قادة المقاومة في غزة لـ«البناء»: أعددنا المفاجآت للاجتياح البري لبنان: حرب مالية بين مطرقة الخزانة الأميركية وسندان «المستقبل»
كتب المحرر السياسي
الخيارات والآفاق المحتملة للوضع في فلسطين تتزاحم بتسارع يفوق كلّ مرة، فتصاعد الردود من جانب المقاومة على خلفية تاريخ وذاكرة الحروب السابقة، وضع القيادة الإسرائيلية خلال يومين أمام السؤال الذي احتاج في المرات السابقة إلى أيام طوال، وهو ماذا بعد؟
ماذا بعد القصف بالطيران والبحرية والمدفعية على بيوت الآمنين في غزة وعلى حملات الاستهداف للمقاومين، وهي كلها لن تغيّر لا في معادلات القوة والردع، ولا في التوازن الحاكم للمواجهة فهل من جديد هذه المرة؟
هل تغيّرت قدرة «إسرائيل» على تحمّل فاتورة حرب برية، باجتياح غزة والوصول إلى معاقل المقاومة واعتقال قادتها ومصادرة مخزونها وتصفية بنيتها التحتية؟
حتى الآن لا جواب إسرائيلياً مباشراً، بل تهديد بمواصلة العمل العسكري على لسان بنيامين نتنياهو ونفي لطلب مساعي الوساطات، وحشود برية بآلاف الجنود ومئات الدبابات واستدعاء للاحتياط وإحكام للطوق على غزة، فهل نضجت شروط عمل عسكري إسرائيلي كبير لم تقدم عليه «إسرائيل» من قبل؟
قوى المقاومة تؤكد أنها تتمنى وتعمل لاختصار المسافة الفاصلة بين مرحلتي القصف والمواجهة البرية، لأنّ ما أعدّته لهذه المواجهة هو مفاجآتها الحقيقية، وفي كلام مباشر إلى «البناء» قال قادة بارزون في القسام وسرايا القدس إنّ الاستعدادات التي أنجزها المقاومون ستتكفل بجعل ما شهده جيش الاحتلال في حرب تموز في جنوب لبنان عام 2006 من مجازر للدبابات والجنود وأفخاخ وكمائن، ذكريات جميلة لجنود الاحتلال قياساً بما ينتظرهم إذا قرّروا الاجتياح البري الذي يشكل ملعب المقاومة الحقيقي.
مع اليوم الرابع للحرب يبدو أنّ الإسرائيلي يقترب من لحظة القرار الحاسم، بين قبول أو استدراج مشاريع وقف النار أو الدخول في اختبار الحرب البرية.
بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة على رغم دعوته المقاومة إلى وقف صواريخها كطريق لوقف الحرب، عاد وتبنى نداء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإطلاق مبادرة إعادة العمل بوقف النار الذي تمّ برعاية مصرية عام 2012.
بان كي مون منشغل بما ليس بعيداً ولا منفصلاً عن حرب فلسطين، فالهمّ السوري عاد إلى الواجهة بعناوين جديدة دولياً، محورها فشل خطة الأخضر الإبراهيمي لتسهيل استسلام سورية، صار المبعوث الجديد ستيفان دي ميستورا، بحصر صفته كمبعوث دولي لا دور للجامعة العربية فيه، أول تعبير عن تغيّر الموازين وفقاً لما تريده سورية، وبما قاله المبعوث الجديد لصديق لبناني قريب من سورية عن حاجته إلى مشورته ومعونته، دليل ثان على صلة المهمة الجديدة بتطبيع العلاقات الدولية بالدولة السورية، تحت عنوان حلّ سياسي يقوم على الفصل بين المعارضة الجاهزة لحلّ سياسي ضمن إطار الحرب على الإرهاب يجب الانفتاح عليها ودمجها ضمن عملية سياسية، وبين معارضة منخرطة في وهم الحلّ العسكري بما يمنح الإرهاب فرص النمو وعليها أن تختار بسرعة قبل تصنيفها مع القوى المعرقلة للحلّ السياسي، والأهمّ ما يبحث عنه المبعوث الجديد من رسائل الثقة مع القيادة السورية بعد الخراب الذي خلفه الأخضر الإبراهيمي.
