سامي مهدي يردّ «ألف ليلة وليلة» إلى أصله العراقيّ

كتب هشام عودة من عمّان: يردّ الشاعر سامي مهدي أشهر كتاب في التاريخ العربي «ألف ليلة وليلة» إلى أصله العربي العراقي، وهو موضوع ظلّ في دائرة المسكوت عنه في معظم الدراسات التي تناولت «ألف ليلة وليلة»، إن لم نقل جميعها، والتي تحدثت عن الأصل الفارسي للكتاب.

يعتبر كتاب «ألف ليلة وليلة»، كما وصفه الشاعر مهدي، أحد أهم مأثوراتنا الثقافية، إذ حاز على شهرة عالمية واسعة، وكان له تأثير كبير في الأدب الأوربي، غير أنه شاع في الأوساط الثقافية، العربية منها والأجنبية، أن هذا الكتاب مترجم عن أصل فارسي يدعى «هزار أفسانة» أو «هزار أفسان»، ومعناها «ألف خرافة»، ثم ظهر من يدعي أن كتاب «مائة ليلة وليلة» كان أسبق منه في الظهور، وهذا وذاك ما يعارضه مهدي، ففي رأيه أن الكتاب ليس مترجماً عن أصل أجنبي، بل هو في أصله كتاب عراقي مؤلف باللغة العربية، مشيرا إلى أن كتابه الجديد «ألف ليلة وليلة… كتاب عراقي أصيل» يمثل محاولة للكشف عن هذه الحقيقة، وتفنيد تلك الإشاعة، وتثبيت أسبقية كتاب «ألف ليلة وليلة» على كتاب «مائة ليلة وليلة». ويضيف مهدي أن ثمة مشروعاً لترجمة كتابه الجديد «ألف ليلة وليلة كتاب عراقي أصيل» إلى ثلاث لغات، هي الإنكليزية والإسبانية والفرنسية، ونشره في الخارج ، مؤكداً أن الترجمة الإنكليزية جارية، والإسبانية عند خط الشروع، والمحاولات جارية للاتفاق على من يقوم بترجمته إلى الفرنسية. ويحاول المؤلف في بحثه هذا إعادة قراءة النصوص القديمة التي استنتج منها المستشرقون، ثم الباحثون العرب، أن كتاب «ألف ليلة وليلة» مترجم عن أصل فارسي، فالمؤلف يرى أن المستشرقين ومن تبعهم من الباحثين العرب أخطأوا في قراءة النصوص القديمة، ولا سيما نص المسعودي في كتابه «مروج الذهب»، وابن النديم في كتابه «الفهرست»، ويكشف عن هذا الخطأ.

ثم يفرق بين كتاب «ألف ليلة وليلة» وكتاب «هزار أفسان» ويستنتج، بعد تقديم المزيد من الأدلة والقرائن، أن لكتاب «ألف ليلة وليلة» أمّاً قديمة ألفت في العراق باللغة العربية الفصحى، ثم انتقلت إلى الشام ومصر، وحرّفها الرواة الشعبيون وأدخلوا عليها زيادات ليست من أصل الكتاب.

حول ما إذا كان كتابه الجديد الصادر حديثاً لدى دار «ميزوبوتاميا للنشر والتوزيع»، يستطيع إزاحة ما شاع عن أصل «ألف ليلة وليلة»، يقول الشاعر سامي مهدي إنه أمر صعب ويحتاج إلى مزيد من الوقت، لكنه سيهز القناعة الراسخة ويضع رأياً مجاوراً للرأي الإستشراقي قد يحفز آخرين على المضي فيه. ويضيف: «إنني لم أؤلف هذا الكتاب عن تعصب قومي أو وطني، بل عن قناعة تولدت لدي عندما عدت إلى «مروج الذهب» و«الفهرست» وقرأتهما قراءة فاحصة».

مثقفون عراقيون أشادوا بفكرة الكتاب ورسالته، فرأى عبدالرحمن عناد أن الحاجة قائمة إلى مراجعات نقدية تاريخية كهذه تعتمد الموضوعية والابتعاد عن الانحياز المجرد، فيما رأى د. فهمي الصالح أن تثبيت الأصل العراقي للكتاب إنجاز مهم جداً، وقال زيد الحلي: «بعدما اختلطت الشائعة بالإشاعة، والحقيقة بالمتخيّل، والموروث بالواقع، تأتي هذه الدراسة لتمثل مدخلاً لفك أحجية «ألف ليلة وليلة» ويقول الشاعر وليد الصراف: «إن الحكايات في معظمها تدور في بغداد، وتفاصيلها بغدادية تشفّ عن قلم عراقي صاحبه من عامة الناس، جائع الى الطعام والجنس والحياة الرخية، فجنح إلى الخيال. وأضافت أقلام أخرى عراقية إلى الكتاب وطرحت منه حتى استوى عملا عظيما نباهي به الأمم».

يؤكد الشاعر سامي مهدي أن كتابه جديد في موضوعه ولم يسبقه إليه أي باحث قبلاً، لافتاً إلى أن الباحثين العرب والأجانب قرأوا «ألف ليلة وليلة» قراءة خاطئة، وأنه قرأ الكتاب في نصه الأصلي، أي ما أطلق عليه «أمه القديمة»، نافياً أن تكون دراسته من باب التعصب، بل من باب البحث عن الحقيقة الضائعة، مشيراً إلى أنه أول كتاب يتحدث عن النص العربي وليس مترجماً عن الفارسية وغيرها.

الكتاب وصفه مثقفون عراقيون بأنه بحث جريء يعيد الاعتبار إلى أحد أهم المنجزات الثقافية العربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى