بلدية بيروت تسعى لتذليل عقبات «مسلخ الشويفات»

يوسف الصّايغ

في سياق خطواتها الهادفة إلى إقامة مسلخ في الشويفات يكون بديلاً عن مسلخ بيروت المعروف بمسلخ الكرنتينا، كلّفت بلدية بيروت في اجتماعها الأخير مكتب نقيب المهندسين خالد شهاب وضع الدراسات الهندسية لإنشاء المسلخ الحديث على العقارات التي استملكتها البلدية في الشويفات، مع تبيان إمكانية استخدام الهنغار والمباني القائمة في العقارات لتلك الغاية، بالإضافة إلى وضع دفتر الشروط والمواصفات والإشراف على تنفيذ الأعمال.

هذه الخطوة لاقت اعتراض أهالي الشويفات وفعالياتها السياسية والاجتماعية الذين وقفوا إلى جانب البلدية في رفضها لخطوة إقامة المسلخ في المدينة.

وبحسب ما يشرح المسؤول الإعلامي لبلدية الشويفات جاد حيدر لـ «البناء»، فإنّ بلدية بيروت «لم تتواصل مع بلدية الشويفات أو تبلغها بقرارها القاضي بإنشاء المسلخ على الأرض التي قامت بشرائها قبل عدة أشهر، من دون معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت ببلدية بيروت إلى تملُّك مساحة الأرض في الشويفات، وعلمنا من وسائل الإعلام نية بلدية بيروت إنشاء المسلخ في مدينتنا».

وأكد حيدر «أنّ قرار رفض إقامة المسلخ يلقى إجماعاً سياسياً وشعبياً على غرار الإجماع الذي حصل إبان قرار إنشاء مطمر للنفايات عند شاطىء كوستابرافا قبل عدة أشهر، ولهذه الغاية عقدت بلدية مدينة الشويفات وهيئات المجتمع المدني وأحزاب المدينة اجتماعاً في مقرّ البلدية، حضره إلى جانب رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، رئيس بلدية الشويفات ملحم السوقي، وممثلون عن أحزاب: القومي، الديمقراطي، الشيوعي والاشتراكي، بالإضافة إلى ممثلي الجمعيات الأهلية والأندية الرياضية في المدينة، حيث أكد أرسلان والمجتمعون رفضهم، بالإجماع، قرار إنشاء المسلخ».

وأضاف: «أكد المجتمعون ضرورة قيام البلدية بتوجيه كتاب رسمي إلى وزارة الداخلية والبلديات، لتأكيد اعتراضها إلى جانب جميع المشاركين في الاجتماع، على إقامة مسلخ في النطاق البلدي للمدينة، وشدّد الجميع على أنّ الشويفات مدينة قدمت الكثير للوطن وأهله، ولا يكون ردّ الجميل عبر إنشاء مطمر للنفايات أو مسلخ في نطاقها البلدي، آملين من الدولة والسلطات الرسمية المختصة، استبدال هذين المشروعين بمشاريع إنمائية يستفيد منها أبناء مدينة باتت تضمُّ أكثر من 650 ألف نسمة».

معالجة على أعلى المستويات

في المقابل، أشار رئيس بلدية بيروت الدكتور بلال حمد في حديث لـ «البناء» إلى أنه سيتم التنسيق مع رئيس وأعضاء بلدية الشويفات «الذين نكنُّ لهم كلّ الاحترام، كما سنشرح لهم الهدف من إقامة المشروع هناك، حيث توجد المزارع وكلّ المواشي التي تصل إلى المرفأ يتم نقلها إلى الشويفات تمهيداً لنقلها وذبحها في المسلخ، وعليه جاءت هذه الخطوة بإقامة المسلخ في المكان حيث توجد المواشي».

ولفت حمد إلى «أنّ المسالخ الحديثة تختلف من حيث التجهيزات والتقنيات عن تلك القديمة التي تخلق المشاكل للمناطق المجاورة لها وبالتالي من الممكن إقامة مستشفى بجانب المسلخ، ونحن من خلال هذا المشروع نهدف إلى تسليمها إلى شركات خاصة من خلال المناقصات بحيث تتولى تشغيل وإدارة هذه المنشآت، حسب المعايير الدولية».

أما في ما يتعلق بالمسلخ الحالي، أشار رئيس بلدية بيروت إلى أنه «يوجد على أرض تعود ملكيتها للدولة اللبنانية، وقبل الحرب كان هناك مخطط لإقامة مسلخ على عقار قريب من مكان وجود المسلخ الموقت حالياً، لكنّ هذا العقار دخل إليه المتقاتلون وتمّ تدمير تجهيزاته وحالياً يتواجد فيه الجيش، لذلك تمّت إقامة هذا المسلخ بشكل موقت على هذا العقار الذي قدمته الدولة لبلدية بيروت».