بان كي مون منشغل بمهمة دي ميستورا، ودي ميستورا منشغل بالصديق اللبناني ومعونته للمهمة الجديدة، والصديق اللبناني منشغل بالحرب المالية المفتوحة على لبنان من بوابتي إجراءات جديدة لوزارة الخزانة الأميركية وتعثر مساعي الحلحلة المالية لدفع رواتب الموظفين بعد تعثر التوافق على سلسلة الرتب والرواتب.
لبنان والحرب المالية بين مطرقة الخزانة الأميركية وسندان تيار المستقبل في قضيتي دفع الرواتب والسلسلة، يدخل حال الشلل.
واشنطن تشجّع التكفيريين وتتخذ عقوبات ضد حزب الله
في هذا الوقت، بينما التعطيل يشلّ عمل الدولة بكل مؤسساتها على خلفية الحسابات الفئوية والمحسوبيات لفريق 14 آذار، دخلت الولايات المتحدة على خط توتير الأجواء اللبنانية، بل ذهبت بموقفها إلى تبرير إرهاب المجموعات التكفيرية بإعطائها جرعة دعم جديدة من خلال ما زعمته بقيام حزب الله باستخدام شركة «ستارز غروب هولدنغ» الإلكترونية في بيروت لتطوير طائرات من دون طيار وقدراته العسكرية و«الإرهابية» في سورية والعالم». وفرضت الخزانة الأميركية عقوبات على الشركة والأخرى التابعة لها وعدد من المدراء والأفراد بزعم أنهم يدعمون أعمال الشركة غير الشرعية، وذلك لدعمها نشاطات حزب الله «الإرهابية»! ودعت الدول إلى التعاون في ما بينها ـ لما ادّعته ـ محاربة هذه المنظمة الخطيرة!
المشنوق يحذّر من «ظاهرة التشدّد»
وبالتوازي مع هذا الدعم الأميركي للمجموعات التكفيرية وتشجيعها على الإرهاب، برز موقف لافت لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعتبر أن نجاح ما يسمّى «الدولة الإسلامية في العراق وسورية» عزّز تفكير المتشدّدين في لبنان. ولاحظ «أن هذه الجماعة السنّية المتشددة، ظهرت في بيروت للمرة الأولى في الأسابيع الأخيرة، لكن الأجهزة الأمنية أحبطت أي تصور لتكرار ما حدث في العراق بلبنان»، لكنه لم يستبعد «حصول تفجيرات انتحارية جديدة في لبنان».
.. كباره يعود إلى التحريض
ولوحظ أيضاً أن كلام الوزير المشنوق تزامن مع استمرار قطع بعض الطرقات في طرابلس، لا سيما طريق طرابلس ـ عكار عند دوّار أبو علي اعتراضاً على ما وصفوه استمرار توقيف قادة المحاور في المدينة، في حين ذهب عضو كتلة المستقبل محمد كبارة بعد اجتماع عقده في منزله إلى عدد من فاعليات المدينة إلى حدود «تهديد مدّعي عام التمييز القاضي حاتم ماضي ضد ما وصفه «استهداف السنّة». ولم يكتفِ كبارة بذلك، بل ذهب إلى استعادة الخطاب المذهبي مهدّداً بـ«خطوات غير محسوبة النتائج» إذا لم يتم الإفراج عن المسلمين وقادة المحاور!!
المحسوبيات تعطّل مجلس الوزراء وملفّ الجامعة
في موازاة ذلك، نجح وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب في تطيير جلسة مجلس الوزراء بعد تطيير وزراء فريق 14 آذار لملفي الجامعة والتفرغ. فمرة جديدة يفشل مجلس الوزراء في إقرار هذين الملفين في ظل الاشتباك حول المحسوبيات في توزيع الحصص وأرجأ الموضوع إلى الجلسة المقبلة.
