«بيونغ يانغ: من يتخلَّ عن برنامجه النووي يلقَ مصير صدام والقذافي
حميدي العبدالله
هذا التصريح الصادر عن جهات رسمية في كوريا الشمالية لا شك أنه ينطوي على كثير من الحقائق ويمثل رسالة مهمة لكثير من دول العالم، ولا سيما الدول الصغيرة. فمن المعروف أنّ الرئيس العراقي صدام حسين لم يسقط بثورة قام بها الشعب العراقي، لا شك أنّ غالبية الشعب العراقي كانت تعارض نظامه، وثمة غالبية لم تكن تؤيد سياساته، ولكن مع ذلك هو سقط على أيدي قوات محتلة قادتها الولايات المتحدة الأميركية، وشاركت فيها أكثر من 40 دولة تدور في الفلك الأميركي.
معمّر القذافي، زعيم ليبيا، هو الآخر قد لا يكون مسؤولاً محبوباً من قبل الشعب الليبي، ولا يحوز على تأييد الغالبية، ولكنه هو الآخر لم يسقط بثورة قادها الشعب الليبي، بل سقط جراء تدخل عسكري جوي قام به حلف الناتو.
بديهي أنّ ما جرى في العراق كان احتلالاً واضحاً واعتداءً سافراً على دولة ذات سيادة عضو في هيئة الأمم المتحدة. وحتى الأمم المتحدة وصفت ما جرى في العراق، وسيطرة القوات الأميركية والقوات الحليفة لها بأنه احتلال، وطُبّقت بحدود معينة القوانين المتعلقة بهذه الحال. وفي ليبيا، صحيح أنه لم يكن هناك احتلال مباشر، بمعنى أنّ دول الناتو قامت بالسيطرة على ليبيا عبر جيوش أجنبية، لكنها أسهمت من خلال إسقاط الدولة الليبية بتسليم ليبيا إلى جماعات مسلحة لم تأخذ بعين الاعتبار مصالح وإرادة الشعب الليبي، وكانت النتائج كارثية على الشعب الليبي.
بهذا المعنى، دول صغيرة مثل العراق وليبيا لو كانت لديها قدرات عسكرية نووية مثل القدرات المتوفرة الآن في كوريا الشمالية، لما تجرّأت الولايات المتحدة وحلفاؤها ودول الناتو بالاعتداء عليها، من هنا تكتسب هذه الخلاصة التي تحدث عنها المسؤولون في كوريا الشمالية مصداقية استثنائية، ولعلّ ذلك درسٌ لكثير من حكومات الدول الصغيرة الطامحة إلى التحرّر ورفض الخضوع والتبعية للغرب.
قد تكون إيران استثناءً، لكن إيران دولة إقليمية كبيرة، كان لديها من القدرات البشرية والاقتصادية والعسكرية، ما جعلها قادرة على الصمود في وجه الضغوط والحصار والعقوبات وحروب الوكالة التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضدّها منذ عام 1980، ولكن مثل هذه الشروط والظروف لا تتوفر لحكومات في دول صغيرة قدراتها العسكرية والبشرية ومواردها الاقتصادية محدودة، لهذا فإنّ الأنموذج الكوري الشمالي قد يدفع الكثير من الدول الصغيرة في المستقبل للعمل وفقاً له.