وحول ما يتم تداوله عن وجود خطط لإقامة مُجمَّع رياضي مكان المسلخ الحالي، أكد حمد «أنّ الدولة لها الحقّ في إقامة أي مشروع على العقار الذي تعود ملكيته إليها»، آملاً «أن تتم إقامة مشروع يخدم المواطن بالدرجة الأولى وقد تكون إحدى المشاريع حديقة عامة أو ملاعب رياضية. المهم أن يكون للمنفعة العامة، وحالياً لا توجد أي خطط ونحن أنهينا عملية ترميم المسلخ بمعايير عالية، ولا تزال لدينا معالجة بقايا الذبائح والموضوع يُعالج عند محافظ بيروت، بانتظار الانتقال إلى المسلخ الحديث».

مشروع رياضي في الكرنتينا

في شهر آذار من العام الماضي، وافقت بلدية بيروت على شراء أرض في منطقة الأمراء ـ الشويفات لبناء مسلخ للعاصمة بيروت، بهدف حلّ مشكلة المسلخ الموجود في منطقة المدوّر ـ الكرنتينا الذي تمّ إقفاله لعدم استيفائه الشروط الصحية، بحسب التقارير الصادرة عن وزارات الصحة والزراعة والبيئة، بالإضافة إلى المنظمة العالمية للأغذية «فاو»، والتي أكدت أنّ مسلخ بيروت، والذي يعمل بشكل موقت منذ عشرين عاماً، لا يستوفي الشروط الصحية المطلوبة، كما وصف وزير الصحة وائل أبو فاعور مسلخ بيروت بأنه «مسلخ للبشر قبل الحيوانات، فهو لا يستوفي فقط الشروط الصحية بل الشروط الشرعية أيضاً».

في سياق متصل، تفيد معلومات بأنّ الهدف من وراء خطوة نقل المسلخ من الكرنتينا لا تعود لأسباب صحية وبيئية فقط، بل هناك حديث عن وجود عدد من المشاريع لتأهيل منطقة الكرنتينا من بينها مخطط لإنشاء مركز رياضي، بدعم من بعض أعضاء بلدية بيروت، كما تشير إلى أنّ انتقال المسلخ من الكرنتينا سينعكس ارتفاعاً في أسعار العقارات والأملاك المحيطة به بحيث ستصبح هدفاً لتجار العقارات.

شبيب تدخَّل لمواجهة التهديدات بالاستقالة

في تشرين الثاني من العام 2014 تمّ إقفال مسلخ بيروت، بموجب قرار صادر عن محافظ بيروت زياد شبيب، إلى حين الانتهاء من أعمال التأهيل والترميم، كما تمّ تكليف مصلحتي الهندسة والمسالخ في البلدية اقتراح مواقع بديلة لإقامة مسلخ حديث، فوقع الاختيار على مدينة الشويفات حيث توجد معظم مزارع الأبقار، كما أنه على مقربة من مكان إقامة غالبية القصّابين العاملين في المسلخ ، لكنّ وضع المسالخ الحالية في مدنية الشويفات ليس أفضل حالاً من باقي المسالخ الموجودة في باقي المناطق اللبنانية، حيث طلب وزيرا الصحة العامة وائل أبو فاعور والزراعة أكرم شهيب من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في تشرين الثاني الماضي الإيعاز لمن يلزم بإقفال 6 مزارع ومسالخ في الشويفات، بعدما تبين بنتيجة الكشف عليها أنها غير مستوفية للشروط الصحية المطلوبة.

في سياق متصل، برز رفض بعض أعضاء بلدية بيروت لإعادة فتح المسلخ بعد انتهاء مدة التأهيل مُهدِّدين بتقديم استقالاتهم، ما استدعى تدخُّل المحافظ شبيب الذي أكد لهم أنّ المسلخ الجديد لن يكون في منطقة الكرنتينا، خصوصاً أنهم يعارضون إقامة المسلخ الحديث في موقعه الحالي، وهو الأمر الذي دفعهم خلال السنوات الماضية إلى تأخير قرار تأهيل المسلخ بسبب تخوفهم من أن يؤدي ذلك إلى عدم نقله من مكانه الحالي، لكنّ هناك من يشير إلى العلاقة بين رفض بعض الأعضاء إقامة المسلخ والمشروع الرياضي ـ السياحي المُقرَّر إقامته بدلاً من المسلخ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى