صحوة دولية تواكب فلسطيننا!؟
نظام مارديني
دبلوماسية الخطوة خطوة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي، وإن بطيئة، لتوجيه رسائل عاجلة للكيان الصهيوني، بأن ما كان سابقاً لم يعُد يصلح راهناً. هذه قد تشكل لحظةً للتوازن العقلي الدولي الذي تأخر كثيراً تجاه فلسطين، أرضاً وشعباً. ولكن هل يشكل هذا التحول الأوروبي إحراجاً لحليف الكيان الصهيوني الأكبر، الولايات المتحدة الأميركية؟
جاء قرار الاتحاد الأوروبي لوضع ملصقات لتمييز المنتجات الآتية من المستعمرات الصهيونية في فلسطين المحتلة، تعزيزاً لقرار سابق يتعلق بوسم منتجات المستعمرات لمقاطعتها، وقد أثار ذلك القرار قبل أشهر غضباً داخل كيان العدو ولم يتجرأ إلا قلة من الأوروبيين على مهاجمته، لأنه لم يتعارض مع مبادئ أوروبا الأصيلة المكفولة في دساتيرها المختلفة.
وفي سياق هذا الواقع المستجدّ بين الكيان الصهيوني ودول أوروبية وأميركية لاتينية، يخوض العدو حروباً دبلوماسية، وقد خسر بعض المعارك ولا يتوقع أن ينجح في الباقية.
فبين أزمته السياسية مع البرازيل التي رفضت اعتماد سفير للكيان الصهيوني، وتلك مع السويد التي طالبت بفتح تحقيق دولي في عمليات الإعدام الميدانية التي ينفذها قوات هذا الكيان الاغتصابي بحق الفلسطينيين، وتلك التي يخوضها مع الاتحاد الأوروبي، يعيش الاحتلال أزمة وجودية لأول مرة، سيما على وقع ضربات متنقلة لأبطال الانتفاضة الثالثة.
لا شك في أن تطور وسائل الإعلام «السمعبصرية» جعل من نقل المعلومة المصوّرة الركن الاساسي لما يعيشه شعبنا الفلسطيني في ظل الاحتلال، وهذا ما منع التلاعب بالحقيقة بصورة كبيرة وأدى بدوره الى تحولات أكبر في المواقف الدولية عبر إيجاد مقاربة جديدة هي أفضل الى الواقع من سابقاتها، الشيء الذي لم يكن ممكناً من قبل. ويلاحظ هنا في صحوة الإعلام الأوروبي إفلاته من الدعاية الصهيونية التي دأبت على قلب الحقائق بتصوير الفلسطيني المدافع عن أرضه وعرضه «إرهابياً»، وتقديم الصهيوني الغاصب في حلة «الضحية».
إن حالة الجنون التي يعيشها المحتل و«بنيامينه النتنياهو» تؤكد حالة التغيير في المزاج الدولي ولم تفلح دبلوماسية الاحتلال، التي تعمل على طريقة المافيا، في لجم الأوروبيين عن اتخاذ موقف ينسجم مع قيم حقوق الشعوب التي تحتل أراضيها.
رغم الشكوك، التي تستبد في وطننا السوري وعالمنا العربي، من هذا التحول الدولي، خصوصاً الأوروبي تجاه المسألة الفلسطينية، نرصد تطوراً آخر بين الكيان الاغتصابي لفلسطين ودول خليجية، وقد جاءت زيارة وزير الطاقة الصهيوني «يوفال شتاينتس» لأبو ظبي، مؤخراً، لتشير إلى هذا السقوط الأخلاقي والوطني لتلك المشيخات بحق فلسطين وأهل فلسطين.
لا شك في أن حسن التعريف بقضيتنا الفلسطينية ومواجهة حالة التطبيع من هنا وهناك لن يتما إلا عبر الإصرار بقوة وعناد ودقة على فضح الاحتلال الصهيوني وجرائمه بحق شعبنا، ما سيغير تدريجياً قواعد الصراع ويمهّد لثورة شعبية ضد الاحتلال في فلسطين ومحيطها القومي.