لم يأخذ تيار المستقبل بطرح وزير العمل سجعان قزي بفصل ملف التفرغ عن ملف مجلس الجامعة. وعلمت «البناء» أن الأسماء التي طرحها وزير التربية لم تعجب وزراء حزب الكتائب باعتبارهم أنها قًَدمت من التيار الوطني الحر. وفيما رفض الحزب التقدمي الاشتراكي تغيير عميد كلية الطب الكاثوليكي بيار ياريد ورفض الاسم الذي طرحه وزير التربية الياس بوصعب ماروني لمنصب عميد كلية الصحة علمت «البناء» أن العميد ياريد المتمسك به رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط لأنه من الشوف ليس عميداً بالأصالة ليبقى في منصبه بل هو مكلف وما تقوم به الوزارة هو تحقيق التوازن في التعيينات، التي يجب أن تتوزع على 5 موارنة 3 أرثوذكس و2 كاثوليك فيما طالب بعض الوزراء بـ4 عمداء كاثوليك مقابل 2 أرثوذكس و4 موارنة.
إلى ذلك، شارك وزير التربية أساتذة الجامعة اللبنانية في اعتصامهم في ساحة رياض الصلح وأكد أن ملف الجامعة اللبنانية معقد. وأشار الى أن «آلية التفرغ لم تشرح خلال جلسة مجلس الوزراء»، لافتاً الى أن «لا مشكلة في التفرغ انما المشكلة كانت على مجلس الجامعة وتم رفض الفصل بين الملفين».
المستقبل لن يشارك في أي جلسة تخصص لإقرار دفع رواتب الموظفين
في غضون ذلك أنهت هيئة التنسيق النقابية اعتصامها الذي استمر 24 ساعة أمام وزارة التربية، فيما لم تنهِ الكتل السياسية في فريق 14 آذار مقاطعتها للمجلس النيابي. وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» أن لا مشاركة في أي جلسة لإقرار قانون يجيز دفع رواتب موظفي القطاع العام لا سيما أن مجلس الوزراء له الحق في صرف رواتب الموظفين استناداً إلى قانون المحاسبة العمومية وقانون موازنة 2005 وأن النزول إلى المجلس النيابي سيقتصر فقط على إقرار اليورو بوند، فضلاً عن أن الموقف من ملف سلسلة الرتب والرواتب بات واضحاً لجهة أننا نريد إيرادات موثقة ونفقات تتحملها الخزينة.
… والمفاوضات مع «أمل» راوح مكانك
أما على صعيد المفاوضات التي جرى الحديث عنها بين «أمل» و«المستقبل» في هذا الشأن، فقد عُلم أنها لا تزال تواجه صعوبات بسبب إصرار «المستقبل» على تجاهل سلسلة الرتب والرواتب وموضوع رواتب الموظّفين وتركيزه على «اليورو بوند».
ونقل الزوّار عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس قوله: «يريدون أن نخالف القانون كما خالفوه، ولكن لن يحصل ذلك ما دامت حركة «أمل» تتولّى وزارة المال».
وأكدت مصادر في التحرير والتنمية لـ»البناء» أن الاتصالات بين القوي السياسية مستمرة للتفاهم على مخرج للحل، يعقب ذلك اجتماع لهيئة مكتب المجلس التي تتألف من كل الكتل السياسية، ليحدد بعد ذلك رئيس المجلس موعداً للجلسة في حال نجحت الاتصالات في إحداث خرق في جدار الأزمة.
لبنان سيطلب من تركيا نقل مياه إلى لبنان
من ناحية أخرى، تجتمع لجنة الطاقة النيابية اليوم عند نائب رئيس الحكومة سمير مقبل مع لجنة الطوارئ التي شكلها مجلس الوزراء، بعد إجرائه اتصالاً برئيس الحكومة تمام سلام، على أن يوضع قباني أمام لجنة الطوارئ توصيات اللجنة النيابية أمامها من أجل المتابعة.
وأكد قباني لـ»البناء أن لقاءه مع السفير التركي اينان اوزيلديز تمحور حول نقل المياه من تركيا، في ظل الجفاف الذي سيضرب لبنان في الأشهر المقبلة، لافتاً إلى أن على مجلس الوزراء الطلب من الحكومة التركية نقل المياه إلى لبنان، فنحن سلطة تشريعية ليس من اختصاصنا التفاوض وعقد الاتفاقيات بل من اختصاص مجلس الوزراء الذي عليه التحرك لحل هذا الملف.