية وما قد يمثله من إسهام في انفراجات كبرى على صعيد حلّ الازمة السورية بالخصوص؟
وعلى ايّ حال تدخل إيران طاولة المفاوضات السورية هذه المرة من الباب العريض على بعد أيام من 25 كانون الثاني المخصّص لبحث الازمة السورية، حيث تفرض حضوراً جديداً مباشراً أو غير مباشر بهالة يستمدّ حلفاؤها منها القدرة على دفع هوامش التفاوض لصالحهم أكثر فأكثر. تدرك روسيا هذه المرة انّ المفاوضات السورية التي تعتبر واحدة من أصل سلة حلّ شاملة تطبخ للمنطقة قادرة ان تكون مقدّمة لبحث الملفات العالقة بقدرة إيران النافذة على اكثر من صعيد ودولة، ابرزها في سورية والعراق واليمن، وعلى هذا الأساس فإنّ فرض الشروط الإيرانية على الطاولة باتت الأكثر إمكانية وحضوراً، والحلف الروسي الايراني السوري يحضر من موقع القوة التي لا يمكن معها للحلف الاميركي المقابل الحديث عن إخضاع لشروط او حتى الحديث عن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وهو الأمر الذي اصبح منسياً.
حضور إيران النووية على طاولة المفاوضات هو حضور غير مباشر لحلفائها وتحضير لفرض شروطهم من دون قلق التنازل، او حتى الانجرار وراء تسويات جزئية، فإيران التي كانت حذرة من نصب أفخاخ تستدرجها اليها لإفساد تتويج التوقيع على الاتفاق النووي تواجه العالم من مبدأ الحقوق والقانون والورقة الموقعة دولياً والانفتاح الكبير الذي فرضه بدء التنفيذ نتيجة سلمية والتزام كاملين من ايران احتراماً وخياراً لإظهار حقوق الشعب الإيراني كحقّ مقدس لن تسمح بالعبث فيه من باب ايّ كيدية او انتقام.
«توب نيوز»