المطلوب ديبلوماسية محلية
بلال شرارة
المشاغبة في شارع صنع السياسات الدولية والإقليمية الشونتاج وتحت زجاج الشبابيك الإيرانية عبر زيادة حدّة المشكلات في ما يتعلق بالمسائل السورية والعراقية واليمنية وحتى اللبنانية، وصولاً إلى خلق خط تماس سياسي وديبلوماسي سعودي – إيراني على خلفية إحراق مقرّ البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران، كلّ ذلك تعاملت معه إيران ببرودة لأنها كانت تنتظر حدثاً مصيرياً هو بدء تنفيذ الاتفاق النووي الموقّع مع دول 5 + 1، بعد إعلان الوكالة الذرية للطاقة الذرية تنفيذ إيران بنود هذا الاتفاق.
ما يجدر الاعتراف به هو أنّ طهران تحمّلت الشدّ على أصابعها من دون أن تصرخ ومن دون أن يتمكن أحد من استدراجها إلى ردّ الفعل.
– هي كانت تعرف.
– أنّ هدف الغارة «الإسرائيلية» على جرمانا والتي أسفرت عن استشهاد شيخ الأسرى المحرّرين سمير القنطار هو جرّ حزب الله ومن وراءه – طهران – إلى الميدان.
– أنّ هناك مسعى لانتزاع نصر من حلفائها في اليمن واستبعاد إمكانية الحلّ وإنجاح اجتماع جنيف الذي كان مقرّراً في 20 الحالي.
– أنّ سرّ استبعاد الحلّ السياسي للمسألة السورية حتى الآن وعرقلة مقرّرات فيينا واجتماع جنيف في 25 الحالي هو استنزافها ودفعها إلى اليأس وإسقاط حليفها الرئيس بشار الأسد.
– أنّ تأجيل معركة الرمادي وصولاً إلى تأجيل معركة الموصل إلى أجل غير محدّد في العراق، مرة بعد مرة، وإقصاء دور الحشد الشعبي أمرٌ يستهدفها عبر خلط الأوراق في العراق.
ثم أنها – طهران – كانت تعرف أنّ هناك من يضغط على مشروع المقاومة ودور المقاومة في الدفاع عن صورة حركتها على حدود لبنان والعابرة للحدود، وكذلك حدود المجتمع الحاضن للمقاومة في هذا البلد الذي يشكل حديقة إقليمية خلفية عبر حرب باردة عكس الحرب اليمنية أو السورية الساخنة.
المهم أننا وصلنا إلى نهايات سعيدة لنتائج جهد ديبلوماسي بُذل لمدة سنوات وتوّج بالاتفاق النووي وتطبيقاته، والآن لم يعُد بإمكان أحد ردّ الأمور إلى الوراء أو وضع العصي في الدواليب، خصوصاً أنّ أحداً لم يعد يملك رأسمالاً لذلك في وقت تتهاوى فيه أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها.
الآن لا بدّ من دور للديبلوماسية والمفاوضات بين الجوار العربي، السعودي خصوصاً، وإيران، وبين مصر وإيران لأنّ ذلك أجدى من المفاوضات المصرية التركية وبين البلدين أكثر مما صنع الحداد.
الآن كلّ الدول بحاجة إلى الاستقرار، إلى إعادة بناء اقتصادياتها، وإلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، بل وإلى وقف سباق التسلح وصرف الموارد على التنمية وعلى سوق إسلامية مشتركة ترتكز على مشروع السوق العربية المشتركة المقترح منذ الخمسينيات.
هذا الأسبوع يجب أن يتحوّل إلى عيد انتصار شعوب المنطقة على الحروب والتوترات، وليس فقط انتصار الشعب الإيراني السياسي، ويجب أن يكون محطة لتضافر الجهود لصياغة الشرق الأوسط الجديد الذي لطالما حلمنا به، وبازدهار الإنسان فيه، وبالمشاركة في كلّ ما يصنع حياة المجتمعات والدول وأدوارها وإقصاء مشروع الشرق الأوسط الموسّع الذي يهدف إلى سرقة مواردنا البشرية والطبيعية.