«شمّوسة»… عمل مسرحي للأطفال يطرح الصراع بين الخير والشرّ

يتميّز العرض المسرحي الذي يقدّمه زهير بقاعي نصّاً وإخراجاً للأطفال، تحت عنوان «شمّوسة»، برؤية جديدة لفكرة الصراع بين الخير والشرّ، من خلال طرح أسماء شخصيات العمل بطريقة تناقضية واضحة تعكس استمرار الصراع بين الخير والشرّ، وضرورة التعاون بين الأخيار من أجل طرد الشرور.

والعمل الذي يعرض على خشبة «مسرح القباني» في دمشق ضمن فعاليات مهرجان مسرح الطفل، يقدّم لنا «شموسة»، الفتاة الطيبة والحنون التي تملك كرة من الصوف الملوّن تعمل بها لنسج ثياب لأخوتها «نسيم» و«ناي» و«عمارة» الذين يعيشون صراعاً مع الأشرار «العقرب» و«الخفاش» و«الجرادة»، الذين بدورهم يسعون إلى تفريق الأخوة والحصول على كرة الصوف لاعتقادهم أنها تحوي خيطاً ذهبياً يمكّنهم من الحصول على الثروة.

ونجحت المسرحية في نقل الواقع الراهن بشكل مباشر أحياناً، ورمزي أحياناً أخرى، ضمن قصة بسيطة بأسلوب إخراجي مقنع وممتع، وفي توظيف عناصر المسرح من ديكور وإضاءة وموسيقى للفت انتباه الاطفال الذين تابعوا العمل على مدار ساعة من الزمن بشكل تفاعلي، لا سيما مع العروض الغنائية الراقصة التي تخللت العرض بشكل خدم الفكرة بشكل عام.

يقول مخرج العمل ومخرجه زهير بقاعي إنّ مسرحية «شموسة» تركّز على فكرة أنّ النور يبقى هو الجوهر والظلام أمر عارض. إذ نجد «شمّوسة» رمزاً للمحبة والسلام والدفء وكل ما يطمح إليه الإنسان من قيم خيّرة، وهي رمز لبلدنا سورية وما تتمتع به من نور ومعرفة وحضارة لا يستطيع أحد أن يطفئ جذوتها، وسوف تنتصر على أعدائها.

ويضيف بقاعي: المسرح مرآة الحياة، ولا يمكن فصله عن الواقع لأنه يؤثر ويتأثر بما يجري حولنا. ومن هنا تأتي أهميته في بثّ القيم التربوية والتعليمية وتوعية الأطفال إزاء ما يحدث حولهم بأسلوب مناسب. لأن الأطفال لديهم مقدرات عالية على التحليل ولديهم أيضاً مخيّلة عميقة.

أما الممثلة رشا الزغبي التي أدّت شخصية «شمّوسة»، فتقول إنّ مسألة إقناع الطفل تتطلب أداءً صادقاً من الممثل، لأنّ الطفل يملك مواهب عالية لا يستهان بها. فهو لا يعرف فنّ المجاملة كما الكبار، وممثل المسرح يحصل على نتيجة عمله مباشرة على الخشبة عبر تفاعل الجمهور.

وأوضحت الزغبي أنّ مسرحية «شمّوسة» حملت الكثير من الرمزية رغم بساطة الفكرة التي تعتمد على الصراع بين الخير والشرّ، وهو صراع أزليّ. منوّهةً بأهمية مهرجان مسرح الطفل كفعالية سنوية تساهم في ربط الطفل بالمسرح من خلال عروض مجانية تتيح للجميع إمكانية المشاهدة.

ورأت الممثلة آلاء مصري زادا التي أدّت شخصية «الجرادة»، أنّ أداء مثل هذه الأدوار ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب جهداً كبيراً من الممثل، خصوصاً أنّ الأطفال لديهم رهبة من الشخصيات الشريرة، ولكنّ حبّهم للاطلاع والفضول يدفعهم إلى التفاعل معها أكثر. مشيرةً إلى أنّ «شمّوسة» عمل مسرحي فيه إسقاط على الواقع، يهدف إلى تفعيل خيال الطفل الذي أصبح بين يديه أكثر من مصدر للمعرفة والمتعة والمعلومة.

ويعبّر الفنان داود شامي الذي وقف على خشبة المسرح منذ عام 1974 عن سعادته بالمشاركة في مسرحية «شمّوسة»، إذ لمس تفاعل الأطفال مع شخصية «عمارة» التي أدّاها في المسرحية، رغم أنها لا تتطابق مع شكله وعمره، لأنها شخصية الطفل الأصغر بين أخوته، لكنه يتمتع بالقوة التي تجعله يحبّ العمل في البناء، مشيراً إلى أنه سعى إلى إقناع المُشاهد بالتركيز على فكرة صفات شخصية «عمارة» الطيّب والحنون الذي يفضّل أخوته على نفسه ويقاوم الأشرار الذين يحاولون سرقة كرة الصوف من أخته.

من جهته، يوضح مساعد المخرج محمد المودي أن حالة الاندماج والتفاهم بين المخرج والمساعد في أيّ عمل فنّي، تساهم في إنجاح العمل وفي تأدية الممثلين أدوارهم براحة وتميّز. لافتاً إلى أنّ مسرحية «شمّوسة» عمل سابق في مجال مسرح الطفل عبر رؤية إخراجية بصرية جميلة ومميزة قريبة من السينما في بعض المشاهد. متمنياً تكرار مهرجان الطفل أكثر من دورة في السنة لتفعيل دور المسرح في التربية والتعليم والتوعية.

يذكر أن مسرحية «شمّوسة» من إنتاج مديرية المسارح والموسيقى مسرح الطفل والعرائس في وزارة الثقافة السورية، وتعرّض للمرّة الأولى ضمن فعاليات مهرجان مسرح الطفل الذي انطلق في 17 كانون الثاني الجاري ويستمر حتى 23 منه. وهي من تمثيل زهير بقاعي ورشا الزغبي وإيفا حاج بك وروعة شيخاني وأسامة تيناوي وكامل نجمة وآلاء مصري زادا وعبد السلام البدوي وداود شامي. صمّمت الديكور ريم الخطيب، والإضاءة تولّاها نصر سفر، أما الموسيقى فلأيمن زرقان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى